للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: ٨] الْآيَةَ، «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَرْبَابِهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا لِيَتَمَكَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْكَمَالِ وَيَتَخَلَّصَ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَاخْتِلَافِ الْأَيْدِي. (وَيَفْتَقِرُ الْقَاسِمُ) أَيْ الَّذِي يُنَصِّبُهُ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي (إلَى سَبْعَةِ شَرَائِطَ) وَزِيدَ عَلَيْهَا شَرَائِطُ أُخَرَ كَمَا سَتَعْرِفُهَا وَهِيَ (الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَالْعَدَالَةُ) لِأَنَّ ذَلِكَ وِلَايَةٌ وَمَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِمَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ. (وَ) عِلْمُ الْمِسَاحَةِ وَعِلْمُ (الْحِسَابِ) لِاسْتِدْعَائِهَا لِلْمِسَاحَةِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَإِنَّمَا شُرِطَ عِلْمُهُمَا لِأَنَّهُمَا آلَةُ الْقِسْمَةِ كَمَا أَنَّ النَّفَقَةَ آلَةُ الْقَضَاءِ وَاعْتَبَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَفِيفًا عَنْ الطَّمَعِ حَتَّى لَا يَرْتَشِيَ وَلَا يَخُونَ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأُمِّ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ التَّقْوِيمِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا لَا يُشْتَرَطُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ جَزَمَ بِاسْتِحْبَابِهِ الْقَاضِيَانِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ الْعَدَالَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَاسْتُفِيدَ مِنْهُ اشْتِرَاطُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالنُّطْقِ وَالضَّبْطِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْإِسْلَامِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ بَلْ وَيَسْتَغْنِي عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ أَيْضًا بِالْعَدَالَةِ.

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاسِمُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اخْتَلَفَ أَجْزَاؤُهُ فِي الصُّورَةِ وَالْقِيمَةِ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَقِسْمَةُ الرَّدِّ وَهِيَ مَا يُحْتَاجُ فِي قِسْمَتِهِ إلَى رَدِّ مَالٍ أَجْنَبِيٍّ، وَلِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ:

يَا نَفْسُ لَا تَطْلُبِي مَا لَا سَبِيلَ لَهُ ... قَدْ قَسَمَ الرِّزْقَ بَيْنَ الْقَوْمِ قَسَّامُ

أَلَا تَرَيْنَ فَوَاكِهَ الْأَسْوَاقِ قَدْ وُضِعَتْ ... لِلتِّينِ قَوْمٌ وَلِلْجُمَّيْزِ أَقْوَامُ

وَقَالَ آخَرُ:

تَمُوتُ الْأُسْدُ فِي الْغَابَاتِ جُوعًا ... وَلَحْمُ الضَّأْنِ مَأْكُولُ الْكِلَابِ

قَوْلُهُ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: ٨] أَيْ قِسْمَةَ الْمَوَارِيثِ.

قَوْلُهُ: (وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ) أَشَارَ إلَى أَنَّ لَهَا دَلِيلًا عَقْلِيًّا.

قَوْلُهُ: (الْمِسَاحَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ طُرُقُ اسْتِعْلَامِ الْمَجْهُولَاتِ الْعَدَدِيَّةِ الْعَارِضَةِ لِلْمَقَادِيرِ أَيْ كَطَرِيقِ مَعْرِفَةِ الْقُلَّتَيْنِ بِخِلَافِ الْعَدَدِيَّةِ فَقَطْ فَإِنَّ عِلْمَهَا يَكُونُ بِالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ. اهـ. ح ل. وَهِيَ قِسْمٌ مِنْ الْحِسَابِ فَعَطْفُهُ عَلَيْهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ.

قَوْلُهُ: (لِاسْتِدْعَائِهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ أَيْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَيُغْنِي عَنْ هَذَا التَّعْلِيلِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَإِنَّمَا شُرِطَ عِلْمُهُمَا لِأَنَّهُمَا آلَةُ الْقِسْمَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ م ر.

قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ) يَعْنِي أَنَّ الْمِسَاحَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْقِسْمَةَ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا شُرِطَ عِلْمُهُمَا) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: لِاسْتِدْعَائِهَا لِلْمِسَاحَةِ. قَوْلُهُ: (مَعَ ذَلِكَ) أَيْ الشُّرُوطِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ عَفِيفًا عَنْ الطَّمَعِ) لَمْ يُشْتَرَطْ هَذَا فِي الْقَاضِي. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (مَعْرِفَةُ التَّقْوِيمِ) أَيْ تَقْدِيرُ قِيَمِ الْأَشْيَاءِ. قَوْلُهُ (بِاسْتِحْبَابِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ مَعْرِفَةِ التَّقْوِيمِ.

قَوْلُهُ: (تُقْبَلُ) الْأَوْلَى وَأَنْ تُقْبَلَ لِيَصِحَّ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (السَّمْعِ وَالْبَصَرِ) لِأَنَّ غَيْرَ السَّمِيعِ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّمْعِ. وَغَيْرَ الْبَصِيرِ، لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَصَرِ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَالنُّطْقِ) أَيْ وَعَدَمُ تُهْمَةٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ عَدَاوَةٌ لَا أَصْلِيَّةٌ، وَلَا فَرْعِيَّةٌ، وَلَا سَيِّدِيَّةٌ. لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَضَاءِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (إذْ لَا بُدَّ) يُتَأَمَّلُ هَذَا التَّعْلِيلُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ " أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِلِاشْتِرَاطِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: لَاسْتُفِيدَ مِنْهُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَيَسْتَغْنِي عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ) تَرَقٍّ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَتْنِ وَغَرَضُهُ بِهِ أَنَّ ذِكْرَ الْإِسْلَامِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إمَّا بِالْعَدَالَةِ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا أَوْ بِقَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُتَقَدِّمِ لَكِنَّ الِاعْتِرَاضَ بِالْمُتَأَخِّرِ لَيْسَ مُتَوَجِّهًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>