للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْوَلَاءِ، وَكِتَابَةُ مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ خَلَّفَ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ صَحَّتْ فِي كُلِّهِ أَوْ مِثْلَ قِيمَتِهِ فَفِي ثُلُثَيْهِ أَوْ لَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَهُ فَفِي ثُلُثِهِ وَشَرْطٌ فِي الرَّقِيقِ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي اخْتِيَارٌ وَعَدَمُ صِبًا وَجُنُونٍ وَأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَشَرْطٌ فِي الصِّيغَةِ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْكِتَابَةِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ إيجَابًا كَكَاتَبْتُكَ أَوْ أَنْتَ مُكَاتَبٌ عَلَى كَذَا كَأَلْفٍ مُنَجَّمًا مَعَ قَوْلِهِ إذَا أَدَّيْته مَثَلًا فَأَنْتَ حُرٌّ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً وَقَبُولًا كَقَبِلْتُ ذَلِكَ وَشَرْطٌ فِي الْعِوَضِ وَهُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ كَوْنُهُ مَالًا كَمَا تَعَرَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تَصِحُّ) أَيْ الْكِتَابَةُ (إلَّا بِمَالٍ) فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرْضًا مَوْصُوفًا بِصِفَةِ السَّلَمِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا يَمْلِكُهَا حَتَّى يُورَدَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا (مَعْلُومٍ) عِنْدَهُمَا قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً وَنَوْعًا لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي الذِّمَّةِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ الْعِلْمُ بِذَلِكَ كَدَيْنِ السَّلَمِ، وَيَكُونُ (إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) لِيُحَصِّلَهُ وَيُؤَدِّيَهُ فَلَا تَصِحُّ بِالْحَالِ. وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ مُبَعَّضًا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ خَالَفَ الْقِيَامَ فِي وَضْعِهِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ سُنَنُ السَّلَفِ وَالْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، فَمَنْ بَعْدَهُمْ قَوْلًا وَفِعْلًا. إنَّمَا هُوَ التَّأْجِيلُ وَلَمْ يَعْقِدْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ حَالَّةً وَلَوْ جَازَ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى تَرْكِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ خُصُوصًا وَفِيهِ تَعْجِيلُ عِتْقِهِ. تَنْبِيهٌ لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةً فِي الذِّمَّةِ كَبِنَاءِ دَارَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ وَجَعَلَ لِكُلٍّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَقْتًا مَعْلُومًا جَازَ كَمَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ الْمَنَافِعُ ثَمَنًا وَأُجْرَةً، أَمَّا لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهَا. لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ ثُمَّ إنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَحْسُوبٌ مُتَعَلِّقُهَا وَهُوَ: الْمُكَاتَبُ بِالنَّظَرِ لِقِيمَتِهِ.

قَوْلُهُ: (فَفِي ثُلُثَيْهِ) كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ وَمَا يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ وَلَوْ بِالنُّجُومِ ثَلَاثُونَ فَيُقَابِلُ ثُلُثَيْهِ عِشْرُونَ وَهِيَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُهُ مَعَ مِثْلِ قِيمَتِهِ، وَهُمَا مِثْلَا ثُلُثَيْهِ. قَوْلُهُ:

(وَعَدَمُ صِبًا وَجُنُونٍ) هَلَّا قَالَ: وَتَكْلِيفٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ الْأَخْصَرُ مِنْهُ وَالْأَفْصَحُ فِي الشَّرْطِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ عَدَمِيَّةً. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَدَمِيٌّ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ رَاعَى ذَلِكَ لَقَالَ وَلَا عَدَمُ إكْرَاهٍ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ لِإِدْخَالِ السَّكْرَانِ.

قَوْلُهُ: (كَكَاتَبْتُك) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى الْجُمْلَةِ فَلَوْ قَالَ: كَاتَبْت يَدَك مَثَلًا لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا ع ش وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ لِلْبَعْضِ.

قَوْلُهُ: (مَعَ قَوْلِهِ إذَا أَدَّيْته) لِأَنَّ لَفْظَهَا يَصْلُحُ لِلْمُخَارَجَةِ فَاحْتِيجَ لِتَمْيِيزِهَا بِقَوْلِهِ: إذَا أَدَّيْته إلَخْ. وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مِثْلُهُ فَإِذَا بَرِئْت مِنْهُ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُكَ مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ. وَيَشْمَلُ بَرِئْت مِنْهُ حُصُولَ ذَلِكَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةِ الْمَلْفُوظِ بِهَا، وَفَرَاغُ الذِّمَّةِ شَامِلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ، وَالْبَرَاءَةِ بِاللَّفْظِ. شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ نِيَّةٌ) أَيْ عِنْدَ جُزْءٍ مِنْ الصِّيغَةِ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ. فَإِذَا أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ. كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ س ل. لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا التَّعْلِيقُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ سم.

قَوْلُهُ: (وَقَبُولًا) أَيْ فَوْرًا.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ) قَدْ ذَكَرَ الرَّقِيقَ أَيْضًا فِيمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: إذَا سَأَلَهَا الْعَبْدُ إلَخْ. إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَذْكُرْ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِمَّا ذُكِرَ لُزُومًا بَعْضُهُ كَانَ كَعَدَمِ ذِكْرِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَيْسَ فِي الذِّمَّةِ.

قَوْلُهُ: (مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ السَّلَمِ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ الْآتِي مَعْلُومٌ عِنْدَهُمَا إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَعْيَانَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ إنَّمَا لَمْ تَصِحَّ عَلَى عَيْنٍ لِتَوَقُّفِ إيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا عَلَى مِلْكِهَا وَالرَّقِيقُ لَا مِلْكَ لَهُ هَذَا ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ إذَا كُوتِبَ بَعْضُهُ الرَّقِيقُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ.

قَوْلُهُ: (لَا يَمْلِكُهَا) أَيْ الْعَبْدُ. قَوْلُهُ: (إلَى أَجَلٍ) أَيْ وَقْتٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ مُبَعَّضًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ مَا يُؤَدِّيهِ. قَوْلُهُ: (خَالَفَ الْقِيَاسَ) لِأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ بِمَالِهِ قَوْلُهُ: (وَالْمَأْثُورُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ إنَّمَا هُوَ التَّأْجِيلُ.

قَوْلُهُ: (مَعَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ) أَيْ فِي الْمُلَّاكِ مِنْ الصَّبْرِ وَعَدَمِهِ.

قَوْلُهُ: (تَنْبِيهٌ لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةً إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةً فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ، فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ عَلَيْهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَعْيَانَ حَتَّى يُكَاتَبَ عَلَيْهَا. وَأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُلْتَزَمَةَ فِي الذِّمَّةِ تَتَأَجَّلُ كَإِلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ كَخِدْمَتِهِ شَهْرًا فَيَتَعَيَّنُ جَعْلُهَا مِنْ الْآنِ لِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِ الْخِدْمَةِ وَالْمَنَافِعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ بِالْعَقْدِ.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>