وَدَرْسٍ وَمُطَالَعَةٍ وَصَلَاةٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَخِيَاطَةٍ وَصَوْتِ دِيكٍ مُجَرَّبٍ، وَسَوَاءٌ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى وَعَمِلَ عَلَى الْأَغْلَبِ فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
خَطَؤُهُ فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا قَضَاءُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ كُلِّ يَوْمٍ تَكُونُ قَضَاءً عَنْ صَلَاةِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَازِرِيُّ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَصَدَ فَرْضَ ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي ظَنَّ دُخُولَهُ أَمْ لَا؟ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الَأُجْهُورِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى خ ط عَنْ شَيْخِهِ. وَاعْتَمَدَهُ خِلَافًا لسم عَلَى حَجّ وَلِمَا فِي فَتَاوَى م ر قَالَ: وَيُصَرِّحُ بِهِ أَيْ بِالظَّاهِرِ الْمَذْكُورِ قَوْلُ م ر.
وَسُئِلَ أَيْ الْوَالِدُ أَيْضًا عَمَّنْ عَلَيْهِ ظُهْرُ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ فَقَطْ فَصَلَّى ظُهْرًا نَوَى بِهِ قَضَاءَ ظُهْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَهَلْ تَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَا يَجِبُ تَعْيِينُهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ أَوْ لَا؟ كَمَا فِي الْإِمَامِ وَالْجِنَازَةِ. فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ اهـ قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِمَامِ وَالْجِنَازَةِ أَيْ: إذَا عَيَّنَ الْمَأْمُومُ وَأَخْطَأَ وَلَمْ يُشِرْ لَهُ، أَوْ عَيَّنَ الْمُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ شَخْصًا فَقَالَ: نَوَيْت أُصَلِّي عَلَى زَيْدٍ الْمَيِّتِ فَبَانَ عَمْرًا وَلَمْ يُشِرْ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ.
قَوْلُهُ: (بِوِرْدٍ) وَمِنْهُ الْمِنْكَابُ الَّذِي لَمْ تَتَيَقَّنْ صِحَّتُهُ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوِ ذَلِكَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِوِرْدٍ لَا عَلَى الْأَمْثِلَةِ، إذْ الْخِيَاطَةُ وَمَا بَعْدَهَا لَيْسَا مِنْ الْوَرْدِ. قَوْلُهُ: (دِيكٍ) يَحْتَمِلُ أَوْ حَيَوَانٍ آخَرَ مُجَرَّبٍ سم عَلَى حَجّ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ: وَهُوَ يَعْنِي الدِّيكَ أَبْلَهُ الطَّبْعِ لَمْ يَأْلَفْ زَوْجَةً وَاحِدَةً وَلَا حُنُوَّ لَهُ عَلَى فِرَاخِهِ، وَإِذَا سَقَطَ مِنْ حَائِطٍ انْتَوَلَ وَلَمْ يَهْتَدِ لِدَارِ أَهْلِهِ، وَمِنْ خِصَالِهِ الْحَمِيدَةِ مَعْرِفَةُ الْأَوْقَاتِ فَيُسْقِطُ صِيَاحَهُ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ طَالَتْ أَوْ قَصُرَتْ، حَتَّى إنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ أَفْتَى بِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، وَيَقَظَتُهُ لَيْلًا وَرُؤْيَتُهُ الْمَلَائِكَةَ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا تَرَى مَلَكًا» وَبَرَكَتُهَا فِي الدَّارِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَقْتَنِيهِ فِي الْبَيْتِ، وَغَيْرَتُهُ عَلَى إنَاثِهِ، فَإِذَا رَأَى مَعَهَا دِيكًا غَيْرَهُ قَاتَلَهُ قِتَالًا شَدِيدًا يَقْرَبُ مِنْ الْهَلَاكِ، وَقَدْ يَأْتَلِفُ الدِّيكَانِ مِنْ الصِّغَرِ، لَكِنْ لَا يَسْفِدُ أَحَدُهُمَا بِحَضْرَةِ الْآخِرِ، وَمَتَى فَعَلَ قَاتَلَهُ، وَقَدْ رَأَيْت ذَلِكَ مِرَارًا وَحُنُوَّهُ عَلَيْهَا، فَلَوْ رَأَى حَبَّةً آثَرَهَا بِهَا وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَهُمَا فَلَا يُؤْثِرُ وَاحِدَةً عَلَى أُخْرَى، بَلْ الْعَتِيقَةُ الرَّفِيعَةُ النَّاشِفَةُ وَالصَّغِيرَةُ السَّمِينَةُ الطَّرِيَّةُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ، لَكِنْ هَذَا مِنْ بَلَاهَةِ طَبْعِهِ قِيلَ: إنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ دِيكٌ خُصُوصًا الْأَبْيَضُ الْأَفْرَقُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الدِّيكُ الْأَفْرَقُ حَبِيبِي وَحَبِيبُ حَبِيبِي جِبْرِيلُ يَحْرُسُ بَيْتَهُ وَسِتَّةَ عَشَرَ بَيْتًا مِنْ جِيرَانِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ لَهُ دِيكٌ أَبْيَضُ. وَقَالَ الْحَافِظُ: زَعَمَ أَهْلُ التَّجْرِبَةِ أَنَّ مَنْ ذَبَحَ دِيكًا أَبْيَضَ أَفْرَقَ لَمْ يَزَلْ يَنْكَبُّ أَيْ يُصَابُ فِي مَالِهِ. وَرُوِيَ: «إنَّ لِلَّهِ دِيكًا أَبْيَضَ جَنَاحَاهُ مَشُوبَانِ بِالزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ جَنَاحٌ بِالْمَشْرِقِ وَجَنَاحٌ بِالْمَغْرِبِ رَأْسُهُ» . وَفِي لَفْظٍ: «عُنُقُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَقَوَائِمُهُ فِي الْهَوَاءِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «رِجْلَاهُ فِي تُخُومِ الْأَرْضِ يُؤَذِّنُ فِي كُلِّ سَحَرٍ فَيَسْمَعُ تِلْكَ الصَّيْحَةَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا الثِّقْلَيْنِ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ فَعِنْدَ ذَلِكَ تُجِيبُهُ دُيُوكُ الْأَرْضِ، فَإِذَا دَنَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ: ضُمَّ جَنَاحَيْك وَغُضَّ صَوْتَك، فَيَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا الثَّقَلَيْنِ أَنَّ السَّاعَةَ قَدْ اقْتَرَبَتْ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «إذَا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ صَاحَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ» . وَرُوِيَ يَقُولُ فِي سَحَرِ كُلِّ لَيْلَةٍ: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ رَبِّنَا الرَّحْمَنِ لَا إلَهَ غَيْرُهُ» . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ دِيكٍ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ وَعُنُقُهُ مُثَبَّتَةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ يَقُولُ: سُبْحَانَك مَا أَعْظَمَ شَأْنَك» .
وَرَوَى الْغَزَالِيُّ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: " بَلَغَنِي أَنَّ تَحْتَ الْعَرْشِ مَلَكًا فِي صُورَةِ دِيكٍ، فَإِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ ضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ وَقَالَ: لِيَقُمْ الْقَائِمُونَ، وَإِذَا مَضَى نِصْفُ اللَّيْلِ قَالَ: لِيَقُمْ الْمُصَلَّوْنَ، وَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ: لِيَقُمْ الْغَافِلُونَ وَعَلَيْهِمْ أَوْزَارُهُمْ ".
وَرَوَى الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ثَلَاثَةُ أَصْوَاتٍ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ صَوْتُ الدِّيكِ وَصَوْتُ الْقَارِئِ وَصَوْتُ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ» .
وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute