للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصِيحٍ لِلَّهِ دَرُّ مُؤَلِّفِ هَذَا التَّأْلِيفِ الرَّائِقِ الرَّئِيسِ وَلَا شُلَّتْ يَدَا مُصَنِّفِ هَذَا التَّصْنِيفِ الْفَائِقِ النَّفِيسِ وَهَذَا الْمُؤَلَّفُ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ إمَّا عَالِمٌ مُحِبٌّ مُنْصِفٌ، فَيَشْهَدُ لِي بِالْخَيْرِ وَيَعْذُرُنِي فِيمَا عَسَى يَجِدُهُ مِنْ الْعِثَارِ الَّذِي هُوَ لَازِمُ الْإِكْثَارِ.

وَإِمَّا جَاهِلٌ مُبْغِضٌ مُتَعَسِّفٌ فَلَا اعْتِبَارَ بِوَعْوَعَتِهِ وَلَا اعْتِدَادَ بِوَسْوَسَتِهِ. وَمِثْلُهُ لَا يُعْبَأُ بِمُوَافَقَتِهِ وَلَا مُخَالَفَتِهِ. وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِذِي النَّظَرِ الَّذِي يُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ:

إذَا رَضِيَتْ عَنِّي كِرَامُ عَشِيرَتِي ... فَلَا زَالَ غَضْبَانًا عَلَيَّ لِئَامُهَا

فَإِنْ ظَفِرْتَ بِفَائِدَةٍ شَارِدَةٍ ... فَادْعُ لِي بِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ

وَإِنْ ظَفِرْتَ بِعَثْرَةِ قَلَمٍ ... فَادْعُ لِي بِالتَّجَاوُزِ وَالْمَغْفِرَةِ

وَالْعُذْرُ عِنْدَ خِيَارِ النَّاسِ مَقْبُولٌ ... وَاللُّطْفُ مِنْ شِيَمِ السَّادَاتِ مَأْمُولُ

وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهُ لِوَجْهِهِ خَالِصًا وَأَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ حِينَ يَكُونُ الظِّلُّ فِي الْآخِرَةِ قَالِصًا وَأَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ قَبُولَ الْقَبُولِ فَإِنَّهُ أَكْرَمُ مَسْئُولٍ وَأَعَزُّ مَأْمُولٍ، وَنَخْتِمُ هَذَا الشَّرْحَ بِمَا خَتَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ كِتَابَهُ الْمُحَرَّرَ بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ كَمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشَّوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُؤَلَّفِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ: نَفْسٌ أَيْ ذَاتٌ.

قَوْلُهُ: (مُنْطَلِقَةٌ) أَنَّثَهُ بِتَأْوِيلِ الْجَارِحَةِ وَلِمُرَاعَاةِ السَّجْعِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ اللِّسَانُ يَذَّكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَلَا حَاجَةَ لِتَأْوِيلِهِ بِالْجَارِحَةِ.

قَوْلُهُ: (الرَّائِقُ) أَيْ الصَّافِي مِنْ الْكَدَرَاتِ.

قَوْلُهُ: (لِلَّهِ دَرُّ إلَخْ) تَعَجُّبٌ مِنْ الدَّرِّ أَيْ اللَّبَنِ الَّذِي شَرِبَهُ مُؤَلِّفُ هَذَا التَّأْلِيفِ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ حَيْثُ نَشَأْ عَنْهُ هَذَا الْعَالِمُ الْكَامِلُ. وَإِنَّمَا نَسَبَهُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ هَذَا اللَّبَنَ الَّذِي شَرِبَهُ خَالِصٌ لِلَّهِ لَا يَشُوبُهُ رِيَاءٌ وَلَا غَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (الرَّئِيسُ) أَيْ الْكَامِلُ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ وَقَالَ فِي الْمُخْتَارِ الرَّئِيسُ بِالْهَمْزِ بِوَزْنِ فَعِيلٍ مِنْ الرِّيَاسَةِ وَيُقَالُ فِيهِ رَيِّسٌ بِيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ بِوَزْنِ قَيِّمٍ. قَوْلُهُ:

(وَلَا شَلَّتْ) الشَّلَلُ بُطْلَانُ الْعَمَلِ وَهِيَ جُمْلَةٌ دِعَائِيَّةٌ أَيْ لَا بَطَلَ عَمَلُهُمَا.

قَوْلُهُ: (فِيمَا عَسَى) عَسَى لِلِاسْتِبْعَادِ لَا لِلتَّرَجِّي، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ هُنَا وَعَسَى هُنَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَكُونُ مَجَازًا عَنْ الْمَاضِي وَقَوْلُهُ: يَجِدُهُ الظَّاهِرُ أَنَّ أَنْ مُقَدَّرَةٌ وَأَنْ وَالْفِعْلَ أَغْنَى عَنْ خَبَرِ عَسَى كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

بَعْدَ عَسَى اخْلَوْلَقَ أَوْشَكَ قَدْ يَرِدُ ... غِنًى بِأَنْ يَفْعَلَ عَنْ ثَانٍ فُقِدَ

فَتَكُونُ عَسَى هُنَا تَامَّةً.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْعِثَارِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَثْرَةٍ أَيْ زَلَّةٍ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: فَعْلٌ وَفَعْلَةٌ فِعَالٌ لَهُمَا قَوْلُهُ: (بِوَعْوَعَتِهِ) هِيَ صِيَاحٌ كَصِيَاحِ الْكِلَابِ.

قَوْلُهُ: (لَا يُعْبَأُ بِمُوَافَقَتِهِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ. .

وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ

لَكِنْ لَمَّا كَانَ جَاهِلًا وَلَمْ تُعْتَبَرْ مُوَافَقَتُهُ وَشَهَادَتُهُ كَانَ كَالْمَعْدُومِ.

قَوْلُهُ: (إذَا رَضِيَتْ إلَخْ) وَلِبَعْضِهِمْ فِي الْمَعْنَى.

دَعْهُمْ يَقُولُونَ فِينَا مَا يَلِيق بِهِمْ ... دَعْهُمْ بِيَاءٍ وَعَيْنٍ ثُمَّ وَاوَيْنِ

مَنْ قَالَ قَوْلًا فَذَاكَ الْقَوْلُ سِيمَتُهُ ... وَصْفُ الْكَلَامِ لِقَائِلِهِ بِلَا مَيْنٍ

قَوْلُهُ: (غَضْبَانًا) أَفْرَدَهُ لِلْوَزْنِ وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ غَضْبَانِينَ أَوْ يُؤَوَّلُ لِئَامُهَا بِكُلِّ لَئِيمٍ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ، فَمَا زَالَ كُلُّ لَئِيمٍ غَضْبَانًا وَاللَّئِيمُ شَحِيحُ النَّفْسِ دَنِيءُ النَّسَبِ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِعَثْرَةِ قَلَمٍ) أَضَافَ الْعَثْرَةَ لِلْقَلَمِ لِلْإِيمَاءِ إلَى أَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>