للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» وَفِيهِمَا: «اشْتَكَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» . وَالْمُرَادُ الْعِلْمُ بِخُرُوجِهِ لَا سَمْعُهُ وَلَا شَمُّهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ النَّاقِضِ فِي الصَّوْتِ وَالرِّيحِ بَلْ نَفْيَ وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِالشَّكِّ فِي خُرُوجِ الرِّيحِ، وَيُقَاسَ بِمَا فِي الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ كُلُّ خَارِجٍ مِمَّا ذَكَرَ، وَإِنْ لَمْ تَدْفَعْهُ الطَّبِيعَةُ كَعُودٍ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِيهِ.

تَنْبِيهٌ: التَّعْبِيرُ بِالسَّبِيلَيْنِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، إذْ لِلْمَرْأَةِ ثَلَاثُ مَخَارِجَ اثْنَانِ فِي قُبُلِهَا وَوَاحِدٌ مِنْ دُبُرِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ خُلِقَ لِلرَّجُلِ ذَكَرَانِ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالْخَارِجِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ، وَكَذَا لَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَفِيهِمَا) أَيْ الصَّحِيحَيْنِ قَوْلُهُ: (اشْتَكَى) هَذَا مَا فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: شَكَا بِدُونِ أَلْفِ أَوَّلِهِ وَبِدُونِ تَاءٍ بَعْدَ السِّينِ، فَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَهُ بِالْمَعْنَى. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَام فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: شَكَا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي مَنْصُوبٌ وَبِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، فَاَلَّذِي نَائِبُ فَاعِلٍ وَحِينَئِذٍ فَالْفَاعِلُ مَجْهُولٌ. اهـ اج. وَلَفْظُ الْحَدِيثِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ «عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ: أَنَّهُ شَكَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلَ الَّذِي يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَا يَنْتَقِلُ أَوْ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» . اهـ. فَقَوْلُهُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلشَّأْنِ، وَأَنْ يَكُونَ عَائِدًا عَلَى عَمِّهِ. وَقَوْلُهُ: شَكَا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَالرَّجُلُ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ، وَبِالرَّفْعِ نَائِبُ فَاعِلٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ ضَمِيرٌ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْعَمِّ وَعَلَى الثَّانِي فَهُوَ لِلشَّأْنِ، وَيُحْتَمَلُ بِنَاءُ شَكَا لِلْفَاعِلِ وَرَفْعُ الرَّجُلِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُهُ، وَضَمِيرُ أَنَّهُ لِلشَّأْنِ أَيْ أَنَّ الْحَالَ وَالشَّأْنُ شَكَا الرَّجُلُ إلَخْ. فَالشَّاكِي هُوَ الرَّجُلُ. وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالشَّاكِي، وَإِلَّا اُتُّبِعَ. وَقَوْلُهُ الَّذِي يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَيْ يُوهَمُ إلَيْهِ أَيْ يُوقَعُ فِي وَهْمِهِ. وَقَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ أَيْ الْحَدَثَ. وَقَوْلُهُ فِي الصَّلَاةِ حَالٌ مِنْ الشَّيْءِ. وَقَوْلُهُ لَا يَنْتَقِلُ بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَنْفَتِلُ. وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا يَنْصَرِفُ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي، وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ أَحَدُ رِجَالِ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ؛ لِأَنَّ الرُّوَاةَ غَيْرُهُ رَوَوْهُ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ: لَا يَنْصَرِفُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَالْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَهُوَ عَدَمُ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْفِعْلُ مَجْزُومٌ عَلَى الْمَنْهِيِّ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنْ " لَا " نَافِيَةٌ.

وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَسْمَعَ أَيْ مِنْ الدُّبُرِ وَهُوَ الضُّرَاطُ. وَقَوْلُهُ: أَوْ يَجِدَ رِيحًا أَيْ يَشُمُّهُ وَهُوَ الْفُسَاءُ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ الْحَدَثُ قَوْلُهُ: (الَّذِي) أَيْ حَالَ الَّذِي إذَا جَعَلَ شَكَا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ.

قَوْلُهُ: (يَجِدُ الشَّيْءَ) أَيْ يَتَوَهَّمُ خُرُوجَ رِيحٍ مِنْ دُبُرِهِ لِمَا قِيلَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي إلَى دُبُرِ الْمُصَلِّي وَيَجْذِبُ شَعْرَةً فَيَحْصُلُ صَوْتٌ خَفِيفٌ لِيُبْطِلَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ بِتَوَهُّمِهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ. اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ يَجِدَ رِيحًا) أَيْ يَشُمُّهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِيهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ دَخَلَ مِنْ الْفَمِ وَخَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ.

قَوْلُهُ: (جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ) يَقْتَضِي أَنَّ الرِّجَالَ أَكْثَرُ مِنْ النِّسَاءِ فَفِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ النِّسَاءَ أَكْثَرُ.

قَوْلُهُ: (إذْ لِلْمَرْأَةِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ: إذْ لِلْإِنْسَانِ إلَخْ. لِأَنَّ الرَّجُلَ كَذَلِكَ، فَلَهُ اثْنَانِ فِي الْقُبُلِ وَوَاحِدٌ لِلْبَوْلِ، وَمِنْهُ يَخْرُجُ الْمَذْيُ وَالْوَدْيُ، وَقِيلَ لَهُمَا مَخْرَجٌ مُسْتَقِلٌّ كَمَا نُقِلَ عَنْ عُلَمَاءِ التَّشْرِيحِ، وَعَلَيْهِ فَفِي الْقُبُلِ وَحْدَهُ ثَلَاثُ مَخَارِجَ، وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَالتَّعْبِيرُ بِالسَّبِيلَيْنِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَتْ الْمَجَارِي الَّتِي فِي الذَّكَرِ تَجْتَمِعُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّقْبَةِ الَّتِي فِي آخِرِ الْحَشَفَةِ كَانَ فِي الذَّكَرِ مَخْرَجٌ وَاحِدٌ، وَمَخْرَجُ مَنِيِّ الْأُنْثَى هُوَ مَدْخَلُ الذَّكَرِ، وَمَخْرَجُ الْوَلَدِ وَالْحَيْضِ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ، وَفِي ح ل مَا نَصُّهُ.

فَائِدَةٌ: ذَكَرَ عُلَمَاءُ التَّشْرِيحِ أَنَّ فِي الذَّكَرِ ثُلَاثَ مَجَارِي: مَجْرَى لِلْمَنِيِّ، وَمَجْرَى لِلْبَوْلِ وَالْوَدْيِ، وَمَجْرَى بَيْنَهُمَا لِلْمَذْيِ. اهـ.

١ -

قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ لَوْ خُلِقَ لِلرَّجُلِ ذَكَرَانِ) أَيْ أَصْلِيَّانِ بِخِلَافِ الزَّائِدِ فَإِنَّهُ لَا نَقْضَ بِالْخَارِجِ مِنْهُ أَيْ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ زَائِدٌ، وَمِنْهُ مَا لَوْ خُلِقَ لَهُ ذَكَرَانِ وَكَانَ يُمْنِي بِأَحَدِهِمَا وَيَبُولُ بِالْآخَرِ، فَمَا أَمْنَى بِهِ هُوَ الزَّائِدُ وَمَا يَبُولُ بِهِ هُوَ الْأَصْلِيُّ، أَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَالْآخَرُ أَصْلِيًّا وَاشْتَبَهَا، فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ النَّقْضَ مَنُوطٌ بِهِمَا لَا بِأَحَدِهِمَا أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>