للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَسِيرًا مُنْتَشِرًا أَوْ تَاجِرًا أَوْ مُجْتَازًا تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ. وَلِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَلَا يُغَيَّرُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الِاسْتِلْحَاقِ وَلَكِنْ لَا يَكْفِي اجْتِيَازُهُ بِدَارِ كُفْرٍ. بِخِلَافِهِ بِدَارِنَا لِحُرْمَتِهَا وَلَوْ نَفَاهُ مُسْلِمٌ. قُبِلَ فِي نَفْيِ نَسَبه لَا نَفْيِ إسْلَامِهِ أَمَّا إذَا اسْتَلْحَقَهُ الْكَافِرُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ وُجِدَ اللَّقِيطُ بِمَحَلٍّ مَنْسُوبٍ لِلْكُفَّارِ لَيْسَ بِهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ كَافِرٌ. تَنْبِيهٌ اقْتِصَارُهُ كَغَيْرِهِ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَأَشْبَهَ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونَ وَهُمَا لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُمَا اتِّفَاقًا وَلِأَنَّ نُطْقَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ إمَّا خَبَرٌ وَإِمَّا إنْشَاءٌ، فَإِنْ كَانَ خَبَرًا فَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَإِنْ كَانَ إنْشَاءً فَهُوَ كَعُقُودِهِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَأَمَّا إسْلَامُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وَقْتِهِ فَقِيلَ: إنَّهُ كَانَ بَالِغًا حِينَ أَسْلَمَ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقِيلَ: إنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ.

وَأَجَابَ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ: بِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا صَارَتْ مُعَلَّقَةً بِالْبُلُوغِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا نِيطَتْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ عَامَ الْخَنْدَقِ، فَقَدْ تَكُونُ مَنُوطَةً قَبْلَ ذَلِكَ بِسِنِّ التَّمْيِيزِ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُتَنَفَّلُ بِهِ وَعَلَى هَذَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ لِئَلَّا يَفْتِنَانِهِ. وَهَذِهِ الْحَيْلُولَةُ مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، فَيَتَلَطَّفُ بِوَالِدَيْهِ لِيُؤْخَذَ مِنْهُمَا فَإِنْ أَبَيَا فَلَا حَيْلُولَةَ.

تَتِمَّةٌ فِي أَطْفَالِ الْكُفَّارِ: إذَا مَاتُوا وَلَمْ يَتَلَفَّظُوا بِالْإِسْلَامِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لِأَنَّ كُلَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالْأَصَالَةِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ دَارَ إسْلَامٍ وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْهَا الْكُفَّارُ الْآنَ. فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حُرْمَةً لَهَا ع ش.

قَوْلُهُ: (بِهِ مُسْلِمٌ) أَيْ بِالْمَحَلِّ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ دَارَ الْإِسْلَامِ أَوْ دَارَ الْكُفْرِ. كَمَا فِي الْمَحَلِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ.

قَوْلُهُ: (مُنْتَشِرًا) أَيْ غَيْرَ مَحْبُوسٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مُجْتَازًا) لَمَّا كَانَ شَامِلًا لِاجْتِيَازِهِ بِدَارِ الْكُفْرِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ. مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي اجْتِيَازُهُ بِدَارِ الْكُفْرِ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَلَكِنْ لَا يَكْفِي إلَخْ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَوْ مُجْتَازًا أَيْ بِدَارِنَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ مَعَ إيهَامِهِ خِلَافَ الْمُرَادِ. قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَلَوْ بِدَارِ كُفْرٍ.

قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ كَافِرٌ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ لَا يَكْفِي اجْتِيَازُهُ) أَيْ مُرُورُ الْمُسْلِمِ بِدَارِ كُفْرٍ أَيْ بِالْأَصَالَةِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ دَارَ إسْلَامٍ اسْتَوْلَتْ عَلَيْهَا الْكُفَّارُ الْآنَ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حُرْمَةً لَهَا ع ش. وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ: فِيمَا سَبَقَ آنِفًا وَلَوْ مُجْتَازًا لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهِ بِدَارِنَا) فِيهِ أَنَّ اجْتِيَازَهُ بِدَارِنَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِوُجُودِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا خَرِبَتْ بَلْدَةٌ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مُسْلِمٌ أَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْكُفَّارُ ثُمَّ إنَّهُ مَرَّ بِهَا مُسْلِمٌ وَوُجِدَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَقِيطٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَفَاهُ مُسْلِمٌ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ نَفَاهُ الْمُسْلِمُ أَيْ الْمُتَقَدِّمُ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَوَهَّمُ.

قَوْلُهُ: (الْمَذْكُورَةِ) وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ: وَيُحْكَمُ لِلصَّبِيِّ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَ وُجُودِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ الصَّغِيرِ) أَيْ إذَا أَسْلَمَ هُوَ بِنَفْسِهِ أَيْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَأَجَابَ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ) أَيْ عَنْ إسْلَامِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ.

قَوْلُهُ: (إنَّمَا نِيطَتْ) أَيْ عَلِقَتْ.

قَوْلُهُ: (فَقَدْ تَكُونُ) الْمُنَاسِبُ فَقَدْ كَانَتْ عِبَارَةُ م ر. فَقَدْ كَانَتْ مَنُوطَةً إلَخْ وَهِيَ أَوْلَى. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُضَارِعِ الْمَاضِيَ اهـ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَالْقِيَاسِ) أَيْ قِيَاسِ صِحَّةِ إسْلَامِ الْمُمَيِّزِ عَلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِ مَثَلًا لَا يَصِحُّ.

قَوْلُهُ: (لَا يَتَنَفَّلُ) بِالْفَاءِ أَيْ لَا يَقَعُ نَفْلًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى كَوْنِهِ يَصِحُّ إسْلَامُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَفْتِنَانِهِ) صَوَابُهُ لِئَلَّا يَفْتِنَاهُ بِحَذْفِ نُونِ الرَّفْعِ لِلنَّصْبِ.

قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ) تَقَدَّمَ مَا فِي هَذِهِ التَّتِمَّةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَفِي فَصْلِ الرِّدَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَلَفَّظُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>