للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْضُ مَا كَانَ مُتَّصِلًا، وَقَدْ فُرِضَ طُهْرُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ؛ إذْ الْبَلَلُ بَعْضُ الْمُنْفَصِلِ، وَقَدْ فُرِضَ طُهْرُهُ، وَلَكِنْ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، فَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَلَمْ تَتَغَيَّرْ أَوْ لَمْ تَنْفَصِلْ فَطَاهِرَةٌ أَيْضًا، وَإِنْ انْفَصَلَتْ مُتَغَيِّرَةً أَوْ غَيْرَ مُتَغَيِّرَةٍ وَزَادَ وَزْنُهَا بَعْدَمَا ذُكِرَ أَوْ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ فَنَجِسَةٌ.

فَرْعٌ: مَاءٌ نُقِلَ مِنْ الْبَحْرِ فَوُجِدَ فِيهِ طَعْمُ زِبْلٍ، أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: لَا يُحَدُّ بِرِيحِ الْخَمْرِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قَرْيَةٍ جَائِفَةٍ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةٍ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى.

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَكُنْ بِهِ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ فِي الْمُغَلَّظَةِ ح ل.

قَوْلُهُ: (طَاهِرَةٌ) أَيْ غَيْرُ مُطَهِّرَةٍ لِإِزَالَتِهَا لِلْخَبَثِ؛ لِأَنَّ مَا أُزِيلَ بِهِ الْخَبَثُ غَيْرُ طَهُورٍ، وَلَوْ كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ ح ل.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْضُ. . . إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُعْطِي أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ طَهَارَةِ أَحَدِهِمَا طَهَارَةُ الْآخَرِ وَمِنْ نَجَاسَةِ أَحَدِهِمَا نَجَاسَةُ الْآخَرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ الرَّوْضِ. وَذَكَرَ ق ل مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَجَاسَةِ الْغُسَالَةِ نَجَاسَةُ الْمَحَلِّ، لَعَلَّ الْأَوَّلَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْغَسْلُ فِي نَحْوِ إجَّانَةٍ، وَالثَّانِي فِيمَا إذَا كَانَ الْغَسْلُ بِالصَّبِّ وَالْمَغْسُولُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا فِي نَحْوِ إجَّانَةٍ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَقَدْ فُرِضَ طُهْرُهُ) أَيْ الْمُتَّصِلُ. وَقَوْلُهُ: ثَانِيًا طُهْرُهُ أَيْ الْمُنْفَصِلُ. وَقَوْلُهُ: فَطَاهِرَةٌ أَيْضًا أَيْ إنْ طَهُرَ الْمَحَلُّ. وَقَوْلُهُ: فَنَجِسَةٌ أَيْ وَالْمَحَلُّ نَجِسٌ؛ إذْ هُمَا مُتَلَازِمَانِ مَتَى حُكِمَ بِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ حُكِمَ بِطَهَارَةِ الْغُسَالَةِ، وَمَتَى حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْغُسَالَةِ وَلَوْ بِزِيَادَةِ الْوَزْنِ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ يُسَنُّ) أَيْ فِيمَا يُمْكِنُ عَصْرُهُ فَخَرَجَ نَحْوُ الْآنِيَةِ. قَوْلُهُ: (خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَتَغَيَّرْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ تَنْفَصِلْ) أَيْ وَقَدْ طَهُرَ الْمَحَلُّ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ، وَلَمْ يَزِدْ الْوَزْنُ بِتَقْدِيرِ انْفِصَالِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ طُهْرَ الْغُسَالَةِ يَسْتَلْزِمُ طُهْرَ الْمَحَلِّ دُونَ الْعَكْسِ، كَأَنْ زَالَتْ الْأَوْصَافُ، وَكَانَتْ الْغُسَالَةُ مُتَغَيِّرَةً أَوْ زَادَ وَزْنُهَا.

قَوْلُهُ: (فَطَاهِرَةٌ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ حُكْمَ الْمَفْهُومِ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ تَارَةً يَكُونُ مُوَافِقًا لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ وَتَارَةً يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (مَاءٌ نُقِلَ مِنْ الْبَحْرِ) مُرَادُهُ الْمَاءُ الْمَنْقُولُ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ مِنْ الْبَحْرِ أَوْ غَيْرِهِ. وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ هَذَا الْمَنْقُولَ مِنْ الْبَحْرِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: تَارَةً يَكُونُ مَنْقُولًا مِنْ مَحَلٍّ يَكْثُرُ فِيهِ بَوْلُ جِمَالِ السَّقَّائِينَ مَثَلًا وَالْمَعْزِ وَيَكْثُرُ بَعْرُهُمْ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَعَلِمَ الشَّخْصُ أَنَّ هَذَا الْمَاءَ مَنْقُولٌ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ فَهُوَ نَجِسٌ بِاتِّفَاقٍ، وَتَارَةً يُنْقَلُ مِنْ مَحَلٍّ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ، فَهُوَ طَاهِرٌ طَهُورٌ بِاتِّفَاقٍ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَرَ الْبَعْرَةَ مَثَلًا فِي الْإِنَاءِ، وَإِلَّا فَنَجِسٌ بِاتِّفَاقٍ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.

قَوْلُهُ: (حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ) أَيْ إنْ تَيَقَّنَ أَنَّ تِلْكَ الرَّائِحَةَ أَوْ اللَّوْنَ أَوْ الطَّعْمَ مِنْ الزِّبْلِ، وَإِلَّا لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ كَمَا يُعْلَمْ مِمَّا بَعْدَهُ ق ل. وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ حَاشِيَةِ اج: أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الزِّيرِ إذَا وُجِدَ فِيهِ طَعْمٌ أَوْ رِيحُ بَوْلٍ مَثَلًا يُحْكَمُ بِالطَّهَارَةِ إلَّا إنْ وُجِدَ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ فَاحْفَظْهُ. وَعِبَارَةُ ح ل: وَأَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا بِنَجَاسَةِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْبَحْرِ فَيُوجَدُ فِيهِ رِيحُ الزِّبْلِ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ أَيْ: لَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ: لَا يُحْكَمُ بِالنَّجَاسَةِ بِغَيْرِ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا، فَالْمَاءُ الْمَنْقُولُ مِنْ الْبَحْرِ لِلْأَزْيَارِ فِي الْبُيُوتِ مَثَلًا إذَا وُجِدَ فِيهِ وَصْفُ النَّجَاسَةِ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ لِلشَّكِّ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. وَأَجَابَ عَمَّا نُقِلَ عَنْ وَلَدِهِ مِنْ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا وُجِدَ سَبَبُهَا.

قَوْلُهُ: (لِوُضُوحِ الْفَرْقِ) وَهُوَ أَنَّ هُنَا سَبَبًا يُحَالُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ، وَهُوَ أَنَّهُ عُهِدَ بَوْلُ الْإِبِلِ فِي الْمَاءِ عِنْدَ بُرُوكِهَا لِلِاسْتِقَاءِ بِخِلَافِ رِيحِ الْخَمْرِ، فَقَدْ يَكُونُ بِدُونِ وُصُولِهِ لِلْجَوْفِ أَوْ بِإِكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ.

قَوْلُهُ: (جَائِفَةٍ) أَيْ مُنْتِنَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ مَسْأَلَةُ الْمَاءِ الْمَنْقُولِ مِنْ الْبَحْرِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ.

قَوْلُهُ: (مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى) فِيهِ إشَارَةٌ لِلْعَفْوِ اهـ اج. أَيْ فَيُعْفَى عَنْ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّ تِلْكَ الْأَوْصَافَ مِنْ الزِّبْلِ مَا لَمْ تَكُنْ عَيْنُ الزِّبْلِ مَوْجُودَةً كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا نَقْلًا عَنْ ع ش. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الْمَاءِ، وَعَدَمُ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، فَالْحُكْمُ مَعَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>