للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، وَقَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الشَّخْصَ لَوْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَمْ لَا، أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا، وَأَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي امْرَأَةٍ هَلْ تَزَوَّجَهَا أَوْ لَا، لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ يَقِينُ طُهْرٍ أَوْ حَدَثٍ بِظَنِّ ضِدِّهِ، فَلَوْ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَالْحَدَثَ كَأَنْ وُجِدَا مِنْهُ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَجَهِلَ السَّابِقَ مِنْهُمَا أَخَذَ بِضِدِّ مَا قَبْلِهِمَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ سَوَاءٌ اعْتَادَ تَجْدِيدَ الطُّهْرِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، أَوْ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافٍ مَا إذَا لَمْ يَعْتَدْهُ فَلَا يَأْخُذُ بِهِ بَلْ يَأْخُذُ بِالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأَخُّرُ طُهْرِهِ عَنْ حَدَثِهِ بِخِلَافِ مَنْ اعْتَادَهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ مَا قَبْلَهُمَا فَإِنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ لِتَعَارُضِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ) الْمُنَاسِبُ فَقَدْ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ عُلَمَاءُ الشَّافِعِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ يَقِينُ طُهْرٍ) أَيْ لَا يَرْفَعُ حُكْمُ ذَلِكَ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ مَثَلًا أَيْ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ حَقِيقَتَهُ، إذْ مَعَ ظَنِّ الضِّدِّ لَا يَقِينَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَقِينٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ لَا يَرْفَعُ اسْتِصْحَابُ يَقِينٍ إلَخْ أَيْ حُكْمِهِ.

قَوْلُهُ: (طُهْرٍ) شَامِلٌ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ حَدَثٌ شَامِلٌ لِلْأَكْبَرِ. عَمِيرَةٌ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ اعْتَادَ تَجْدِيدَ الطُّهْرِ أَمْ لَا) وَتَثْبُتُ عَادَةُ التَّجْدِيدِ بِمَرَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ م ر. وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ.

قَوْلُهُ: (وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ) وَهُوَ تَأَخُّرُ الْحَدَثِ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ الرَّافِعِ أَيْ عَدَمُ تَأَخُّرِ الْحَدَثِ عَنْ الطُّهْرِ، وَهَذَا يُعَارَضُ بِالْمِثْلِ فَيُقَالُ وَتَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ، وَهُوَ تَأَخُّرُ الطُّهْرِ. وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَمَا الْمُرَجَّحُ؟ . وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي تَيَقَّنَهُ تَحَقَّقَ رَفْعُهُ لِلْحَدَثِ قَطْعًا إمَّا لِمَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ لِمَا بَعْدَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْحَدَثُ فَقَوِيَ جَانِبُهُ.

وَإِيضَاحُهُ أَنَّ أَحَدَ حَدَثَيْهِ رُفِعَ يَقِينًا، وَالْآخَرَ يُحْتَمَلُ وُقُوعُهُ قَبْلَ الطَّهَارَةِ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا أَيْضًا، وَبَعْدَهَا فَيَكُونُ نَاقِضًا لَهَا فَهِيَ مُتَيَقَّنَةٌ وَشَكَّ فِي نَاقِضِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ح ل. قَوْلُهُ: (إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ) ؛ لِأَنَّ اعْتِيَادَ التَّجْدِيدِ يُقَوِّي كَوْنَ الطَّهَارَةِ الثَّانِيَةِ تَجْدِيدًا لِلْأُولَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَتَيَقَّنُ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ) وَهُوَ تَأَخُّرِ الطُّهْرِ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ الرَّافِعِ أَيْ عَدَمُ تَأَخُّرِ الطُّهْرِ عَنْ الْحَدَثِ، وَيُعَارَضُ بِالْمِثْلِ فَيُقَالُ وَتَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ أَيْضًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَمَا الْمُرَجَّحُ؟ . وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُرَجَّحَ اعْتِيَادُ التَّجْدِيدِ الْمُقْتَضِي لِكَوْنِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ ح ل.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَدْهُ) أَيْ التَّجْدِيدَ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ ذَلِكَ أَصْلًا.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَأْخُذُ بِهِ) أَيْ بِالضِّدِّ وَهُوَ الْحَدَثُ بَلْ يَأْخُذُ بِالْمِثْلِ وَهُوَ الطُّهْرُ كَمَا ذَكَرَ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا إنْ تَذَكَّرَ مَا قَبْلَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَخْ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ) شَيْئًا فَالْوُضُوءُ أَيْ فَالْوَاجِبُ الْوُضُوءُ. بَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ قَبْلَهُمَا حَدَثًا وَطُهْرًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا فَيَنْظُرُ مَا قَبْلَهُمَا، فَإِنْ تَذَكَّرَ طُهْرًا فَقَطْ أَوْ حَدَثًا كَذَلِكَ أَخَذَ بِمِثْلِهِ أَوْ ضِدِّهِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ، فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا فِيهِ أَيْضًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا أَخَذَ بِضِدِّ مَا قَبْلَهُمَا إنْ ذَكَرَ أَحَدَهُمَا فِيهِ، وَهَكَذَا أَيْ أَخَذَ فِي الْوِتْرِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ بِضِدِّهِ إذَا ذَكَرَهُ فِي الْوِتْرِ، وَيَأْخُذُ فِي الشَّفْعِ الَّذِي فِيهِ الِاشْتِبَاهُ بِمِثْلِ الْعَدَدِ الَّذِي قَبْلَهُ مَعَ اعْتِبَارِ عَادَةِ تَجْدِيدِهِ وَعَدَمِهَا، فَإِذَا تَيَقَّنَهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَهُ وَقَبْلَ الْعِشَاءِ وَعَلِمَ أَنَّهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ مُحْدِثٌ أَخَذَ فِي الْوِتْرِ، وَهُوَ مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ، إذْ هُوَ أَوَّلُ أَوْقَاتِ الِاشْتِبَاهِ بِضِدِّ الْحَدَثِ فَيَكُونُ فِيهِ مُتَطَهِّرًا، وَفِي الشَّفْعِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ يَلِيهَا بِمِثْلِهِ فَيَكُونُ فِيهِ مُحْدِثًا إنْ اعْتَادَ تَجْدِيدًا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِيمَا بَعْدَ الْفَجْرِ مُتَطَهِّرًا فَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا فِيمَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَفِيمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ مُتَطَهِّرًا أَخَذَ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ بِضِدِّهِ، فَيَكُونُ مُحْدِثًا إلَخْ فَرَاجِعْهُ. اهـ.

وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إذَا تَيَقَّنَ طُهْرًا وَحَدَثًا بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا، وَتَيَقَّنَهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ كَذَلِكَ وَتَيَقُّنَهُمَا قَبْلَ الْعِشَاءِ كَذَلِكَ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ، أُولَاهَا مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَرَاتِبِ الشَّكِّ، وَمَا قَبْلَ الْفَجْرِ هُوَ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>