للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَبْلَ وَقْتِهَا أَعَادَهَا وُجُوبًا.

وَيُبَادَرُ بِفَائِتٍ وُجُوبًا إنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ. وَنَدْبًا إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ كَنَوْمٍ. وَيُسَنُّ تَرْتِيبُ الْفَائِتِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَاضِرَةِ الَّتِي لَا يُخَافُ فَوْتُهَا.

وَكُرِهَ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

صَاحَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ " وَرُوِيَ: " يَقُولُ فِي تَسْبِيحِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ رَبِّنَا الرَّحْمَنِ لَا إلَه غَيْرُهُ، اهـ. وَقَدْ اُشْتُهِرَ أَنَّ الدِّيكَ يُؤَذِّنُ عِنْدَ أَذَانِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَأَنَّهُ يَقُولُ فِي صِيَاحِهِ: يَا غَافِلُونَ اُذْكُرُوا اللَّهَ.

وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الْحَبَائِكُ فِي أَخْبَارِ الْمَلَائِكِ: إنَّ لِلَّهِ مَلَكًا فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ يُقَالُ لَهُ الدِّيكُ فَإِذَا سَبَّحَ فِي السَّمَاءِ سَبَّحَتْ الدُّيُوكُ يَقُولُ: سُبْحَانَ السُّبُوحِ الْقُدُّوسِ الرَّحْمَنِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ، فَمَا قَالَهَا مَكْرُوبٌ أَوْ مَرِيضٌ إلَّا كَشَفَ اللَّهُ هَمَّهُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَلِمَ) وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ م ر. قَوْلُهُ: (وَقَعَتْ قَبْلَ وَقْتِهَا) أَيْ أَوْ بَعْضُهَا وَلَوْ بِتَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ وَمَا فَعَلَهُ يَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْضٌ مِنْ جِنْسِهَا، وَإِلَّا وَقَعَ عَنْهُ اج. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالَ أَوْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهَا فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا إعَادَةَ.

قَوْلُهُ: (أَعَادَهَا) أَيْ إنْ كَانَ الْعِلْمُ فِي وَقْتِهَا أَوْ قَبْلَ دُخُولِهِ، فَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَضَاهَا فِي الْأَظْهَرِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يُعِيدُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي ظَنِّهِ وَالْوَاقِعَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ قَضَاءٌ لَا إثْمَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَيُبَادَرُ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا بِفَائِتٍ إنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (إنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ) مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ فَوَاتُ التَّرْتِيبِ كَأَنْ فَاتَهُ الظُّهْرُ بِعُذْرٍ وَالْعَصْرُ بِلَا عُذْرٍ، فَيَبْدَأُ بِالظُّهْرِ نَدْبًا لَا بِالْعَصْرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَوْرًا أَنْ تَجِبَ الْبُدَاءَةُ بِهِ وَإِنْ فَاتَ التَّرْتِيبُ الْمَحْبُوبُ. وَعُورِضَ بِأَنَّ خِلَافَ التَّرْتِيبِ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ وَمُرَاعَاتُهُ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْكَمَالَاتِ الَّتِي تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا وَهِيَ الْمُبَادَرَةُ ح ل وَشَرْحُ م ر وَمِنْ غَيْرِ الْعُذْرِ أَنْ تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ فِي مَرَضِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا فَوْرًا بِأَنْ يَشْتَغِلَ جَمِيعَ الزَّمَنِ بِقَضَائِهَا مَا عَدَا مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَمُؤَنِ مَمُونِهِ، بَلْ يَحْرُمُ فِعْلُ التَّطَوُّعِ مَا دَامَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ وَلَوْ عَلَى حَاضِرَةٍ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا، بَلْ لَا يَجُوزُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَنْ يَصْرِفَ زَمَنًا لِغَيْرِ قَضَائِهَا كَالتَّطَوُّعِ إلَّا مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ لِنَحْوِ نَوْمٍ أَوْ مَئُونَةٍ أَوْ لِفِعْلِ وَاجِبٍ مَضِيقٍ يَخْشَى فَوْتَهُ اهـ تُحْفَةٌ قَالَ ع ش. وَمِثْلُهُ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ نِسْيَانُ الْقُرْآنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِفِسْقِهِ بِهِ اهـ. فَيُصْرَفُ الزَّمَنُ الْمُتَقَدِّمُ فِي حِفْظِهِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ وَيَكْفِي فِي صِحَّةِ تَوْبَتِهِ الْعَزْمُ عَلَى الْحِفْظِ مَعَ الشُّرُوعِ فِيهِ اهـ اط ف.

قَوْلُهُ: (بِعُذْرٍ) مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْفَرْضِ مَا لَا يَسَعُ إلَّا الْوُضُوءَ أَوْ بَعْضَهُ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر ز ي.

قَوْلُهُ: (كَنَوْمٍ) وَنِسْيَانٍ أَيْ عُذِرَ فِيهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُعْذَرْ فِيهِ، كَأَنْ نَشَأَ عَنْ لَعِبِ نَحْوِ شِطْرَنْجٍ فَإِنَّهُ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ لِلْقَضَاءِ شَوْبَرِيٌّ. أَيْ: لِأَنَّ لَعِبَ الشِّطْرَنْجِ مَكْرُوهٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَعَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ، ثُمَّ تَشَاغَلَ فِي مُطَالَعَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ غَافِلٌ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا نِسْيَانٌ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ تَقْصِيرٍ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ تَرْتِيبُ الْفَائِتِ) أَيْ فَيَقْضِي الصُّبْحَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَهَكَذَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ تَرْتِيبَ الْفَوَائِتِ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَفُوتَ كُلُّهَا بِعُذْرٍ أَوْ عَمْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ح ل.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْحَاضِرَةِ الَّتِي لَا يُخَافُ فَوْتُهَا) أَيْ فَوْتُ جَمِيعِهَا بِأَنْ تَصِيرَ قَضَاءً، فَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا وَجَبَ تَقْدِيمُ الْحَاضِرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ تَعَيَّنَ لَهَا، وَلِئَلَّا تَصِيرَ الْأُخْرَى قَضَاءً وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْفَائِتَةِ إنْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ الْحَاضِرَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَفُتْ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُحَرَّرِ وَالتَّحْقِيقُ وَالرَّوْضُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ، إذْ هُوَ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنَّ فِيهِ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مَحَلَّ تَحْرِيمِ إخْرَاجِ بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَوْ شَرَعَ فِي الْحَاضِرَةِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ الْفَائِتَةَ وَهُوَ فِيهَا وَجَبَ إتْمَامُ الْحَاضِرَةِ ضَاقَ وَقْتُهَا أَوْ اتَّسَعَ، ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَيُسَنُّ لَهُ إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ، وَلَوْ دَخَلَ فِي الْفَائِتَةِ مُعْتَقِدًا سَعَةَ الْوَقْتِ فَبَانَ ضِيقُهُ وَجَبَ قَطْعُ الْفَائِتَةِ أَيْ: أَوْ قَلْبُهَا نَفْلًا وَالشُّرُوعُ فِي الْحَاضِرَةِ، وَمَنْ فَاتَتْهُ الْعِشَاءُ لَا يَقْضِي الْوِتْرَ حَتَّى يَقْضِيَهَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>