للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُسْتَحَبُّ. (إذَا سَأَلَهَا الْعَبْدُ) مِنْ سَيِّدِهِ (وَكَانَ مَأْمُونًا) أَيْ أَمِينًا فِيمَا يَكْسِبُهُ بِحَيْثُ لَا يُضَيِّعُهُ فِي مَعْصِيَةٍ. (مُكْتَسِبًا) أَيْ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْخَيْرَ فِي الْآيَةِ. وَاعْتُبِرَتْ الْأَمَانَةُ لِئَلَّا يَضِيعَ مَا يُحَصِّلُهُ فَلَا يَعْتِقُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ لِيُوثَقَ بِتَحْصِيلِ النُّجُومِ، وَتُفَارِقُ الْإِيتَاءَ حَيْثُ أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ مِنْ الْوُجُوبِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ، وَأَحْوَالُ الشَّرْعِ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا كَالزَّكَاةِ. تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ مُكْتَسِبًا قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ أَيُّ كَسْبٍ كَانَ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى كَسْبٍ يُوَفِّي مَا الْتَزَمَهُ مِنْ النُّجُومِ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ السُّؤَالُ، وَالْأَمَانَةُ، وَالْقُدْرَةُ، عَلَى الْكَسْبِ فَمُبَاحَةٌ إذْ لَا يَقْوَى رَجَاءُ الْعِتْقِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَلَبَهَا) غَايَةٌ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ لَا فِي الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّ طَلَبَهَا شَرْطٌ فِيهِ وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا إذَا طَلَبَهَا الرَّقِيقُ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: ٣٣] إلَخْ فَحَمَلَ الْأَمْرَ عَلَى الْوُجُوبِ.

قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ) أَيْ فِي عَدَمِ وُجُوبِهِ لَا فِي اسْتِحْبَابِهِ فَلَيْسَ مَقِيسَةً عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّ اسْتِحْبَابَهَا بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] وَالتَّدْبِيرُ لَيْسَ سُنَّةً كَمَا قَالَهُ زي لَكِنْ بِخَطِّ الْمَيْدَانِيِّ فَإِنَّ التَّدْبِيرَ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ اهـ م د. قَوْلُهُ: (وَتَتَحَكَّمُ الْمَمَالِيكُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ. قَوْلُهُ: (إذَا سَأَلَهَا) قَيَّدَ لِيُؤَكِّدَهَا فَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهَا فَهِيَ مَسْنُونَةٌ عَنْ غَيْرِ تَأَكُّدٍ بِخِلَافِ الشَّرْطَيْنِ بَعْدَهُ فَهُمَا لِلِاسْتِحْبَابِ. فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا كَانَتْ مُبَاحَةً. قَوْلُهُ: (الْعَبْدُ) أَيْ الرَّقِيقُ وَلَوْ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يُضَيِّعُهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ مَنْ لَا يُضَيِّعُ الْمَالَ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا كَتَرْكِهِ نَحْوَ صَلَاةٍ شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (مُكْتَسِبًا) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ: الرِّقُّ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ سَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَلِيقَ بِهِ الْكَسْبُ أح اهـ.

قَوْلُهُ: (أَيْ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ) أَيْ الَّذِي يَفِي بِمُؤْنَتِهِ وَنُجُومِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ شَرْحٌ م ر. قَوْلُهُ:

(وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَعَمَّتْ وَالْمُرَادُ بِمَا تَضَمَّنَتَاهُ مِنْ الْأَمَانَةِ وَالْكَسْبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: (الْخَيْرَ فِي الْآيَةِ) وَيُطْلَقُ الْخَيْرُ أَيْضًا عَلَى الْمَالِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨] وَعَلَى الْعَمَلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَاعْتُبِرَ الْأَمَانَةُ) لَمَّا كَانَتْ عِلَّةُ الْأَمَانَةِ وَاحِدَةً قَدَّمَهَا عَلَى عِلَّةِ الطَّلَبِ، وَالْكَسْبِ لِاشْتِرَاكِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا فَكَانَ الْأَوَّلُ كَالْمُفْرَدِ وَالثَّانِي كَالْمُرَكَّبِ ع ش. قَوْلُهُ: (وَتُفَارِقُ) أَيْ الْكِتَابَةُ حَيْثُ أُجْرِيَ الْأَمْرُ فِيهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فَكَاتِبُوهُمْ إلَخْ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ: فَكَاتِبُوهُمْ وَقَوْلِهِ: وَآتُوهُمْ حَيْثُ حَمَلُوا الْأَوَّلَ عَلَى النَّدْبِ وَالثَّانِي عَلَى الْوُجُوبِ. فَهَلَّا كَانَا لِلْوُجُوبِ أَوْ لِلنَّدَبِ أَجَابَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَتُفَارِقُ إلَخْ اهـ أج. قَوْلُهُ: (وَأَحْوَالُ الشَّرْعِ) أَيْ قَوَاعِدُهُ.

قَوْلُهُ: (أَيَّ كَسْبٍ) بِنَصْبِ أَيَّ خَبَرَ كَانَ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أَنَّ أَيْ وَلَوْ كَانَ كَسْبًا قَلِيلًا لَا يَفِي اهـ.

قَوْلُهُ: (قَادِرًا عَلَى كَسْبٍ إلَخْ) : هَلْ وَلَوْ لَمْ يَلْقَ بِهِ الْكَسْبَ كَأَنْ كَانَ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ وَسَأَلَ الْكِتَابَةَ وَعَلِمَ السَّيِّدُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْكَسْبُ إلَّا مِنْ جِهَةٍ لَا تَلِيقُ بِهِ كَزِبَالَةٍ مَثَلًا أَوْ كَحِجَامَةٍ، قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الرِّقَّ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ سَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كِتَابَتُهُ كَذَلِكَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا اهـ أج.

قَوْلُهُ: (فَمُبَاحَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى قَيْدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ مُبَاحَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ إذْ الصَّحِيحُ أَنَّهَا سُنَّةٌ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا الْعَبْدُ لَا مُبَاحَةٌ وَمُتَأَكِّدَةٌ إذَا طَلَبَهَا ح ل وَجَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ بِكَرَاهَةِ كِتَابَةِ عَبْدٍ يُضَيِّعُ كَسْبَهُ فِي الْفِسْقِ وَاسْتِيلَاءِ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ يَمْنَعُهُ قَالَ: وَقَدْ يَنْتَهِي الْحَالُ إلَى التَّحْرِيمِ حَيْثُ تُفْضِي كِتَابَتُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَسَرِقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>