للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْجُلُوسِ لِكُلِّ دَاخِلٍ وَتَحْصُلُ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ آخَرَ، وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ عَلَى قُرْبٍ وَتَفُوتُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَالَ الرَّحْمَانِيُّ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي طَلَبِ التَّحِيَّةِ تَحَقُّقُ الْمَسْجِدِيَّةِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ فَتُطْلَبُ لِمَا هُوَ كَصُورَتِهِ كَالزَّوَايَا فِي الْقُرَى اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ الرِّبَاطُ وَمُصَلَّى الْعِيدِ وَمَا بُنِيَ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ عَلَى صُورَةِ الْمَسْجِدِ وَأَذِنَ بَانِيهِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ. وَعِبَارَةُ ق ل: وَشَمِلَ الْمَسْجِدُ الْمُتَيَقَّنَ وَالْمَظْنُونَ وَلَوْ بِالِاجْتِهَادِ وَلَيْسَ مِنْ عَلَامَاتِهِ الْمَنَارَةُ وَلَا الشُّرُفَاتُ وَلَا الْمِنْبَرُ وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِهِ الْمَدَارِسُ وَالرِّبَاطَاتُ وَمَا فِي الْأَرَاضِيِ الْمُحْتَكَرَةِ وَمَا فِي سَوَاحِلِ الْأَنْهَارِ وَمَا فِي الْأَرَاضِيِ الْمَوْقُوفَةِ أَوْ الْمُسَبَّلَةِ كَمَسَاجِدِ الْقَرَافَةِ لِدَفْنِ الْمَوْتَى مَثَلًا. نَعَمْ إنْ فَرَشَ نَحْوَ بَلَاطٍ وَآجُرٍّ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُ وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا صَحَّ وَقْفُهُ وَطُلِبَتْ فِيهِ التَّحِيَّةُ، والسُّنَانِيَّةُ الْمَعْلُومَةُ مَسْجِدٌ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا ارْتِيَابٍ وَتُعْطَى أَحْكَامَ الْمَسَاجِدِ مِنْ صِحَّةِ التَّحِيَّةِ فِيهَا وَغَيْرِهَا لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِكَثِيرٍ مِنْ الْأَنَامِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِصِحَّةِ الْوَقْتِ وَلُزُومِهِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ وَحِينَئِذٍ فَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِ مَشَايِخِنَا لَهَا كَغَيْرِهَا مِمَّا شَابَهَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى حُدُوثِهَا وَأَنَّهَا وُضِعَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ إلَّا بِحَقٍّ وَأَنَّ مَسْجِدِيَّتَهَا صَارَتْ مُحَقَّقَةً لَا نِزَاعَ فِيهَا وَقَدْ رَجَعْتُ عَمَّا كُنْتُ أُقَرِّرُهُ فِيهَا مِنْ كَوْنِهَا لَا تُعْطَى حُكْمَ الْمَسَاجِدِ تَبَعًا لِبَعْضِ مَشَايِخِي وَهُوَ الشَّيْخُ مَنْصُورٌ الطُّوخِيُّ

وَأَظُنُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى صُورَةِ وَقُفْيَةِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ لَرَجَعَ عَمَّا قَالَهُ وَوَافَقَ عَلَى مَا قُلْنَا اهـ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الدَّيْرَبِيُّ فِي رِسَالَتِهِ تُحْفَةِ الْمُرِيدِ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ وَذَكَرَ فِيهَا صُورَةَ الْوَقْفِيَّةِ فَانْظُرْهَا إنْ شِئْت وَشَمِلَ دَاخِلَهُ مَنْ هُوَ فِي هَوَائِهِ مِمَّنْ تَحْتَهُ أَوْ فَوْقَهُ وَلَوْ مَحْمُولًا أَوْ رَاكِبًا اهـ بِالْحَرْفِ. وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ مُلَاحَظَةُ كَوْنِهَا لِرَبِّ الْمَسْجِدِ أَوْ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ؟ وَاَلَّذِي يَسْتَقِرُّ بِهِ شَيْخُنَا الثَّانِي فَلْيُحَرَّرْ. وَلَا بُدَّ أَنْ تَقَعَ فِيهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا، فَلَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَنَوَى التَّحِيَّةَ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهَا فَلَا تَصِحُّ، أَوْ كَانَتْ خَارِجَهُ ثُمَّ نَوَى رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَا يَصِحُّ. اهـ. م ر عَلَى التَّحْرِيرِ. قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ غَيْرُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَمَّا هُوَ فَيُبْتَدَأُ فِيهِ بِالطَّوَافِ الَّذِي هُوَ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا مَسْجِدٌ يُسْتَحَبُّ لِدَاخِلِهِ تَرْكُ تَحِيَّتِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، فَإِنْ كَانَ دَاخِلُهُ يُرِيدُ الطَّوَافَ فَالسُّنَّةُ لَهُ الطَّوَافُ وَهُوَ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ، فَإِنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الطَّوَافِ حَصَلَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ صَلَّاهُمَا دَاخِلَ الْبَيْتِ فَتُوُقِّفَ فِيهِ بِأَنَّ الْبَيْتَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ لِكَوْنِ وَقْفِيَّتِهِ لَمْ تَشْمَلْهُ لِتَقَدُّمِ بِنَائِهِ عَلَى وَقْفِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَعَدَمِ مِلْكِ أَحَدٍ لَهُ فَتَحِيَّةُ الْبَيْتِ الطَّوَافُ، فَلَوْ صَلَّى مَرِيدُ الطَّوَافِ التَّحِيَّةَ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ دَاخِلَهُ الطَّوَافَ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ اهـ. وَقَوْلُهُ: لِكَوْنِ وَقْفِيَّتِهِ لَمْ تَشْمَلْهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَابُ عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ وُقُوعِ السُّؤَالِ عَنْ الْبَيْتِ الْحَرَامِ هَلْ وَقَفَ بِصِيغَةٍ أَوْ هُوَ وَقْفٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَقْفِيَّةِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِبِنَائِهِ الْمَلَائِكَةَ فَالْأَنْبِيَاءَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ فَافْهَمْ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ رَكْعَتَانِ) أَيْ أَقَلُّهَا ذَلِكَ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ ق ل. وَاقْتِصَارُهُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ فَإِنْ سَلَّمَ ثُمَّ أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا مِنْ جَاهِلٍ فَتَنْعَقِدُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (لِكُلِّ دَاخِلٍ) أَيْ وَلَوْ مُعْتَكِفًا بِأَنْ خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ عَادَ، سَوَاءٌ قُلْنَا اعْتِكَافُهُ بَاقٍ أَمْ لَا لِوُجُودِ الدُّخُولِ مِنْهُ فَقَدْ شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ شَوْبَرِيٌّ، وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ لَا يَقْطَعُ اعْتِكَافَهُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ. فَرْعٌ: لَوْ صَلَّى ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ يُصَلِّي بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ كَرَاهَةَ التَّحِيَّةِ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَإِلَّا فَلَا. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (وَتَحْصُلُ بِفَرْضٍ) أَيْ يَحْصُلُ فَضْلُهَا سَوَاءٌ نُوِيَتْ مَعَ ذَلِكَ أَمْ لَا. نَعَمْ إنْ نَفَاهَا فَاتَ فَضْلُهَا، وَإِنْ سَقَطَ الطَّلَبُ ق ل. وَعَلَى حُصُولِ فَضْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْوِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَابِعَةٌ وَدَاخِلَةٌ فِيهِ فَكَأَنَّهَا نُوِيَتْ حُكْمًا ز ي بِإِيضَاحٍ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إذَا نَوَاهَا حَصَلَ الثَّوَابُ اتِّفَاقًا، وَإِذَا نَفَاهَا فَلَا يَحْصُلُ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَطْلَقَ حَصَلَ الثَّوَابُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى قُرْبٍ) عِبَارَةُ التَّحْرِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>