للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلِاعْتِكَافِ، وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ. وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَنْ يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلِدُخُولِ الْحَرَمِ وَلِحَلْقِ الْعَانَةِ. وَلِبُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالسِّنِّ وَلِدُخُولِ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، فَيَكُونُ هُوَ السَّابِعَ عَشَرَ، وَعِنْدَ سَيْلَانِ الْوَادِي وَلِتَغَيُّرِ رَائِحَةِ الْبَدَنِ، وَعِنْدَ كُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ مَجَامِعِ الْخَيْرِ، أَمَّا الْغُسْلُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَلَا يُسَنُّ لَهَا لِمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْفَصْدِ أَيْ بَعْدَهُمَا، وَالْأَقْرَبُ نَدْبُ الْغُسْلِ مِنْ الْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بَدَنُهُ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ. وَقَوْلُ م ر تَغَيُّرُ بَدَنٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لِدُخُولِهِ فَيُسَنُّ لِدَاخِلِهِ الْغُسْلُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لِلْأَثَرِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَيْهَقِيّ، وَمَعْنَاهُ إذَا دَخَلَهُ فَعَرِقَ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى يَغْتَسِلَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ خ ض. وَفِي حَاشِيَةِ الرَّحْمَانِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَيُسَنُّ الْغُسْلُ عِنْدَ دُخُولِ الْحَمَّامِ لِلتَّنْظِيفِ مِنْ الْأَعْرَاقِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِهِ، وَيُسَنُّ الْغُسْلُ أَيْضًا عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ مِنْهُ بَعْدَ الْغُسْلِ الْأَوَّلِ فَهُمَا غُسْلَانِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غُسْلُ إرَادَةِ الْخُرُوجِ بِمَاءٍ بَيْنَ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ، بَلْ إلَى الْبُرُودَةِ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ فَيَقْوَى عَلَى مُلَاقَاةِ الْهَوَاءِ بَعْدَ خُرُوجِهِ لَا بِصِرْفِ الْبَارِدِ، لَا سِيَّمَا زَمَنَ الشِّتَاءِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَوْقَعَ فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ، وَأَفْتَى الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ بِكَوْنِ الْمَاءِ الْمُغْتَسَلِ بِهِ بَعْدُ بَارِدًا صِرْفًا. قَالَ: لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُنْعِشُ الْبَدَنَ فَحَرِّرْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِيمَا تَقَدَّمَ شَيْئًا مِنْ آدَابِ الْحَمَّامِ، وَمِنْهَا تَرْكُ مَسِّ الْمَاءِ الْحَارِّ قَبْلَ الْعَرَقِ وَالصَّمْتُ، وَإِذَا خَرَجَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا سُنَّةَ الْخُرُوجِ مِنْهُ، وَكُرِهَ دُخُولُهُ قُبَيْلَ الْمَغْرِبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ انْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ، وَهُوَ مَأْوَاهَا غَالِبًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَكُرِهَ أَيْضًا صَبُّ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الرَّأْسِ دَاخِلَهُ، وَشُرْبُهُ عَقِبَهُ؛ وَفِيهِ لَا دَلْكُ غَيْرِهِ لِمُبَاحٍ مِنْ بَدَنِهِ.

قَوْلُهُ: (لِلِاعْتِكَافِ) وَإِنْ تَكَرَّرَ لَكِنْ إنْ طَالَ زَمَنُهُ عُرْفًا وَيَدْخُلُ وَقْتُ غُسْلِهِ بِإِرَادَتِهِ أَوْ بَعْدَ نِيَّتِهِ اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (بِمَنْ يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ) أَيْ جَمَاعَةَ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ إنْ لَمْ يَحْضُرْ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. أَمَّا الْغُسْلُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِشِدَّةِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِيهِ اهـ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلِدُخُولِ الْحَرَمِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ وَحَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَحَرَمُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْسَعُ مِنْ بَلْدَتِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَفِي ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ وَلِدُخُولِهِ الْمَدِينَةَ أَيْ لَا لِدُخُولِ حَرَمِهَا، فَاعْتَمَدَ عَدَمَ النَّدْبِ لِدُخُولِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَلْيُحَرَّرْ، وَفِيهِ عَلَى الشَّرْحِ قَوْلُهُ وَلِدُخُولِ الْمَدِينَةِ بَعْدَ دُخُولِهَا كَمَا فِي الْحَرَمِ، وَقِيلَ عِنْدَ إرَادَةِ دُخُولِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلِحَلْقِ الْعَانَةِ) وَكَذَا حَلْقُ الرَّأْسِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ ق ل. وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلِإِزَالَةِ الْعَانَةِ لِيَشْمَلَ إزَالَتَهَا بِغَيْرِ الْحَلْقِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ق ل. وَعِبَارَةُ الرَّحْمَانِيِّ: وَحَلْقُ الْعَانَةِ أَيْ إزَالَتُهَا، وَلَوْ بِغَيْرِ حَلْقٍ، وَالْأَفْضَلُ لِلذَّكَرِ الْحَلْقُ وَلِغَيْرِهِ النَّتْفُ، وَقَالُوا فِي حِكْمَتِهِ، إنَّهُ يُضْعِفُ الشَّهْوَةَ، وَالْحَلْقُ يُقَوِّيهَا وَعَكَسَ الْمَالِكِيَّةُ. وَقَالُوا: لِأَنَّ نَتْفَهَا يُرْخِي الْفَرْجَ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مِنْهُمْ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَغَيْرِهَا أَمَّا هِيَ فَتَنْتِفُ وَغَيْرُهَا فَتَحْلِقُ، وَالْعَانَةُ اسْمٌ لِلشَّعْرِ الَّذِي فَوْقَ الذَّكَرِ وَحَوْلَهُ وَحَوْلَ قُبُلِ الْأُنْثَى وَالْغَالِبُ نَبَاتُهَا قَبْلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً رَحْمَانِيٌّ، وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْمُعْتَدَّةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ كَمَا فِي التَّنْقِيحِ.

قَوْلُهُ: (وَلِبُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالسِّنِّ) اُنْظُرْ وَجْهَهُ، وَلَعَلَّهُ لِاحْتِمَالِ بُلُوغِهِ بِالْإِنْزَالِ قَبْلُ، وَالْمُرَادُ بِالصَّبِيِّ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلصَّبِيَّةِ كَمَا قَالُوا: إنَّ ذَلِكَ مِنْ أَسْرَارِ اللُّغَةِ، وَأَنَّ بُلُوغَهُ بِالِاحْتِلَامِ فَيُطْلَبُ مِنْهُ غُسْلَانِ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَعِنْدَ سَيْلَانِ الْوَادِي) أَيْ مِنْ الْمَطَرِ، وَكَذَا مِنْ النِّيلِ فِي أَيَّامِ الزِّيَادَةِ كُلَّ يَوْمٍ ق ل.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَجَامِعِ الْخَيْرِ) أَوْ مُبَاحٌ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْإِيعَابِ. قَالَ: لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى مَعْصِيَةٍ لَا حُرْمَةَ لَهُ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَنْعَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةً لِذَاتِهِ، فَيَخْرُجُ مَا إذَا كَانَ طَاعَةً فِي نَفْسِهِ كَحُضُورِ نَحْوِ الشَّابَّةِ لِلْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْأَمْنِ، وَحَرَامٌ مَعَ عَدَمِهِ أَوْ مَعَ عَدَمِ إذْنِ الزَّوْجِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِاسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِخَارِجٍ فَيُطْلَبُ مِنْ حَيْثُ مُطْلَقُ الِاجْتِمَاعِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُرَاعَاةِ مَصْلَحَةِ الْغَيْرِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْرُبُ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْ الْحُضُورِ فَلَا تُؤْمَرُ بِمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ الْحُضُورِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>