وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا مَقْطُوعًا أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْهُ لَزِمَهَا الْغُسْلُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِدْخَالِهِ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ وَسَطِهِ بِجَمْعِ طَرَفَيْهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ. انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ الْحَشَفَةُ حَيْثُ وُجِدَتْ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ يُعْرَفُ بِالْخَوَاصِّ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ. وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ. وَقَالَ ابْنُ صَلَاحٍ: لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ، وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ. وَيُؤَيِّدُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَوْلُ الْمُخْتَصَرِ: وَإِذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ الْمَاءَ الدَّافِقَ.
فَرْعٌ: لَوْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَوْ بِظَاهِرِهِ مَنِيًّا لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ، وَإِعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ لَا يُحْتَمَلُ خُلُوُّهَا عَنْهُ، وَيُسَنُّ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ اُحْتُمِلَ خُلُوُّهَا عَنْهُ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ آخَرَ نَامَ مَعَهُ فِي فِرَاشِهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُمَا الْغُسْلُ وَالْإِعَادَةُ، وَلَوْ أَحَسَّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ.
(وَ) الثَّالِثَةُ (الْمَوْتُ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَنَائِزِ لِحَدِيثِ «الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِهِ مَثَلًا وَإِذَا اغْتَسَلَ فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مَنِيٌّ فَقَالَ الْعَلَّامَةُ سم لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ مُلْزَمٌ بِهِ عَنْ اخْتِيَارِهِ أَيْ وَجَازِمٌ بِالنِّيَّةِ لِرَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَلَيْسَ كَوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ فَإِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ يَلْزَمُهُ كَوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ ق ل وَإِذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا وَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثُمَّ انْجَلَى لَهُ الْحَالُ بِأَنَّهُ وَدْيٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّ صَلَاتَهُ وَقَعَتْ مَعَ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيَلْزَمُهُ غُسْلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ لِتَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ بِانْجِلَاءِ الْحَالِ أَوْ لَا لِعَدَمِ وُجُوبِ غُسْلِهِ قَبْلَ تَبَيُّنِ الْحَالِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ لَا يَعْلَمُهَا ثُمَّ انْكَشَفَ لَهُ الْحَالُ م د
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) هَذِهِ مِنْ الْمُوجِبِ الْأَوَّلِ فَكَانَ ذِكْرُهَا مَعَهُ أَنْسَبَ ق ل. قَوْلُهُ: (مَقْطُوعًا) بَقِيَ اسْمُهُ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهَا الْغُسْلُ) خَرَجَ بِالْغُسْلِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فَقَدْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالْمَقْطُوعِ إحْصَانٌ وَلَا تَحْلِيلٌ وَلَا مَهْرٌ وَلَا حَدٌّ وَلَا عِدَّةٌ وَلَا مُصَاهَرَةٌ وَلَا إبْطَالُ إحْرَامٍ، وَيُفَارِقُ الْغُسْلَ بِأَنَّهُ أَوْسَعَ بَابًا مِنْهَا نَقَلَهُ حَجّ فِي الْإِيعَابِ وَمَا وَقَعَ فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ م ر مِمَّا يُخَالِفُهُ مَمْنُوعٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الذَّكَرِ الْمُبَانِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْحَشَفَةِ) خَبَرُ أَنَّ أَيْ كَائِنٌ وَدَائِرٌ عَلَى الْحَشَفَةِ حَيْثُ وُجِدَتْ.
قَوْلُهُ: (وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ) مُعْتَمَدٌ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِالتَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ) أَيْ رِيحِ الْعَجِينِ وَطَلْعِ النَّخْلِ رَطْبًا وَبَيَاضِ الْبَيْضِ جَافًّا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَدَفُّقٌ ح ل قَوْلُهُ: (وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ) الشَّاهِدُ فِي تَعْبِيرِ الْإِمَامِ بِالدَّافِقِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَسَاوِيَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.
قَوْلُهُ: (الدَّافِقَ) أَيْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرِّيحَ وَالتَّلَذُّذَ لَيْسَ قَيْدًا.
قَوْلُهُ: (لَوْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ) أَيْ مَنْ يُتَصَوَّرُ إنْزَالُهُ كَابْنِ تِسْعِ سِنِينَ وَمَتَى أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْغُسْلَ حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ اج.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِظَاهِرِهِ) هَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِظَاهِرِهِ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا بُدَّ، فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ م ر: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ صِحَّةُ مَا قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِهِ فِيمَا إذَا رَأَى الْمَنِيَّ فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ، فَإِنْ رَآهُ فِي ظَاهِرِهِ فَلَا غُسْلَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ ذَلِكَ النَّائِمِ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَوْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَأَنْ مَرَّ عَلَيْهِ طَائِرٌ وَهُوَ نَائِمٌ. اهـ.
قَوْلُهُ: (لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ) بِأَنْ نَامَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ إنْزَالُهُ كَالْمَمْسُوحِ. وَقَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْغُسْلُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ احْتِلَامًا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ آخَرَ) أَيْ أَوْ مِنْ نَحْوِ وَطْوَاطٍ. ق ل
قَوْلُهُ: (وَالْمَوْتُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: الْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ وَقِيلَ عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةَ فَيَكُونُ وُجُودِيًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: ٢] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قُدِّرَ وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ فَيَكُونُ التَّقَابُلُ بَيْنَ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ تَقَابُلَ الْعَدَمِ وَالْمُمْكِنِ وَعَلَى