نَحْوِهَا كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ، وَالتَّحْقِيقِ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُوجِبَهُ الِانْقِطَاعُ فَقَطْ.
(وَ) الثَّالِثَةُ (الْوِلَادَةُ) وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ؛ لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَلٍ غَالِبًا فَأُقِيمَ مَقَامَهُ كَالنَّوْمِ مَعَ الْخَارِجِ وَتُفْطِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ عَلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيَجِبُ عَلَى الزَّانِي الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَوْرًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ لِانْقِضَاءِ الْمَعْصِيَةِ بِالْفَرَاغِ مِنْ الزِّنَا، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَصَى بِالنَّجَاسَةِ لِبَقَاءِ الْعِصْيَانِ بِهَا مَا بَقِيَتْ فَوَجَبَ إزَالَتُهَا فَوْرًا شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (الْوِلَادَةُ) أَيْ انْفِصَالُ جَمِيعِ الْوَلَدِ. قَالَ سم: الْوَجْهُ فِيمَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ ثُمَّ رَجَعَ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَيَجِبُ الْوُضُوءُ. اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَكَانَ الْبَعْضُ دَاخِلًا وَالْبَعْضُ خَارِجًا هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ اتِّصَالُهُ بِنَجِسٍ مَعَ قَوْلِهِمْ بِطَهَارَةِ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ أَوْ لَا يَصِحُّ؟ . مَحَلُّ نَظَرٍ. اهـ اح. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِاتِّصَالِهِ بِنَجِسٍ.
فَرْعٌ: سُئِلَ عَمَّا لَوْ عَضَّ كَلْبٌ رَجُلًا فَخَرَجَ مِنْ فَرْجِهِ حَيَوَانٌ صَغِيرٌ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا، فَهَلْ هَذَا الْحَيَوَانُ نَجِسٌ نَظَرًا لِصُورَتِهِ؟ وَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ وِلَادَةً؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ غَيْرُ نَجِسٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ مَاءِ الْكَلْبِ. نَعَمْ مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ وَلَا كَلَامَ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ مِنْهُ غُسْلٌ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلْغُسْلِ هِيَ الْوِلَادَةُ الْمُعْتَادَةُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ نَحْوَ دُودٍ مِنْ الْجَوْفِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِسَبَبِهِ، مَعَ أَنَّهُ حَيَوَانٌ تَوَلَّدَ مِنْ الْجَوْفِ وَخَرَجَ مِنْهُ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم عَلَى حَجّ. وَشَمِلَتْ الْوِلَادَةُ وِلَادَةَ أَحَدِ تَوْأَمَيْنِ فَيَجِبُ بِهَا الْغُسْلُ وَيَصِحُّ قَبْلَ وِلَادَةِ الْآخَرِ أَيْ: حَيْثُ لَمْ تَرَ دَمًا مُعْتَبَرًا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا وِلَادَةٌ تَامَّةٌ، وَالدَّمُ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمَسْبُوقُ بِحَيْضٍ قَبْلَهُ. وَإِذَا وَلَدَتْ آخَرَ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ، وَهَكَذَا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى الْمَنْهَجِ: وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الْغُسْلِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ مِنْ ثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ بِهِ، وَمِمَّا بَحَثَهُ م ر فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَلْقَتْهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ حَيْثُ يَقَعُ فَلْيُحَرَّرْ. وَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ عَلَّتْهُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ. اهـ مَا قَالَهُ ق ل اج.
وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ أَيْ بَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَبَيْنَ ثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ. وَصُورَةُ الْفَرْقِ: أَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ مَنُوطَةٌ بِالْوِلَادَةِ، وَقَدْ حَصَلَتْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهَا الْمُعْتَادِ، وَوُجُوبُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَمْ يُوجَدْ. قُلْت: وَقَدْ يَرِدُ الْفَرْقُ وَيُقَالُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ هُنَا لِلْوِلَادَةِ لَا لِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بِقَيْدِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ، فَالْوِلَادَةُ غَيْرُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَالْغُسْلُ يَجِبُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِذَا كَانَ الْخَارِجُ مَنِيًّا تَقَيَّدَ بِمَحَلِّهِ كَمَا ذَكَرَ وَالْوِلَادَةُ لَا تَتَقَيَّدُ، إذْ الْمَقْصُودُ خُرُوجُ الْوَلَدِ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ. ذَكَرَ ذَلِكَ م د. وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي انْسِدَادِ الْفَرْجِ بَيْنَ الْأَصْلِيِّ وَالْعَارِضِ فَإِنْ كَانَ الِانْسِدَادُ أَصْلِيًّا قِيلَ لَهَا وِلَادَةٌ وَكَانَتْ مُوجِبَةً لِلْغُسْلِ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْوَلَدِ مِنْ جَنْبِهَا مَثَلًا مَعَ انْفِتَاحِ فَرْجِهَا لَا يُسَمَّى وِلَادَةً، وَشَمِلَتْ الْوِلَادَةُ مَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ اهـ. وَقَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ وِلَادَةِ مَرْيَمَ لِعِيسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلْ هِيَ مِنْ الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ أَمْ لَا؟ فَرَأَيْت الشَّيْخَ عَلِيًّا الْعَدَوِيَّ صَرَّحَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الشَّيْخِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْجَوْهَرَةِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُعْجِزَاتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ، وَعِبَارَتُهُ: وَوِلَادَةُ عِيسَى مِنْ الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ وَلَأَمَ اللَّهُ الْمَحَلَّ وَأَعَادَهُ كَمَا كَانَ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ مِنْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ مِنْ جَنْبِهَا لَا عَلَى طَرِيقِ الْوِلَادَةِ الْمُعْتَادَةِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. اهـ بِحُرُوفِهِ.
وَإِنَّمَا ذَكَرْت ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فَاحْفَظْهُ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مُدَّةِ حَمْلِ مَرْيَمَ بِعِيسَى، فَقِيلَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ، وَقِيلَ سِتَّةٌ، وَقِيلَ سَاعَةٌ، وَقِيلَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَصَرَّحَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي فَوَائِدِ الْمَشْرِقَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ بِأَنَّهُ خُلِقَ لِوَقْتِهِ وَسَاعَتِهِ الرَّاهِنَةِ، وَوَضَعَتْهُ عِنْدَ الزَّوَالِ وَهِيَ بِنْتُ عَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَتْ حَاضَتْ قَبْلَهُ حَيْضَتَيْنِ وَقِيلَ كَانَتْ بِنْتَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقِيلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَيَتَزَوَّجُ بِهَا نَبِيُّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْجَنَّةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الَأُجْهُورِيُّ الْمَالِكِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً) أَيْ أَخْبَرَ الْقَوَابِلُ بِأَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ وَلَوْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute