للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرَّمْيُ لِشَخْصٍ بِإِيلَاجِ ذَكَرِهِ أَوْ حَشَفَةٍ مِنْهُ، فِي فَرْجٍ مَعَ وَصْفِ الْإِيلَاجِ بِتَحْرِيمٍ مُطْلَقٌ، أَوْ الرَّمْيُ بِإِيلَاجِ ذَكَرٍ، أَوْ حَشَفَةٍ فِي دُبُرٍ صَرِيحٌ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْوَصْفُ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْقُبُلِ دُونَ الدُّبُرِ لِأَنَّ الْإِيلَاجَ فِي الدُّبُرِ لَا يَكُونُ إلَّا حَرَامًا، فَإِنْ لَمْ يُوصَفْ الْأَوَّلُ بِالتَّحْرِيمِ، فَلَيْسَ صَرِيحًا لِصِدْقِهِ بِالْحَلَالِ بِخِلَافِ الثَّانِي. وَأَمَّا اللَّفْظُ الثَّانِي وَهُوَ الْكِنَايَةُ فَكَقَوْلِهِ: زَنَأْت بِالْهَمْزِ فِي الْجَبَلِ أَوْ السُّلَّمِ، أَوْ نَحْوِهِ فَهُوَ كِنَايَةٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الصُّعُودَ. وَزَنَيْت بِالْيَاءِ فِي الْجَبَلِ صَرِيحٌ لِلظُّهُورِ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ فِي الدَّارِ وَذِكْرُ الْجَبَلِ يَصْلُحُ فِيهِ إرَادَةُ مَحَلِّهِ فَلَا يَنْصَرِفُ الصَّرِيحُ عَنْ مَوْضُوعِهِ وَكَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ: يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ يَا خَبِيثُ. وَلِامْرَأَةٍ: يَا فَاجِرَةُ، يَا فَاسِقَةُ يَا خَبِيثَةُ. وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ، أَوْ الظُّلْمَةَ، أَوْ لَا تَرُدِّينَ يَدَ لَامِسٍ.

وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ يَا لُوطِيُّ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ، أَوْ كِنَايَةٌ؟ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: يَا لَائِطُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَلَوْ قَالَ لَهُ يَا بِغَاءُ، أَوْ لَهَا يَا قَحْبَةُ فَهُوَ كِنَايَةٌ. وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَحْبَةٍ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَأَفْتَى أَيْضًا بِصَرَاحَةِ يَا مُخَنَّثُ لِلْعُرْفِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنْ أَنْكَرَ شَخْصٌ فِي الْكِنَايَةِ إرَادَةَ قَذْفٍ بِهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمُرَادِهِ فَيُحَلَّفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ قَذْفَهُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ثُمَّ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لِلْإِيذَاءِ.

وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا خَرَجَ لَفْظُهُ، مَخْرَجَ السَّبِّ وَالذَّمِّ، وَإِلَّا فَلَا تَعْزِيرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَأَمَّا اللَّفْظُ الثَّالِثُ وَهُوَ التَّعْرِيضُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى أَنَّهُ لَا لَحْنَ لِأَنَّ التَّأْنِيثَ بِاعْتِبَارِ النَّسَمَةِ وَالتَّذْكِيرَ بِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ

قَوْلُهُ وَالرَّمْيُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ أَوْ الرَّمْيُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ صَرِيحٌ خَبَرٌ عَنْهُمَا وَصُورَةُ الْأُولَى أَنْ يَقُولَ أَوْلَجْتَ ذَكَرَكَ أَوْ حَشَفَةَ ذَكَرِكَ فِي قُبُلٍ إيلَاجًا مُحَرَّمًا تَحْرِيمًا مُطْلَقًا أَوْ فِي كُلِّ حَالٍ وَوَقْتٍ وَصُورَةُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ أَوْلَجْتَ ذَكَرَكَ أَوْ حَشَفَةَ ذَكَرِك فِي دُبُرٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إيلَاجًا مُحَرَّمًا فَهُوَ صَرِيحٌ بِشَرْطِ أَنْ يُضِيفَ الدُّبُرَ إلَى ذَكَرٍ أَوْ خُنْثَى أَوْ أُنْثَى خَلِيَّةٍ بِأَنْ يَقُولَ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ أَوْ خُنْثَى أَوْ أُنْثَى خَلِيَّةٍ فَإِنْ قَالَ مُزَوَّجَةً فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا إلَّا إذَا قَالَ إيلَاجًا مُحَرَّمًا تَحْرِيمًا عَلَى وَجْهِ اللِّوَاطِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِاحْتِمَالِ دُبُرِ زَوْجَتِهِ فَلَا يَكُونُ قَذْفًا يُوجِبُ الْحَدَّ بَلْ فِيهِ التَّعْزِيرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ دُبُرَ أُنْثَى مُزَوَّجَةٍ غَيْرِ زَوْجَتِهِ فَيَكُونَ قَذْفًا يَقْتَضِي الْحَدَّ قَوْلُهُ فِي فَرْجٍ أَيْ قُبُلٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ قَوْلُهُ مُطْلَقٍ أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْعَارِضِ كَالْإِيلَاجِ فِي فَرْجِ زَوْجَتِهِ الْحَائِضِ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ مُطْلَقَ التَّحْرِيمِ صَادِقٌ بِالتَّحْرِيمِ لِعَارِضٍ فَلَا يَصِيرُ بِهِ صَرِيحًا وَقَالَ م د وَيُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِتَحْرِيمٍ مُطْلَقٍ مَعْنَاهُ مُقَيَّدٌ بِالْإِطْلَاقِ بِأَنْ يَرْمِيَهُ بِإِيلَاجِ حَشَفَتِهِ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ مُطْلَقًا أَيْ فِي كُلِّ حَالٍ قَوْلُهُ فِي دُبُرٍ فِيهِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي دُبُرِ زَوْجَتِهِ وَلَا حَدَّ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ صَرِيحًا قَالَ م ر وَمَعَ ذَلِكَ أَيْ صَرَاحَتِهِ إذَا قَالَ أَرَدْتُ دُبُرَ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ فَيُعَزَّرُ وَلَا حَدَّ شَرْحَ م ر فِي بَابِ اللِّعَانِ قَوْلُهُ فِي الْقُبُلِ أَيْ فِي الْإِيلَاجِ فِي الْقُبُلِ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ إنَّمَا هُوَ وَصْفُ الْإِيلَاجِ بِالتَّحْرِيمِ دُونَ الْقُبُلِ

قَوْلُهُ فِي الْجَبَلِ بِخِلَافِ زَنَأْت بِالْهَمْزِ فِي الْبَيْتِ فَصَرِيحٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَجٌ يُصْعَدُ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَكُونُ أَبْدَلَ الْيَاءَ هَمْزَةً وَعِبَارَةُ م ر فِي بَابِ اللِّعَانِ بِخِلَافِ زَنَأْت بِالْهَمْزِ فِي الْبَيْتِ فَصَرِيحٌ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ بِمَعْنَى الصُّعُودِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ دَرَجٌ يُصْعَدُ فِيهِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صَرَاحَتُهُ أَيْضًا اهـ بِحُرُوفِهِ قَوْلُهُ لِلظُّهُورِ فِيهِ أَيْ فِي الْقَذْفِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الزِّنَا وَإِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا

قَوْلُهُ وَكَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ زَنَأْت إلَخْ

قَوْلُهُ أَوْ لَا تَرُدِّينَ يَدَ لَامِسٍ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ سُرْعَةِ الْإِجَابَةِ

قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ يَا بِغَاءُ مِنْ الْبِغَاءِ بِالْمَدِّ وَهُوَ الزِّنَا يُقَالُ بَغَتْ الْمَرْأَةُ تَبْغِي فَهِيَ بَغِيَّةٌ وَهُوَ وَصْفٌ خَاصٌّ بِالْمَرْأَةِ وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ بَغِيٌّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ يَا بِغَاءُ مِنْ الْبَغْيِ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فَلِذَلِكَ كَانَ كِنَايَةً

قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) نَظَرًا إلَى أَنَّ التَّخَنُّثَ التَّكَسُّرُ وَالْقَوْلُ بِصَرَاحَتِهِ نَظَرٌ لِاشْتِهَارِهِ فِيمَنْ يَتَّصِفُ بِالْفِعْلِ فِيهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ يَا بِغَاءُ كِنَايَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَكَذَا يَا مُخَنَّثُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَوْلُهُ: يَا عَاهِرُ يَا عِلْقُ كِنَايَةٌ لَكِنْ يُعَزَّرُ إنْ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ أج لِأَنَّ الْعِلْقَ فِي اللُّغَةِ الشَّيْءُ النَّفِيسُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَنْكَرَ شَخْصٌ إلَخْ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَلَا يَخْرُجُ مَخْرَجَ الذَّمِّ بِأَنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمَزْحِ أَيْ بِأَنْ كَانَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>