للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُمَيِّزَةٌ فَكَحَائِضٍ فِي أَحْكَامِهَا السَّابِقَةِ لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا الْحَيْضُ، لَا فِي طَلَاقٍ وَعِبَادَةٍ تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ كَصَلَاةٍ، وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ إنْ جَهِلَتْ وَقْتَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَتَصُومُ رَمَضَانَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً ثُمَّ شَهْرًا كَامِلًا، فَيَحْصُلُ لَهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَحَيُّرًا نِسْبِيًّا. وَقَوْلُهُ: مُتَحَيِّرَةٌ وَتُسَمَّى أَيْضًا مُحَيِّرَةً؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ تَحَيَّرَتْ فِي أَمْرِهَا، وَعَلَى الثَّانِي حَيَّرَتْ الْفَقِيهَ فِي أَمْرِهَا إنْ قُرِئَتْ بِكَسْرِ الْيَاءِ أَوْ حَيَّرَهَا الْفَقِيهُ إنْ قُرِئَتْ بِفَتْحِهَا، وَهَذَا قَبْلَ تَدْوِينِ أَحْكَامِهَا فِي الْكُتُبِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ) الْجُمْلَةُ الْحَالِيَّةُ. قَوْلُهُ: (فَكَحَائِضٍ) وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا مُتَوَقَّعٌ، وَعِدَّتُهَا إنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ م ر.

قَوْلُهُ: (فِي أَحْكَامِهَا السَّابِقَةِ) . كَتَمَتُّعٍ وَقِرَاءَةٍ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ أَيْ كَحُرْمَةِ تَمَتُّعٍ وَقِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ وَالْقِرَاءَةَ لَيْسَا حُكْمًا، فَتَحْرُمُ عَلَيْهَا الْقِرَاءَةُ وَإِنْ خَافَتْ نِسْيَانَ الْقُرْآنِ لِتَمَكُّنِهَا مِنْ إجْرَائِهِ عَلَى قَلْبِهَا، أَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا أَيْ فَاتِحَةٌ وَغَيْرُهَا، وَلَوْ جَمِيعَ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ حَدَثَهَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِخِلَافِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ ح ل وَقِ ل، وَالْمُرَادُ بِالتَّمَتُّعِ التَّمَتُّعُ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا كَالْحَائِضِ فِي التَّمَتُّعِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلِهِ، وَكَالطَّاهِرِ فِي الطَّلَاقِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالطَّوَافِ، وَمَحَلُّ جَوَازِ دُخُولِهَا الْمَسْجِدَ إذَا كَانَ لِعِبَادَةٍ مُتَوَقِّفَةٍ عَلَى دُخُولِهِ كَالطَّوَافِ وَالِاعْتِكَافِ، وَلَوْ مَنْدُوبَيْنِ، وَإِذَا أَجْرَتْ الْقُرْآنَ عَلَى قَلْبِهَا فَتُثَابُ عَلَى ذَلِكَ لِعُذْرِهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف

قَالَ ع ش عَلَى م ر: فَلَوْ لَمْ يَكْفِ فِي دَفْعِ النِّسْيَانِ إجْرَاؤُهُ عَلَى قَلْبِهَا وَلَمْ يَتَّفِقُ لَهَا قِرَاءَتُهُ فِي الصَّلَاةِ لِمَانِعٍ قَامَ بِهَا كَاشْتِغَالِهَا بِصَنْعَةٍ تَمْنَعُهَا مِنْ تَطْوِيلِ الصَّلَاةِ وَالنَّافِلَةِ جَازَ لَهَا الْقِرَاءَةُ، وَيَجُوزُ لَهَا الْقِرَاءَةُ لِلتَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّمَ الْقِرَاءَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَيَنْبَغِي جَوَازُ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلِهِ إنْ تَوَقَّفَتْ قِرَاءَتُهَا، عَلَيْهِمَا، وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الْقِرَاءَةِ خَوْفَ النِّسْيَانِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَقْصِدَ بِتِلَاوَتِهَا الذِّكْرَ أَوْ تُطْلِقَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ دَفْعِ النِّسْيَانِ مَعَ ذَلِكَ؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ لَهَا قَصْدُ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ حَدَثَهَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَالْعُذْرُ قَائِمٌ بِهَا، فَلَا تُمْنَعُ مِنْ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ الْمُحَصِّلِ لِلثَّوَابِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهَا مَشْرُوعَةً سُنَّ لِلسَّامِعِ لَهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَإِلَّا فَلَا. كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ: السَّابِقَةِ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ: السَّابِقَةِ بِاللَّاحِقَةِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهَا سَتَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ بِالْحَيْضِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ سَرَتْ لَهُ مِنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا الْحَيْضُ) وَإِنَّ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ خِلَافًا لِلْمَحَامِلِيِّ اهـ ح ل. قَوْلُهُ: (تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ) بِخِلَافِ مَا لَا تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (كَصَلَاةٍ) أَيْ وَلَوْ مَنْذُورَةً وَصَلَاةَ جِنَازَةٍ، وَتَكْفِي مِنْهَا وَيَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ وَلَوْ بِحَضْرَةِ غَيْرِهَا مِنْ مُتَطَهِّرٍ كَامِلٍ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَقَالَ حَجّ: كَصَلَاةٍ وَلَوْ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ وَسَطَهُ، وَمَا فِي الْحَاوِي عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ تَعَيُّنِ آخِرِهِ شَاذٌّ مَتْرُوكٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبٍ، بَلْ يَجُوزُ لَهَا الْإِتْيَانُ بِسُنَنِ الصَّلَاةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ، وَتُصَلِّي خَارِجَ الْمَسْجِدِ، لَكِنْ لَهَا دُخُولُهُ لِلِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُهُ إلَّا لِعِبَادَةٍ لَا تَحْصُلُ إلَّا فِيهِ كَالطَّوَافِ وَالِاعْتِكَافِ، وَمَحَلُّ دُخُولِهَا الْمَسْجِدُ لَهُ إنْ أَمِنَتْ تَلْوِيثَهُ، وَإِنَّمَا جَازَ الدُّخُولُ لَهُ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ خَارِجَهُ بِخِلَافِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، فَلَا يَجُوزُ لَهَا الدُّخُولُ لِفِعْلِهَا إلَّا إذَا دَخَلَتْ لِفَرْضٍ غَيْرِهَا كَالِاعْتِكَافِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَرَادَتْ فِعْلَ الْجُمُعَةِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا الِاقْتِدَاءُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَيَجُوزُ لَهَا دُخُولُهُ لِفِعْلِهَا، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَ فَرْضًا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ دُخُولَ الْمَسْجِدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الْعِبَادَةِ الَّتِي تَدْخُلُ لِفِعْلِهَا فَرْضًا بِدَلِيلِ دُخُولِهَا لِلطَّوَافِ وَالِاعْتِكَافِ الْمَنْدُوبَيْنِ نَقَلَهُ اط ف عَنْ ع ش. وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهَا النَّفَلُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ فَلَا وَجْهَ لِحِرْمَانِهَا مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ) وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُتَيَمِّمِ حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ يُزِيلُ الْمَانِعَ، غَايَتُهُ أَنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ أَدَاءِ فَرْضَيْنِ، بِخِلَافِ الْمُتَحَيِّرَةِ، فَإِنَّهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ تَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْغَسْلُ بِالصَّبِّ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ وَاجِبَهَا الْوُضُوءُ وَتَنْوِي نِيَّةً مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ كَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ م ر عَزِيزِيٌّ.

قَالَ ق ل: وَاكْتِفَاؤُهُمْ بِالْغُسْلِ صَرِيحٌ فِي انْدِرَاجِ وُضُوئِهَا فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>