للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ خَرَجَتْ الصُّبْحُ بِدَلِيلِ فَبَقِيَ عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي غَيْرِهَا وَخَرَجَ بِالصَّادِقِ الْكَاذِبُ. وَالصَّادِقُ هُوَ الْمُنْتَشِرُ ضَوْءُهُ مُعْتَرِضًا بِنَوَاحِي السَّمَاءِ، بِخِلَافِ الْكَاذِبِ فَإِنَّهُ يَطْلُعُ مُسْتَطِيلًا يَعْلُوهُ ضَوْءٌ كَذَنَبِ السِّرْحَانِ وَهُوَ بِكَسْرِ السِّينِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ الذِّئْبُ، ثُمَّ تَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ وَشُبِّهَ بِذَنَبِ السِّرْحَانِ لِطُولِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الصَّلَاةِ وَإِثْمَ النَّوْمِ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ وَصَلَّى فِي الْوَقْتِ لَمْ يَحْصُلْ إثْمُ تَرْكِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الْإِثْمُ الَّذِي حَصَلَ بِسَبَبِ النَّوْمِ فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالِاسْتِغْفَارِ، وَيَجِبُ إيقَاظُ مَنْ نَامَ بَعْدَ الْوُجُوبِ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَيُسَنُّ إيقَاظُ مَنْ نَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ إنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا لِيَنَالَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ ق ل. وَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَعَزْمِهِ عَلَى الْفِعْلِ وَأَزَالَ تَمْيِيزَهُ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ مُطْلَقًا وَلَا كَرَاهَةَ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (إنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ إلَخْ) عَدَّاهُ بِعَلَى مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِفِي؛ لِأَنَّ فِي تَتْمِيمِ الْكَلَامِ حَذْفًا أَيْ: إثْمُ التَّفْرِيطِ اهـ اط ف. قَوْلُهُ: (بِدَلِيلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَقْتُ الصُّبْحِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ» قَوْلُهُ: (فَبَقِيَ) أَيْ وَقْتُ الْعِشَاءِ. وَقَوْلُهُ: (عَلَى مُقْتَضَاهُ) وَهُوَ اسْتِمْرَارُ وَقْتِهَا إلَى وَقْتِ الْأُخْرَى.

قَوْلُهُ: (هُوَ الْمُنْتَشِرُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (مُعْتَرِضًا) أَيْ بِعَرْضِ الْأُفُقِ وَهُوَ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُنْتَشِرَ هُوَ الْمُعْتَرِضُ. قَوْلُهُ: (بِعُلُوِّهِ) بِالْوَاوِ مِنْ بَابِ سَمَا يَسْمُو سُمُوًّا، وَأَمَّا عَلَى يَعْلَى مِنْ بَابِ رَضِيَ يَرْضَى فَهُوَ فِي الشَّرَفِ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ هُنَا قَوْلُهُ: (كَذَنَبِ السِّرْحَانِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مُسْتَطِيلًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَعَقَّبَهُ) أَيْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَقَدْ يَتَّصِلُ بِالصَّادِقِ قَالَ: وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الرُّومِيِّ:

وَكَاذِبُ الْفَجْرِ يَبْدُو قَبْلَ صَادِقِهِ ... وَأَوَّلُ الْغَيْثِ قَطْرٌ ثُمَّ يَنْسَكِبُ

وَمِثْلُ ذَلِكَ وَجْدُ الْعَاشِقِينَ هَوًى ... بِالْمَزْحِ يَبْدُو وَبِالْإِدْمَانِ يَلْتَهِبُ

اهـ. دَمِيرِيٌّ.

قَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ إمَامُ الْفَاضِلِيَّةِ: وَهُوَ يَطْلُعُ إذَا بَقِيَ مِنْ اللَّيْلِ السُّبْعُ اهـ عَنَانِيٌّ. ثُمَّ قَالَ: وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إذَا غَرَبَا هَلْ يَسِيرَانِ تَحْتَ الْأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاءِ أَمْ لَا؟ وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُمَا إذْ غَرَبَا يَسِيرَانِ تَحْتَ الْأَرْضِ، وَهَذَا عِنْدَ التَّحْقِيقِ لَا يُنَافِي مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ مِمَّا ظَاهِرُهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَهَذَا أَوْلَى فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ مَعَ زِيَادَةٍ. ثُمَّ رَأَيْت فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ لِابْنِ الْعِمَادِ مَا نَصُّهُ: سُؤَالٌ، الشَّمْسُ إذَا غَرَبَتْ أَيْنَ تَذْهَبُ؟ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ يَبْتَلِعُهَا حُوتٌ، وَقِيلَ تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى. وَالْحَمِئَةُ بِالْهَمْزِ ذَاتُ حَمْأَةٍ وَطِينٍ وَقُرِئَ حَامِيَةٍ بِغَيْرِ هَمْزٍ أَيْ حَارَّةٍ سَاخِنَةٍ. قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ وَقِيلَ إنَّهَا تَطْلُعُ مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ وَتَقُولُ: يَا رَبِّ إنَّ أَقْوَامًا يَعْصُونَك. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَنْزِلُ مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ حَتَّى تَطْلُعَ مِنْ الْمَشْرِقِ، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ: لَا خِلَافَ أَنَّ الشَّمْسَ تَغْرُبُ عِنْدَ قَوْمٍ وَتَطْلُعُ عَلَى آخَرِينَ، وَاللَّيْلُ يَطُولُ عِنْدَ قَوْمٍ وَيَقْصُرُ عِنْدَ آخَرِينَ، وَعِنْدَ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ يَكُونُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مُسْتَوِيَيْنِ أَبَدًا. وَسُئِلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ بِلَادِ بُلْغَارَ كَيْفَ يُصَلُّونَ فَإِنَّهُ ذُكِرَ أَنَّ الشَّمْسَ لَا تَغْرُبُ عِنْدَهُمْ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ثُمَّ تَطْلُعُ فَقَالَ: يُعْتَبَرُ صَوْمُهُمْ وَصَلَاتُهُمْ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، وَالْأَحْسَنُ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ ذَلِكَ وَيَعْتَبِرُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَوْمِ الدَّجَّالِ الَّذِي كَسَنَةٍ وَكَشَهْرٍ: «اُقْدُرُوا لَهُ» حِينَ سَأَلَهُ الصَّحَابِيُّ عَنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ، وَبُلْغَارُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ فِي آخِرِهِ: أَقْصَى بِلَادِ التَّرْكِ، وَذَكَرَ لِي بَعْضُهُمْ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا غَرَبَتْ عِنْدَهُمْ مِنْ هَهُنَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَارَ يَمْشِي قَلِيلًا، ثُمَّ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، وَبِهَذَا الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ تَرَدُّدٍ أَبْدَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>