للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسْتَحَقَّ النَّفَقَةَ.

ثُمَّ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى تَقْسِيمِ الْحَدِّ فِي حَقِّهِ (عَلَى ضَرْبَيْنِ مُحْصَنٍ) وَهُوَ مَنْ اسْتَكْمَلَ الشُّرُوطَ الْآتِيَةَ: (وَغَيْرِ مُحْصَنٍ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا. (فَالْمُحْصَنُ) وَالْمُحْصَنَةُ كُلٌّ مِنْهُمَا (حَدُّهُ الرَّجْمُ) حَتَّى يَمُوتَ بِالْإِجْمَاعِ وَتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ فِيهِ كَرَجْمِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ. وَقُرِئَ شَاذًّا " وَالشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ " وَهَذِهِ نُسِخَ لَفْظُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا. وَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَحْزَابِ كَمَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَلَوْ زَنَى قَبْلَ إحْصَانِهِ وَلَمْ يُحَدَّ ثُمَّ زَنَى بَعْدَهُ ثَمَّ رُجِمَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ فِي اللِّعَانِ، وَأَرْسَلَ فِيهَا فِي بَابِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَجْهَيْنِ مُصَحَّحَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِتَرْجِيحٍ.

وَصَحَّحَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الرَّاجِحَ مَا صَحَّحَاهُ فِي اللِّعَانِ، وَهُوَ الْمُصَحَّحُ فِي التَّنْبِيهِ أَيْضًا، وَمَشَيْتُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ. (وَغَيْرُ الْمُحْصَنِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إذَا كَانَ حُرًّا (حَدُّهُ مِائَةُ جَلْدَةٍ) لِآيَةِ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] أَيْ وِلَاءً فَلَوْ فَرَّقَهَا نُظِرَ فَإِنْ لَمْ يَزَلْ الْأَلَمُ لَمْ يَضُرَّ. وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ خَمْسِينَ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ ضَرَّ، وَعُلِّلَ بِأَنَّ الْخَمْسِينَ حَدُّ الرَّقِيقِ وَسُمِّيَ جَلْدًا لِوُصُولِهِ إلَى الْجِلْدِ. (وَتَغْرِيبُ عَامٍ) لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِذَلِكَ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الَّذِي أَبَاحَ الْبَعْضُ حِلَّهُ فَلَا ... حَدَّ بِهِ وَلِلطَّرِيقِ اشْتَمَلَا

وَشُبْهَةٌ لِفَاعِلٍ كَأَنْ أَتَى ... لِحُرْمَةٍ يَظُنُّ حِلًّا مُثْبَتَا

ذَاتَ اشْتِرَاكٍ أَلْحِقَنْ وَسَمِّيَنْ ... هَذَا الْأَخْيَرَ بِالْمَحَلِّ فَاعْلَمَنْ

وَمِثَالُ الْأَوَّلِ كَالنِّكَاحِ بِلَا شُهُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عِنْدَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبِلَا وَلِيٍّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا حَدَّ عَلَى الْفَاعِلِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ التَّحْرِيمَ دَمِيرِيٌّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ حَكَمَ حَاكِمٌ فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَفُرِّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَزِمَهُمَا الْحَدُّ أَيْ بِالْوَطْءِ بَعْدَ التَّفْرِيقِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا فِي جَارِيَةِ بَيْتِ الْمَالِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ شُبْهَةِ الْمَحَلِّ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي هَذِهِ الْجَارِيَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ شُبْهَةُ النَّفَقَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ لَهُ شُبْهَةً فِي تِلْكَ الْأَمَةِ فِي الْجُمْلَةِ، لِأَنَّ الْإِمَامَ رُبَّمَا بَاعَ الْجَارِيَةَ وَصَرَفَ ثَمَنَهَا لِحَاجَتِهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْإِعْفَافَ) أَيْ التَّزْوِيجَ

قَوْلُهُ: (ثُمَّ هُوَ) أَيْ الزَّانِي عَلَى ضَرْبَيْنِ جَعَلَ الشَّارِحُ " عَلَى ضَرْبَيْنِ " خَبَرًا لِلَّذِي قَدَّرَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ الزَّانِي الَّذِي فِي الْمَتْنِ وَلَمْ يُقَدِّرْ لَهُ خَبَرًا وَلَا يُقَالُ: هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرٌ عَنْهُ لِأَنَّ " ثُمَّ " تَمْنَعُ مِنْ الْإِخْبَارِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الِانْقِطَاعَ وَالِاسْتِئْنَافَ، وَالْخَبَرُ يَقْتَضِي التَّعَلُّقَ. قَوْلُهُ: (مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَاعِزًا زَنَى بِالْغَامِدِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَهِيَ زَنَتْ بِرَجُلٍ آخَرَ، رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: «كَانَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ فِي حِجْرِ أَبِي هَزَّالٍ فَأَصَابَ جَارِيَةً مِنْ الْحَيِّ تُسَمَّى فَاطِمَةَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَكَانَتْ أَمَةً لِأَبِي هَزَّالٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو هَزَّالٍ: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعْت لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ لَك، فَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَاعِزٍ قَبْلَ رَجْمِهِ لَوْ سَتَرْتَهُ بِتَوْبَتِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ» اهـ. س ل وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ: مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ لَيْسَتْ قِصَّتُهُمَا وَاحِدَةً بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قِصَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ؛ مَاعِزٌ زَنَى بِالْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْغَامِدِيَّةُ زَنَتْ بِرَجُلٍ آخَرَ وَجَمَعَهُمَا فِي قَوْلِهِ: قِصَّةُ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ أَيْ قِصَّةُ رَجْمِهِمَا، وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ قِصَّةٌ وَأَنَّ مَاعِزًا لَمْ يَزْنِ بِالْغَامِدِيَّةِ، وَالْغَامِدِيَّةُ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ حَيٍّ مِنْ الْأَزْدِ وَفِي حَدِيثِهَا «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ» يَعْنِي الْمَكَّاسَ وَهُوَ الْعَشَّارُ الَّذِي يَأْخُذُ الْعُشْرَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ رُجِمَ) أَيْ وَيُقَسَّطُ التَّعْزِيرُ، شَرْحَ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا عُقُوبَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقُولُ بِانْدِرَاجِ الْجَلْدِ فِي الرَّجْمِ.

قَوْلُهُ: (وَأَرْسَلَ) أَيْ أَطْلَقَ فِيهَا وَجْهَيْنِ أَيْ دُخُولَ الْجَلْدِ فِي الرَّجْمِ وَعَدَمَ دُخُولِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ إنْ زَالَ الْأَلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَتَغْرِيبُ عَامٍ) وَشُرُوطُ التَّغْرِيبِ سِتَّةٌ: أَنْ يَكُونَ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَأَنْ يَكُونَ عَامًا، وَأَنْ يَكُونَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقُ، وَأَنْ يَكُونَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>