للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّبَاغِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَفَائِدَةُ الْمَسْحِ، وَإِنْ لَمْ تَنْحَصِرْ فِيهَا فَالْقَصْدُ الْأَصْلِيُّ مِنْهُ الصَّلَاةُ، وَغَيْرُهَا تَبَعٌ لَهَا؛ وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ، وَهُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ وَهِيَ لَا تَطْهُرُ عَنْ الْحَدَثِ مَا لَمْ تَزُلْ نَجَاسَتُهَا، فَكَيْفَ يُمْسَحُ عَنْ الْبَدَلِ وَهُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ، وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْمَسْحِ، وَمَا عَدَاهَا مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ، كَالتَّابِعِ لَهَا كَمَا مَرَّ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ عَلَى الْخُفِّ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا، وَمَسَحَ مِنْ أَعْلَاهُ مَا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ صَحَّ مَسْحُهُ، فَإِنْ مَسَحَ عَلَى النَّجَاسَةِ زَادَ التَّلْوِيثُ وَلَزِمَهُ حِينَئِذٍ غَسْلُهُ وَغَسْلُ يَدِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالظَّاهِرُ أَنَّ طَهَارَتَهُمَا غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ فِي صِحَّةِ لُبْسِهِمَا حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِمَا نَجَاسَةٌ لَا يُعْفَى عَنْهَا حَالَ اللُّبْسِ، ثُمَّ أَزَالَهَا قَبْلَ الْمَسْحِ أَجْزَأَ، نَعَمْ تَعَبُّدُ صِحَّةِ لُبْسِ نَجَسِ الْعَيْنِ كَالْمُتَّخَذِ مِنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَ حَالَ لُبْسِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْمَسْحِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ غَسْلِهِ، لَكِنْ فِي ابْنِ حَجَرٍ مَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ الْغَسْلِ قَبْلَ الْحَدَثِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَاحْفَظْهُ وَلَا تَأْخُذْ بِعُمُومِ عِبَارَةٍ إلَّا إذَا لَمْ تَرَ الْمَنْقُولَ اهـ اج. وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ فَاعْتَبَرَ ح ف وُجُودُهَا عِنْدَ اللُّبْسِ، وَسَوَّى بَعْضُهُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطَّهَارَةِ فَقَالَ: يَكْفِي وُجُودُهَا قَبْلَ الْحَدَثِ وَإِنْ فُقِدَتْ عِنْدَ اللُّبْسِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ) أَيْ مِمَّا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ لَا نَحْوُ سَمَكٍ وَآدَمِيٍّ وَإِنْ حَرُمَ فِيهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ. بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ أَغْلَظُ مِنْ اللُّبْسِ م د.

قَوْلُهُ: (وَفَائِدَةُ الْمَسْحِ وَإِنْ لَمْ تَنْحَصِرْ فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ أَيْ فَلَا يُعْتَرَضُ بِعَدَمِ اطِّرَادِ التَّعْلِيلِ.

قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ عَدَمُ صِحَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ إذَا كَانَ عَلَى الرِّجْلِ حَائِلٌ. مِنْ نَحْوِ شَمْعٍ، أَوْ تَحْتَ أَظْفَارِهَا وَسَخٌ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَطْهُرُ عَنْ الْحَدَثِ مَعَ وُجُودِ مَا ذُكِرَ، وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ مَعَ وُجُودِ الْحَائِلِ ز ي وسم وَا ج. وَنَقَلَهُ ع ش عَلَى م ر عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ثُمَّ قَالَ: وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَائِلِ وَنَجَاسَةِ الرِّجْلِ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ مُنَافِيَةٌ لِلصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ بِالْوُضُوءِ وَلَا كَذَلِكَ الْحَائِلُ هُنَا اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّحْمَانِيِّ: وَلَوْ كَانَ فِي الرِّجْلِ نَجَسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ أَوْ شَوْكَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ وَسَخٌ تَحْتَ الْأَظْفَارِ امْتَنَعَ الْمَسْحُ اهـ. وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالنَّظَرِ لِلنَّجَاسَةِ وَعِبَارَةُ غَيْرِ الشَّارِحِ: وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلُ الرِّجْلِ وَهِيَ لَا تُغْسَلُ فِي الْوُضُوءِ مَا لَمْ تَزُلْ نَجَاسَتُهَا، فَكَذَا بَدَلُهَا، وَهِيَ أَظْهَرُ وَأَخْصَرُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ لَا تَطْهُرُ عَنْ الْحَدَثِ) فَأَعْطَى الْخُفَّ حُكْمَ الرِّجْلِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ) أَيْ مَا لَمْ يَغْسِلْهُ قَبْلَ الْحَدَثِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الصَّلَاةَ) عِلَّةٌ لِلْمُتَنَجِّسِ وَمَا تَقَدَّمَ عِلَّةٌ لِلنَّجِسِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (كَالتَّابِعِ لَهَا) فِيهِ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا وَغَيْرُهَا تَبَعٌ لَهَا وَلَمْ يَأْتِ بِالْكَافِ، وَلَعَلَّ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (مَا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ) فَإِنْ مَسَحَ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ لَمْ يَعْفُ عَنْهَا، وَقَوْلُهُمْ: مَاءُ الطَّهَارَةِ إذَا أَصَابَ النَّجَاسَةَ الْمَعْفُوَّ عَنْهَا لَمْ يَضُرَّ مَحَلُّهُ إذَا أَصَابَهَا لَا قَصْدًا ح ل.

قَوْلُهُ: (صَحَّ مَسْحُهُ) وَإِنْ سَالَ إلَيْهَا، نَعَمْ إنْ عَمَّتْ النَّجَاسَةُ الْمَعْفُوُّ عَنْهَا الْخُفَّ لَمْ يَبْعُدْ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَيْهَا قَالَهُ م ر. قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَلَا يُكَلَّفُ الْمَسْحَ بِخِرْقَةٍ بَلْ لَهُ الْمَسْحُ بِيَدِهِ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بِالْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا م د وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْجَوَازِ هَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ أَوْ يَفْعَلُ الْمَطْلُوبَ؟ قَالَ شَيْخُنَا: كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَبَقِيَ مَا لَوْ عَمَّتْ النَّجَاسَةُ الْمَعْفُوُّ عَنْهَا الْعِمَامَةَ هَلْ يَجُوزُ التَّكْمِيلُ عَلَيْهَا كَالْخُفِّ إذَا عَمَّتْهُ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ. قَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا: الْأَوْجَهُ الثَّانِي وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي الْخُفِّ ضَرُورِيٌّ لِعُمُومِ النَّجَاسَةِ، فَلَا مَحِيدَ عَنْ الْمَسْحِ، وَلَا كَذَلِكَ الْعِمَامَةُ فَإِنَّ مَسْحَهَا لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، بَلْ تَابِعٌ لِمَسْحِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ وَهُوَ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ، وَهُوَ فَرْقٌ جَلِيٌّ اهـ اج. وَهَذِهِ غَفْلَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ شُرُوطَ التَّكْمِيلِ عَلَى الْعِمَامَةِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا اهـ. وَقَوْلُهُ: بَلْ لَهُ الْمَسْحُ بِيَدِهِ؛ إذْ فِي تَكْلِيفِهِ نَحْوَ الْخِرْقَةِ مَشَقَّةٌ خُصُوصًا مَعَ تَكَرُّرِ الطَّهَارَةِ، وَلِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ، وَلَا يُكَلَّفُ غَسْلَ يَدِهِ بَعْدَ الْمَسْحِ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ أَيْضًا، وَيُعْفَى عَنْهَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَمَسِّ ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَائِعِ وَالْمَاءِ الْقَلِيلِ إلَّا أَنَّ قِيَاسَ الْعَفْوِ عَنْ إصْلَاحِ نَحْوِ فَتِيلَةٍ زَيْتُهَا مُتَنَجِّسٌ بِأُصْبُعِهِ، وَإِخْرَاجِ طَعَامٍ بِيَدٍ تَنَجَّسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>