. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَبْحَثُ النَّحْتِ وَعِلْمُ النَّحْتِ سَمَاعِيٌّ سُمِعَ مِنْهُ نَحْوُ عَشَرَةِ أَلْفَاظٍ كَالْحَسْبَلَةِ أَيْ قَوْلُ حَسْبُنَا اللَّهُ، وَالْحَوْقَلَةِ وَالْحَيْعَلَةِ وَالطَّلْبَقَةِ مِنْ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك، وَمِنْهُ الْأَلْفَاظُ الْأَرْبَعَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهِيَ: وَاَللَّهِ مَا تَرَبْعَلْبَنْت قَطُّ أَيْ مَا أَكَلْت اللَّبَنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَلَا تَسَبْتَسْمَكْت قَطُّ أَيْ مَا أَكَلْت السَّمَكَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَلَا تَعَمْقَعْدَدْت قَطُّ أَيْ مَا تَعَمَّمْت وَأَنَا قَاعِدٌ أَيْ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَحْسِينِ الْعِمَّةِ، وَسَيِّدُنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُرِيدُ ذَلِكَ. وَلَا تَسَرْوَلْقَمْت قَطُّ أَيْ مَا لَبِسْت السَّرَاوِيلَ قَائِمًا أَيْ لِئَلَّا يَظْهَرَ شَيْءٌ مِنْ عَوْرَتِهِ، وَلَمَّا قِيلَ إنَّ لُبْسَ السَّرَاوِيلِ مِنْ قِيَامٍ يُورِثُ الْفَقْرَ كَالتَّعَمُّمِ قَاعِدًا. وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَنْ الْمُطَرِّزِيُّ فِي كِتَابِ الْيَوَاقِيتُ وَغَيْرِهِ: إنَّ الْأَفْعَالَ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ أَسْمَائِهَا سَبْعَةٌ: بَسْمَلَ إذَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ، وَسَبْحَلَ إذَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَحَوْقَلَ إذَا قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَحَيْعَلَ إذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، وَحَمْدَلَ إذَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَهَلَّلَ إذَا قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَجَعْفَدَ إذَا قَالَ جُعِلْت فِدَاك.
وَهَذَا الْبَابُ سَمَاعِيٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: (ثُمَّ بِالْحَمْدَلَةِ) أَيْ ثُمَّ ثَنَّى بِالْحَمْدَلَةِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ. قَوْلُهُ: (اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ) أَيْ وَبِغَيْرِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْقُرْآنِ أَمْرٌ بِالْإِتْيَانِ بِهِمَا عَبَّرَ فِي جَانِبِهِ بِالِاقْتِدَاءِ، وَلَمَّا كَانَ الْحَدِيثُ مُتَضَمِّنًا لِلْأَمْرِ عَبَّرَ فِي جَانِبِهِ بِالْعَمَلِ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ مَعْنَاهُ الِاتِّبَاعُ فِي الْفِعْلِ اسْتِحْسَانًا لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْمَرَ التَّابِعُ بِهِ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَإِنَّهُ الِاتِّبَاعُ مَعَ الْأَمْرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِي م د.
قَوْلُهُ: (بِخَبَرِ: كُلُّ) بِإِضَافَةِ خَبَرٍ إلَى جُمْلَةِ مَا بَعْدَهُ إضَافَةً بَيَانِيَّةً أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ، وَبِالتَّنْوِينِ عَلَى إبْدَالِ مَا بَعْدَهُ مِنْهُ وَرَفَعَ كُلَّ بِالْحِكَايَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِضَافَةُ كُلٍّ إلَى أَمْرٍ عَلَى مَعْنَى اللَّازِمِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ التَّلَفُّظُ بِهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ نِيَّةِ مِنْ أَوْ فِي، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:
وَانْوِ مِنْ أَوْ فِي إذَا ... لَمْ يَصْلُحْ إلَّا ذَاكَ وَاللَّامِ
خُذَا لِمَا سِوَى ذَيْنِك
قَوْلُهُ: (أَمْرٍ) الْأَمْرُ بِمَعْنَى الشَّأْنِ وَهُوَ أَحَدُ مَعَانِيهِ الْخَمْسَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِ دِينِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» وَيَأْتِي الْأَمْرُ بِمَعْنَى الْقِيَامَةِ وَمِنْهُ {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: ١] وَبِمَعْنَى الرَّأْيِ وَمِنْهُ {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: ٩٧] وَبِمَعْنَى الْعَذَابِ وَمِنْهُ {لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} [هود: ١٠١] وَبِمَعْنَى الطَّلَبِ وَهُوَ اقْتِضَاءُ فِعْلٍ غَيْرُ كَفٍّ أَوْ كَفُّ مَدْلُولٍ عَلَيْهِ بِكَفٍّ وَنَحْوِهِ كَدَعْ وَذَرْ وَاتْرُكْ وَجَمْعُ هَذَا أَوَامِرُ وَجَمْعُ ذَاكَ أُمُورٌ وَالْمُرَادُ هُنَا الْفِعْلُ وَهُوَ حَرَكَةُ الْبَدَنِ الشَّامِلَةُ لِلْأَقْوَالِ دُونَ التُّرُوكِ؛ إذْ الْبَسْمَلَةُ لَا تُطْلَبُ فِي التَّرْكِ كَتَرْكِ الْمَعَاصِي.
قَوْلُهُ: (ذِي بَالٍ) أَيْ صَاحِبِ بَالٍ فَهُوَ جَامِدٌ لَفْظًا مُشْتَقٌّ تَأْوِيلًا، وَلِذَلِكَ صَحَّ الْوَصْفُ بِهِ، وَالْبَالُ فِي الْأَصْلِ الْقَلْبُ وَمِنْهُ {وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} [محمد: ٥] أَيْ قُلُوبَهُمْ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الشَّأْنُ الَّذِي يَهْتَمُّ لَهُ الْقَلْبُ فَإِطْلَاقُ الْبَالِ عَلَيْهِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِ فِيهِ فَالْعَلَاقَةُ الْمَحَلِّيَّةُ أَوْ الْمُجَاوَرَةُ لِمُجَاوَرَةِ الشَّأْنِ الَّذِي يَهْتَمُّ بِهِ الْقَلْبُ لِلْقَلْبِ وَعَلَى كُلٍّ فَالْمَجَازُ مُرْسَلٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ حَيْثُ شَبَّهَ الْأَمْرَ بِذِي قَلْبٍ بِجَامِعِ الِاهْتِمَامِ بِكُلٍّ وَالِاعْتِنَاءِ وَالشَّرَفِ وَأَثْبَتَ لَهُ الْبَالَ تَخْيِيلًا وَتَنْوِينُ بَالٍ لِلتَّعْظِيمِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: ٧] فَخَرَجَ الْحَقِيرُ كَنَقْلِ الْقَدَمِ فَلَا تُطْلَبُ لَهُ الْبَسْمَلَةُ فَفِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَى الْعِبَادِ وَصَوْنٌ لِاسْمِهِ تَعَالَى عَنْ الِاقْتِرَانِ بِالْمُحَقَّرَاتِ قَالَ ح ف يُطْلَقُ الْبَالُ عَلَى الْحَالِ الَّذِي يُهْتَمُّ بِهِ شَرْعًا لَكِنَّهُ عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَسْمَلَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَمْدَلَةِ فَهُوَ خَاصٌّ بِالْأَقْوَالِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَامًّا لَاقْتَضَى طَلَبَهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْأَكْلِ مَثَلًا مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْإِتْيَانُ بِهَا عِنْدَ آخِرِهِ. اهـ. لَكِنَّ قَوْلَهُ خَاصٌّ بِالْأَقْوَالِ يَرِدُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ. قَوْلُهُ: (يُهْتَمُّ بِهِ) أَيْ شَرْعًا بِأَنْ لَا يَكُونَ مُحَرَّمًا لِذَاتِهِ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute