للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ» ، فَكَانَ لِلتَّدَاوِي وَالتَّدَاوِي بِالنَّجِسِ جَائِزٌ عِنْدَ فَقْدِ الطَّاهِرِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْخَمْرِ.

وَالْمَذْيُ وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ يَخْرُجُ بِلَا شَهْوَةٍ قَوِيَّةٍ عِنْدَ ثَوَرَانِهَا. وَالْوَدْيُ وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ مَاءٌ أَبْيَضُ كَدِرٌ ثَخِينٌ يَخْرُجُ عَقِبَ الْبَوْلِ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ. تَنْبِيهٌ: فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ: وَكُلُّ مَا يَخْرُجُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ بِإِسْقَاطِ مَائِعٍ فَمَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ أَيْ كُلُّ شَيْءٍ. فَائِدَةٌ: هَذِهِ الْفَضَلَاتُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَاهِرَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُعَذَّبُ مَنْ فِيهِمَا. «قَالَ النَّبِيُّ: وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ» أَيْ مِنْ شَيْءٍ كَبِيرٍ عِنْدَ النَّاسِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا أَحَدُهُمَا) أَيْ صَاحِبُ الْقَبْرَيْنِ أَيْ: وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيسَ بِهِ) أَيْ بِالْبَوْلِ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ بَوْلُ الْآدَمِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَقِيسَ بِهِ، وَالْعُرَنِيِّينَ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ نُونٍ ثُمَّ تَحْتِيَّتَيْنِ جَمْعُ عُرَنِيٍّ نِسْبَةً إلَى بَطْنٍ مِنْ تَمِيمٍ يُقَالُ لَهَا عُرَنَةُ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ «أَتَوْا الْمَدِينَةَ فَاسْتَوْخَمُوهَا فَكَرِهُوا الْإِقَامَةَ بِهَا لِتَمَرُّضِهِمْ فِيهَا، فَأَمَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ فَشَرِبُوهَا فَشُفُوا مِنْ أَمْرَاضِهِمْ، فَقَتَلُوا الرُّعَاةَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ وَذَهَبُوا بِهَا، فَأَرْسَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطْلُبُهُمْ فَجِيءَ بِهِمْ وَفَعَلَ بِهِمْ مِثْلَ مَا فَعَلُوا بِالرُّعَاةِ مِنْ التَّمْثِيلِ، وَرَمَاهُمْ بِالْحَرَّةِ وَهِيَ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ» . قَوْلُهُ: (وَالتَّدَاوِي بِالنَّجِسِ) وَلَوْ صِرْفًا مَا لَمْ يَكُنْ خَمْرًا فَلَا يَجُوزُ بِالصِّرْفِ مِنْهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (فَمَحْمُولٌ عَلَى الْخَمْرِ) أَيْ الصِّرْفُ. أَمَّا الْمُمْتَزِجَةُ بِغَيْرِهَا فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِهَا بِشَرْطِهِ كَمَا قَالَهُ اج. وَهُوَ إزَالَةُ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَذْيُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَاءٌ وَقَوْلُهُ وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ قَوْلُهُ أَبْيَضُ عِبَارَةُ حَجّ أَصْفَرُ غَالِبًا اهـ وَقِيلَ أَبْيَضُ ثَخِينٌ فِي الشِّتَاءِ وَأَصْفَرُ رَقِيقٌ فِي الصَّيْفِ قَوْلُهُ ثَخِينٌ أَيْ غَالِبًا. وَفِي كُلٍّ مِنْ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ سِتُّ لُغَاتٍ إهْمَالُ الدَّالِ السَّاكِنَةِ مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَمَكْسُورَةٌ مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا، وَإِعْجَامُ الذَّالِ مَعَ الثَّلَاثَةِ. وَحَاصِلُ مَا يُقَالُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِمَاعِ، وَأَفْتَى م ر بِحُرْمَةِ جِمَاعِ مَنْ تَنَجَّسَ ذَكَرُهُ قَبْلَ غَسْلِهِ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ السَّلَسِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ إذَا لَمْ تَسْتَنْجِ أَوْ تَغْسِلْ فَرْجَهَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا تَمْكِينُ الزَّوْجِ قَبْلَ غَسْلِهِ، وَكَذَا هُوَ لَوْ كَانَ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ جِمَاعُهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ، وَلَا تَصِيرُ بِالِامْتِنَاعِ نَاشِزَةً، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ، وَلَا يَكُونُ فَقْدُهُ عُذْرًا فِي جَوَازِهِ، نَعَمْ إنْ خَافَ الزِّنَا اتَّجَهَ أَنَّهُ عُذْرٌ فَيَجُوزُ الْوَطْءُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَجْمِرُ بِالْحَجَرِ الرَّجُلَ أَوْ الْمَرْأَةَ، وَيَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ وَهِيَ بِالْمَاءِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَقِ ل.

قَوْلُهُ: (ثَخِينٌ) أَيْ غَالِبًا.

قَوْلُهُ: (بِإِسْقَاطِ مَائِعٍ) الْأَوْلَى كَمَا قَالَ ق ل. أَنْ يَقُولَ بَدَلَ مَائِعٍ أَيْ لِإِيهَامِ الْجَمْعِ فِي النُّسَخِ الْأُخْرَى بَيْنَ كُلٍّ مِنْ مَاءٍ وَمَائِعٍ، مَعَ أَنَّ لَفْظَ مَا لَا يَجْتَمِعُ مَعَ مَائِعٍ اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِالْإِسْقَاطِ التَّرْكُ أَيْ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهِ أَصْلًا.

قَوْلُهُ: (هَذِهِ الْفَضَلَاتُ) أَيْ الْمَأْخُوذَةُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَكُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ نَجِسٌ. . . إلَخْ. وَمُرَادُهُ مِنْ هَذَا تَقْيِيدُ عُمُومِ الْمَتْنِ فِي قَوْلِهِ: وَكُلُّ مَائِعٍ خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ نَجِسٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ تَشْرِيفًا لِمَقَامِهِمْ، وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا إذَا وُجِدَتْ فِيهَا شُرُوطُ الْحَجَرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ، وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهَا، وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا بِالرِّجْلِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ قَبْلَ زَمَنِ النُّبُوَّةُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهَا) أَيْ إذَا اسْتَقْذَرَهَا. وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لِلتَّبَرُّكِ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا وَقَعَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ شُرْبِهِ دَمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَائِدَةٌ: قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ: وَقَدْ حَكَى بَعْضُ الْمُتَتَبِّعِينَ لِأَخْبَارِهِ وَشَمَائِلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ «أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَغَوَّطَ انْشَقَّتْ الْأَرْضُ فَابْتَلَعَتْ غَائِطَهُ وَبَوْلَهُ، وَفَاحَتْ لِذَلِكَ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَالَ الْعَلَّامَةُ مُلَّا عَلِيٌّ قَارِي فِي شَرْحِهِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا: ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ: إنَّهُ مَوْضُوعٌ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْبَيْهَقِيّ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ مِنْ مَوْضُوعَاتِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلْوَانَ. قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>