فَإِنَّهُ مِنْ الْأَعْلَى وَالْجَوَانِبِ لَا مِنْ الْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّ الْقَمِيصَ مَثَلًا فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ يُتَّخَذُ لِسَتْرِ أَعْلَى الْبَدَنِ، وَالْخُفُّ يُتَّخَذُ لِسَتْرِ أَسْفَلِ الرِّجْلِ، فَإِنْ قَصُرَ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْ كَانَ بِهِ تَخَرُّقٌ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ ضَرَّ
وَلَوْ تَخَرَّقَتْ الْبِطَانَةُ أَوْ الظِّهَارَةُ وَالْبَاقِي صَفِيقٌ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ، وَلَوْ تَخَرَّقَتَا مِنْ مَوْضِعَيْنِ غَيْرِ مُتَحَاذِيَيْنِ لَمْ يَضُرَّ، وَالْمُرَادُ بِالسَّتْرِ هُنَا الْحَيْلُولَةُ لَا مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ فَيَكْفِي الشَّفَّافُ عَكْسَ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا مَنْعُ نُفُوذِ الْمَاءِ وَثَمَّ مَنْعُ الرُّؤْيَةِ.
وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْخُفِّ عُسْرُ غَسْلِ الرِّجْلِ بِسَبَبِ السَّاتِرِ، وَقَدْ حَصَلَ، وَالْمَقْصُودُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ سَتْرُهَا بِجِرْمٍ عَنْ الْعُيُونِ، وَلَمْ يَحْصُلْ، وَلَا يُجْزِي مَنْسُوجٌ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ إلَى الرِّجْلِ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْخَرَزِ لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ لِعَدَمِ صَفَاقَتِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ الْخِفَافِ أَنَّهَا تَمْنَعُ النُّفُوذَ فَتَنْصَرِفُ إلَيْهَا النُّصُوصُ. الدَّالَّةُ عَلَى التَّرَخُّصِ فَيَبْقَى الْغُسْلُ وَاجِبًا فِيمَا عَدَاهَا.
(وَ) الثَّالِثُ مِنْ الشُّرُوطِ (أَنْ يَكُونَا) مَعًا (مِمَّا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ عَلَيْهِمَا) لِتَرَدُّدِ مُسَافِرٍ لِحَاجَتِهِ عِنْدَ الْحَطِّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ذَلِكَ وَقْتَ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْمُدَّةِ اهـ. فَإِنْ كَانَ وَقْتَ اللُّبْسِ مُتَنَجِّسًا وَطَهُرَ قَبْلَ الْحَدَثِ كَفَى، وَعِبَارَةُ م ر وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي وَمَنْ تَبِعَهُ فِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَسْتَفِيدُ بِهِ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ بَعْدَهُ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ أَيْ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الْمَسْحِ قَبْلَ غَسْلِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي أَيْ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَهُ الْمَسْحُ مَعَ وُجُودِ النَّجَاسَةِ فَاللُّبْسُ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقٍ، وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي صِحَّةِ الْمَسْحِ وَعَدَمِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ م ر. وَإِنْ كَانَ جُعِلَ طَاهِرًا فِي عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ حَالًا يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ اللُّبْسِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي نَجِسٌ إلَى قَوْلِهِ: وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ أَيْ لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ فَلَيْسَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا لِلُّبْسِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَخَرَّقَتْ الْبِطَانَةُ أَوْ الظِّهَارَةُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (الشَّفَّافُ) كَالزُّجَاجِ وَالْبِلَّوْرِ أَيْ: لَوْ فُرِضَ تَتَابُعُ الْمَشْيِ عَلَيْهِمَا. قَالَ خ ض: وَمِنْ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ رُؤْيَةُ الْمَبِيعِ مِنْ وَرَاءِ الزُّجَاجِ، وَهِيَ لَا تَكْفِي؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ نَفْيُ الضَّرَرِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِهَا؛ إذْ الشَّيْءُ مِنْ وَرَاءِ الزُّجَاجِ يُرَى غَالِبًا عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (مَنَعَ نُفُوذَ الْمَاءِ) أَيْ بِنَفْسِهِ فَلَوْ كَانَ مُشَمَّعًا وَمَنَعَ الشَّمْعُ نُفُوذَ الْمَاءِ لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِمَنْعِ نُفُوذِهِ عَنْ قُرْبٍ لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْخُفِّ وَسَاتِرِ الْعَوْرَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ حَصَلَ) أَيْ بِالشَّفَّافِ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَحْصُلْ) أَيْ بِالشَّفَّافِ.
قَوْلُهُ: (مَنْسُوجٌ) لَوْ أَسْقَطَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ ق ل.
قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْخَرَزِ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ نُفُوذُ الْمَاءِ مِنْ مَحَلِّ الْخَرَزِ، وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْ وُصُولِ الْمَاءِ مِنْ مَحَلِّهِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (لَوْ صُبَّ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَاءِ الَّذِي يَمْنَعُ الْخُفُّ نُفُوذَهُ مَاءُ الصَّبِّ أَيْ وَقْتَ الصَّبِّ فَلَا يَضُرُّ نُفُوذُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ خِلَافًا لِلْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ حَيْثُ قَالَ: الَّذِي أَقَرَّنِي عَلَيْهِ شَيْخِي وَوَالِدِي أَنَّ الْمُرَادَ مَاءُ الْمَسْحِ، وَرُدَّ بِأَنَّ أَدْنَى شَيْءٍ يَمْنَعُ مَاءَ الْمَسْحِ. وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَاءِ الْغَسْلِ لَا بِمَاءِ الْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَبِتَقْدِيرِ نُفُوذِهِ فَالْعِبْرَةُ بِهِمَا مَعًا لَا بِمَاءِ الْمَسْحِ فَقَطْ كَمَا قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ اهـ.
قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ صَفَاقَتِهِ) أَيْ قُوَّتِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْغَالِبَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا يُجْزِئُ مَنْسُوجٌ؛ الْمُعَلَّلُ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ صَفَاقَتِهِ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ بِعِلَّتِهِ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الشَّحَّاتِ رَغِيفٌ لِلَّهِ كَرَامَةً لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
قَوْلُهُ: (أَنَّهَا تَمْنَعُ النُّفُوذَ) أَيْ بِذَاتِهَا لَا بِوَاسِطَةِ نَحْوِ شَمْعٍ كَزِفْتٍ، وَمِمَّا يَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ الْجُوخُ الثَّقِيلُ فَلَوْ جُعِلَ خُفٌّ مِنْهُ صَحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ.
١ -
فَائِدَةٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ خُفٌّ قَوِيٌّ وَهُوَ أَسْفَلُ الْكَعْبَيْنِ، وَلَكِنْ خِيطَ عَلَيْهِ السَّرَاوِيلُ الْجُوخُ الْمَانِعُ مِنْ الْمَاءِ هَلْ يَكْفِي الْمَسْحُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا؟ نَظَرًا لِصُورَةِ الْخُفِّ قَبْلَ وَصْلِهِ بِالسَّرَاوِيلِ، فَأَفْتَيْت بِجَوَازِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ الْآنَ لَابِسٌ لِخُفٍّ شَرْعِيٍّ سَاتِرٍ لِمَحَلِّ الْكَعْبَيْنِ؛ إذْ لَا يَتَقَاعَدُ ذَلِكَ عَنْ خُفٍّ مُلَفَّقٍ مِنْ قِطَعِ جُلُودٍ خِيطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَإِنْ صَغُرَتْ الْقِطَعُ اهـ اج.
قَوْلُهُ: (مِمَّا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ هُنَا السُّهُولَةُ لَا ضِدُّ الِامْتِنَاعِ، وَإِلَّا لَوَرَدَ الضِّيقُ وَغَيْرُهُ مِمَّا لَا