للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَدَنَةٍ» وَسَوَاءٌ اتَّفَقُوا فِي نَوْعِ الْقُرْبَةِ أَوْ اخْتَلَفُوا كَمَا إذَا قَصَدَ بَعْضُهُمْ التَّضْحِيَةَ وَبَعْضُهُمْ الْهَدْيَ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ اللَّحْمَ، وَبَعْضُهُمْ الْأُضْحِيَّةَ وَلَهُمْ قِسْمَةُ اللَّحْمِ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ قِسْمَةُ إفْرَازٍ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (وَ) كَذَا الْبَقَرَةُ تُجْزِئُ (عَنْ سَبْعَةٍ) لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ. تَنْبِيهٌ:

لَا يَخْتَصُّ إجْزَاءُ الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ بِالتَّضْحِيَةِ، بَلْ لَوْ لَزِمَ شَخْصًا سَبْعُ شِيَاهٍ بِأَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَوَاتِ وَمُبَاشَرَةِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ جَازَ عَنْ ذَلِكَ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ.

(وَ) تُجْزِئُ (الشَّاةُ) الْمُعَيَّنَةُ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ (عَنْ وَاحِدٍ) فَقَطْ فَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِهِ أَوْ عَنْهُ وَأَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِهَا جَازَ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ: «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ لِذَلِكَ الْخَبَرُ الصَّحِيحِ فِي الْمُوَطَّإِ: أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ: كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً " وَخَرَجَ بِمُعَيَّنَةٍ الِاشْتِرَاكُ فِي شَاتَيْنِ مُشَاعَتَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ لَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِوَاجِبٍ.

قَوْلُهُ: (كَمَا إذَا قَصَدَ بَعْضُهُمْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ السُّبُعُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ إلَّا أَنْ يَذْبَحَ عَلَى قَصْدِ الْأُضْحِيَّةِ فَلَوْ ذَبَحَ لَا بِهَذَا الْقَصْدِ لَمْ يُجْزِ كَأَنْ ذُبِحَتْ لِغَيْرِ التَّضْحِيَةِ ثُمَّ اشْتَرَى وَاحِدٌ سُبُعَهَا أُضْحِيَّةً لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ هُوَ مَقْصُودُ التَّضْحِيَةِ. اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ لَا قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ وَلَا رَدَّ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ بَيْعُ طَرِيِّ اللَّحْمِ بِطَرِيِّهِ لِأَنَّهُمَا بَيْعٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْبَقَرَةُ) أَيْ الْمُعَيَّنَةُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اشْتَرَكَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَتَيْنِ أَوْ بَقَرَتَيْنِ، مُشَاعَتَيْنِ. فَلَا يَكْفِي لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَمْ يُصِبْهُ سُبُعٌ، مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ فَإِنْ ذَبَحَ الْبَدَنَةَ أَوْ الْبَقَرَةَ عَنْ الشَّاةِ كَانَ السُّبُعُ وَاجِبًا وَمَا زَادَ تَطَوُّعٌ وَكَذَا إذَا اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ مَعَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُرِدْ الْأُضْحِيَّةَ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ سُبُعِهِ، وَلَا يَكْفِي تَصَدُّقُ وَاحِدٍ عَنْ الْجَمِيعِ. وَكَذَا لَوْ ضَحَّى بِسَبْعِ شِيَاهٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ سَبْعِ أَضَاحٍ. فَإِنْ قُلْت: لِأَيِّ شَيْءٍ الْبَدَنَةُ تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةُ تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِي الْإِبِلِ الطَّعْنُ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَاكْتُفِيَ فِي الْبَقَرِ بِالطَّعْنِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَمَا النُّكْتَةُ وَمَا الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ. قُلْت لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَحْمَ الْإِبِلِ دُونَ لَحْمِ الْبَقَرِ فِي الطِّيبِ وَالْحُسْنِ وَالْقِيمَةِ فَاشْتُرِطَ فِي الْإِبِلِ زِيَادَةُ السِّنِّ لِتَكُونَ الزِّيَادَةُ جَابِرَةً لِلنَّقْصِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الضَّأْنَ وَالْمَعْزَ كُلُّ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ وَمَعَ ذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِي الْمَعْزِ الطَّعْنُ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالضَّأْنِ الطَّعْنُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ اهـ. خَضِرٌ.

قَوْلُهُ: (لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ.

قَوْلُهُ: (وَمُبَاشَرَةُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ) أَيْ وَتَرْكِ الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ وَالْمِيقَاتِ.

قَوْلُهُ: (وَتُجْزِئُ الشَّاةُ) فَإِنْ قُلْت إنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمَا بَعْدَهُ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْهُ، وَعَنْ أَهْلِهِ أَوْ عَنْهُ وَأَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِهَا جَازَ. أُجِيبُ: بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ لِأَنَّ قَوْلَهُ هُنَا عَنْ وَاحِدٍ أَيْ مِنْ حَيْثُ حُصُولِ التَّضْحِيَةِ حَقِيقَةً وَمَا بَعْدَهُ الْحَاصِلُ لِلْغَيْرِ إنَّمَا هُوَ سُقُوطُ الطَّلَبِ عَنْهُ، وَأَمَّا الثَّوَابُ وَالتَّضْحِيَةُ حَقِيقَةً فَخَاصَّانِ بِالْفَاعِلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ مُسِخَتْ الشَّاةُ بَعِيرًا أَوْ عَكْسِهِ هَلْ يُجْزِئُ فِي الْأُولَى عَنْ سَبْعَةٍ وَلَا يُجْزِئُ الْبَعِيرُ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ أَوْ لَا. الْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْمَسْخَ هَلْ هُوَ تَغْيِيرُ صِفَةٍ أَوْ ذَاتٍ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ: لَا تُجْزِئُ الشَّاةُ الْمَمْسُوخَةُ بَعِيرًا إلَّا عَنْ وَاحِدٍ وَيُجْزِئُ الْبَعِيرُ الْمَمْسُوخُ إلَى الشَّاةِ عَنْ سَبْعَةٍ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي: انْعَكَسَ الْحَالُ لِأَنَّ ذَاتَ الشَّاةِ الْمَمْسُوخَةِ إلَى الْبَعِيرِ ذَاتُ بَعِيرٍ وَالْبَعِيرِ الْمَمْسُوخِ إلَى الشَّاةِ ذَاتُ شَاةٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (جَازَ) وَمَعَ ذَلِكَ يَخْتَصُّ الثَّوَابُ بِهِ وَيَسْقُطُ الطَّلَبُ عَنْهُمْ م د وَز ي. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ حُمِلَ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الثَّوَابَ لِلْأُمَّةِ حَاصِلٌ بِهَذَا التَّشْرِيكِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ بِهِ الِاسْتِدْلَال عَلَى مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ الثَّوَابُ خَاصٌّ بِالْفَاعِلِ فَقَطْ وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمُضَحِّي وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْقَصْدُ الِاسْتِدْلَال مِنْ جِهَةِ صِحَّةِ التَّضْحِيَةِ مَعَ هَذَا الْقَصْدِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ حُصُولِ الثَّوَابِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ اخْتَصَّ النَّبِيُّ بِزِيَادَةٍ وَهُوَ حُصُولُ الثَّوَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>