مُنْفَصِلًا (بِبَطْنِ الْكَفِّ) مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ لِخَبَرِ: " مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ: «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ فَلْيَتَوَضَّأْ» . وَالْإِفْضَاءُ لُغَةً الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ فَثَبَتَ النَّقْضُ فِي فَرْجِ نَفْسِهِ بِالنَّصِّ، فَيَكُونُ فِي فَرْجِ غَيْرِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ لِهَتْكِ حُرْمَةِ غَيْرِهِ، بَلْ ثَبَتَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ «مَنْ مَسَّ ذَكَرًا فَلْيَتَوَضَّأْ» وَهُوَ شَامِلٌ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ عَدَمِ النَّقْضِ بِمَسِّ الْفَرْجِ فَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ إنَّهُ مَنْسُوخٌ. وَالْمُرَادُ بِبَطْنِ الْكَفِّ الرَّاحَةُ مَعَ بُطُونِ الْأَصَابِعِ، وَالْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ إنْ كَانَتْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَالنَّقْضُ بِالْمَسِّ أَوْ أُنْثَى فَالنَّقْضُ بِهِمَا إنْ كَانَ الْمَسُّ بِبَاطِنِ الْكَفِّ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أُنْثَى؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى إنْ كَانَ أُنْثَى فَالنَّقْضُ بِالْمَسِّ أَوْ ذَكَرًا فَالنَّقْضُ بِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ مَسَّ أَحَدُ مُشْكِلَيْنِ فَرْجَ صَاحِبِهِ فَمَسَّ صَاحِبُهُ ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ وُضُوءُ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ انْتَقَضَ لِمَاسِّ الذَّكَرِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ فَلِمَاسِّ الْفَرْجِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَلِكِلَيْهِمَا بِاللَّمْسِ، إلَّا أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ، وَفَائِدَةُ الِانْتِقَاضِ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَتْ بِأَحَدِهِمَا امْرَأَةٌ لَا تَقْتَدِي بِالْآخِرِ لِتَعَيُّنِهِ لِلْبُطْلَانِ، وَكَذَلِكَ لَا يَقْتَدِي أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مُنْفَصِلًا) أَيْ بِحَيْثُ يُسَمَّى ذَكَرًا أَوْ فَرْجًا كَمَا يَأْتِي. نَعَمْ لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ مِنْ رَجُلٍ أَوْ خُنْثَى فَلَا نَقْضَ كَمَا لَوْ مَسَّ شَخْصًا وَشَكَّ هَلْ هُوَ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ خُنْثَى. ق ل.
قَوْلُهُ: (مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ) . إنْ قُلْت: لِمَ قَدَّمَهُ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ نَصٌّ فِي الْمَقْصُودِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِفْضَاءَ هُوَ الْجَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ بِخِلَافِ الْمَسِّ؟ . قُلْت: كَأَنَّهُ لِكَثْرَةِ مُخَرِّجِيهِ، وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ أَصَحُّ شَيْء فِي الْبَابِ، وَأَيْضًا فَلِلتَّرَقِّي، وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي بَعْدَهُ كَالتَّفْسِيرِ لَهُ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهِ بِالْإِفْضَاءِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسِّ، وَالتَّفْسِيرُ يَكُونُ مُتَأَخِّرًا سم.
قَوْلُهُ: (سِتْرُ) بِفَتْحِ السِّينِ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَصْدَرُ وَبِكَسْرِهَا إنْ أُرِيدَ بِهِ السَّاتِرُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي وَعَطْفُ الْحِجَابِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِشُمُولِ الْحِجَابِ نَحْوَ الْقَزَازِ، فَإِنَّهُ حَاجِبٌ وَلَيْسَ بِسَاتِرٍ. وَعِبَارَةُ م ر قَوْلُهُ سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالسِّتْرِ مَا يَسْتُرُ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الرُّؤْيَةَ كَالزُّجَاجِ وَبِالْحِجَابِ مَا يَسْتُرُ وَيَمْنَعُ، فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ السِّتْرِ، فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.
قَوْلُهُ: (وَالْإِفْضَاءُ لُغَةً الْمَسُّ) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ بِيَدِهِ تَأْكِيدًا عَلَى حَدِّ أَبْصَرَ بِعَيْنِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا بَلْ قَوْلُهُ بِيَدِهِ قَيْدٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمُخْتَارِ وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ وَالْإِفْضَاءُ أَيْ الْمَعْهُودُ وَهُوَ الْإِفْضَاءُ بِالْيَدِ لَا مُطْلَقُ الْإِفْضَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ. قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: وَحَقِيقَةُ الْإِفْضَاءِ الِانْتِهَاءُ، وَأَفْضَى إلَى امْرَأَتِهِ بَاشَرَهَا أَوْ جَامَعَهَا.
قَوْلُهُ: (لُغَةً الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ) وَحِينَئِذٍ يُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ الْمَسِّ فِي بَقِيَّةِ الْأَخْبَارِ. وَاعْتَرَضَهُ الْقُونَوِيُّ بِأَنَّ الْمَسَّ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّهُ عَامٌّ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْمَسِّ بِبَطْنِ الْكَفِّ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَالْإِفْضَاءُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ، وَذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُهُ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ مُخَصِّصَةً لِعُمُومِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، ثُمَّ أَجَابَ فَقَالَ الْأَقْرَبُ ادِّعَاءُ تَخْصِيصِ عُمُومِ الْمَسِّ بِمَفْهُومِ خَبَرِ الْإِفْضَاءِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ أَفْهَمَ أَنَّ غَيْرَ الْإِفْضَاءِ لَا يَكُونُ نَاقِضًا فَنَأْخُذُ هَذَا الْمَفْهُومَ وَنُخَصِّصُ بِهِ عُمُومَ قَوْلِهِ مَنْ مَسَّ، أَوْ يُقَالُ إنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّ الْمَسَّ مُطْلَقٌ فَيُقَيَّدُ بِخَبَرِ الْإِفْضَاءِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ: (مَنْ مَسَّ ذَكَرًا) وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ سم ذَكَرَهُ.
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا خَبَرُ عَدَمِ النَّقْضِ) وَهُوَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَمَسُّ ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ؟ . فَقَالَ: هَلْ هُوَ إلَّا بَضْعَةٌ مِنْك» .
قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِبَطْنِ الْكَفِّ الرَّاحَةُ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: لَوْ خُلِقَ بِلَا كَفٍّ لَمْ يُقَدَّرْ قَدْرَهَا مِنْ الذِّرَاعِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ خُلِقَ بِلَا مَرْفِقٍ أَوْ كَعْبٍ قُدِّرَ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ ثَمَّ ضَرُورِيٌّ بِخِلَافِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا هُوَ مَظِنَّةٌ لِلشَّهْوَةِ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْكَفِّ لَا مَظِنَّةَ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْدِيرِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَلَوْ خُلِقَ لَهُ أُصْبُعٌ فِي وَسَطِ كَفِّهِ فَإِنْ سَامَتَ نَقَضَ الْبَاطِنُ دُونَ الظَّاهِرِ، وَإِنْ لَمْ يُسَامِتْ فَهُوَ كَالسِّلْعَةِ يَنْقُضُ ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَا،