للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَيُحْكَمُ لِلصَّبِيِّ) أَيْ لِلصَّغِيرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى (بِالْإِسْلَامِ عِنْدَ وُجُودِ) أَحَدِ (ثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ) : أَوَّلِهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (أَنْ يُسْلِمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ) .

وَالْمَجْنُونُ وَإِنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ، كَالصَّغِيرِ بِأَنْ يَعْلَقَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ ثُمَّ يُسْلِمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حَالًّا سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ وَضْعِهِ أَمْ بَعْدَهُ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ وَقَبْلَ بُلُوغِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: ٢١] . تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُسْلِمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يُوهِمُ قَصْرَهُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ. وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ فِي مَعْنَى الْأَبَوَيْنِ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ إنْ لَمْ يَكُونُوا وَارِثِينَ وَكَانَ الْأَقْرَبُ حَيًّا. فَإِنْ قِيلَ: إطْلَاقُ ذَلِكَ يَقْتَضِي إسْلَامَ جَمِيعِ الْأَطْفَالِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِمْ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. أُجِيبُ: بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَدٍّ يُعْرَفُ النَّسَبُ إلَيْهِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا التَّوَارُثُ، وَبِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ فِي الْيَهُودِيَّةِ، وَالنَّصْرَانِيَّةِ حُكْمٌ جَدِيدٌ وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، وَالْمَجْنُونُ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ كَالصَّغِيرِ فِي تَبَعِيَّةِ أَحَدِ أُصُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ إنْ بَلَغَ مَجْنُونًا. وَكَذَا إنْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ فِي الْأَصَحِّ وَإِذَا حَدَثَ لِلْأَبِ وَلَدٌ بَعْدَ مَوْتِ الْجَدِّ مُسْلِمًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِأَنَّهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ لِبَيْتِ الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (وَيُحْكَمُ لِلصَّبِيِّ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ حَاصِلُهُ هَلْ لِإِسْلَامِ الصَّبِيِّ سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُ إسْلَامِ أَبِيهِ الْمُتَقَدِّمِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَسْبَابٍ وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْحَمْلُ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ جُنَّ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ اهـ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَعْلَقْ بَيْنَ كَافِرَيْنِ) تَصْوِيرٌ لِقَوْلِهِ أَنْ يُسْلِمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ أَيْ تَحْمِلَ بِهِ أُمُّهُ حَالَةَ كُفْرِهَا، وَكُفْرِ أَبِيهِ وَسَائِرُ أُصُولِهِ ثُمَّ يُسْلِمُ أَحَدٌ مِنْ أُصُولِهِ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ أَوْ بَعْدَهُ إلَخْ م د وَهَذَا التَّصْوِيرُ أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ ظَاهِرٌ فِي الْمُنْفَصِلِ وَالتَّصْوِيرُ شَامِلٌ لِلْحَمْلِ فَهُوَ مِنْ تَصْوِيرِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ. قَوْلُهُ: (وَأَتْبَعْنَاهُمْ) هُوَ مَحَلُّ الشَّاهِدِ.

قَوْلُهُ: (بِإِسْلَامِ أَبِيهِمْ آدَمَ) كَذَا فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ جَدُّهُمْ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُؤَلِّفِ التَّعْبِيرَ بِالْجَدِّ لِكَوْنِهِ حَقِيقَةً وَمَا ذَكَرَهُ مَجَازٌ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. قُلْت: إنَّ هَذَا الشَّيْءَ عَجِيبٌ كَيْفَ تَسْتَقِيمُ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةُ مَعَ إطْبَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ أَبْلَغُ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَهَلْ الشَّارِحُ مُتَعَبِّدٌ بِعِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ مُوَافَقَتُهَا كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ إطْلَاقُ الْأَبِ عَلَى آدَمَ كَثِيرًا فَلَا وَجْهَ لِلْأَوْلَوِيَّةِ اهـ. قَوْلُهُ: (أُجِيبَ إلَخْ) حَاصِلُهُ جَوَابَانِ: الْأَوَّلُ بِالْمَنْعِ وَالثَّانِي بِالتَّسْلِيمِ. فَحَاصِلُ الْأَوَّلِ مَنْعُ قَوْلِهِ: إنَّ الْأَجْدَادَ تَشْمَلُ آدَمَ لِأَنَّ الْمُرَادَ جَدٌّ أَوْ جَدَّةٌ يُعْرَفُ النَّسَبُ إلَيْهِ لَا مُطْلَقُ جَدٍّ وَلَا جَدَّةٍ، وَحَاصِلُ الثَّانِي سَلَّمْنَا أَنَّ الْأَجْدَادَ تَشْمَلُ آدَمَ وَحَوَّاءَ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ تَبَعِيَّةِ الصَّغِيرِ لَهُمَا مَانِعٌ وَهُوَ أَنَّ أَبَاهُ وَأُمَّهُ هَوَّدَاهُ أَوْ نَصَّرَاهُ.

قَوْلُهُ: (فِي جَدٍّ يُعْرَفُ) أَوْ جَدَّةٍ وَالْمُرَادُ النَّسَبُ اللُّغَوِيُّ.

قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا التَّوَارُثُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الِانْتِسَابِ وَلَوْ لُغَوِيًّا كَمَا فِي الْأُمِّ ق ل وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّوَارُثُ وَلَوْ بِالرَّحِمِ.

قَوْلُهُ: (وَبِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ فِي الْيَهُودِيَّةِ) جَوَابٌ آخَرُ قَاطِعٌ لِحُكْمِ تَبَعِيَّةِ آدَمَ فِي الْإِسْلَامِ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَحَلُّ التَّبَعِيَّةِ إنْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الْمَانِعُ وَهُوَ تَهَوُّدُ آبَائِهِمْ لَهُمْ وَتَنَصُّرُهُمْ لَهُمْ وَإِلَّا انْقَطَعَتْ وَهَذَا الْجَوَابُ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَدَّ الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَأَبُوهُ كَافِرًا أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ الْجَدَّ لِكَوْنِ الْأَبِ هَوَّدَهُ أَوْ نَصَّرَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (حُكْمٌ جَدِيدٌ) أَيْ طَارِئٌ بِالْوِلَادَةِ وَالْإِسْلَامُ حُكْمٌ أَصْلِيٌّ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ أَيْ فَهَذَا الْحُكْمُ قَدْ تَوَسَّطَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَأَوْلَادِهِ فَقَطَعَ التَّبَعِيَّةَ هَذَا وَجْهُ الْجَوَابِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ إلَخْ) هَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى كَوْنِهِ حُكْمًا جَدِيدًا أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ» إلَخْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ حُكْمٌ جَدِيدٌ لِخَبَرِ وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالْمَجْنُونُ) هَذَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ فَتَكُونُ الْغَايَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ لِلرَّدِّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا حَدَثَ لِلْأَبِ) أَيْ الْكَافِرِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَوْتِ الْجَدِّ مُسْلِمًا) الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ أَسْلَمَ فَإِنَّ ابْنَ الِابْنِ يَتْبَعُهُ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْجَدِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>