للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا تَوَجُّهٌ فِي تَحَرُّمِهِ إنْ سَهُلَ بِأَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً وَأَمْكَنَ انْحِرَافُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَحْرِيفُهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَأَمَّا التَّوَجُّهُ فِي بَعْضِهَا فَهُوَ فِي التَّحَرُّمِ فَقَطْ، وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ أَرْبَعٍ دَاخِلَةٍ تَحْتَ قَوْلِهِ: إلَّا تَوَجَّهَ فِي تَحَرُّمِهِ وَهِيَ أَنْ يَسْهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي التَّحَرُّمِ سَوَاءٌ سَهُلَ عَلَيْهِ إتْمَامُ كُلِّ الْأَرْكَانِ أَوْ بَعْضِهَا، أَوْ لَمْ يَسْهُلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَالرَّابِعَةُ: أَنْ يَسْهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، وَلَمْ يَسْهُلْ عَلَيْهِ إتْمَامُ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ. وَهَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الثَّانِي مَعَ مَنْطُوقِ الْأَوَّلِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهَا إلَّا التَّوَجُّهُ فِي التَّحَرُّمِ.

وَفِي الْمُدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ: حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِيهِ أَنَّ الْمُسَافِرَ الْمَذْكُورَ، إمَّا أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا، وَالرَّاكِبُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ كَسَفِينَةٍ لِغَيْرِ مَلَّاحٍ، أَوْ فِي غَيْرِهِ كَسَرْجٍ أَوْ يَكُونَ مَلَّاحًا، فَإِنْ كَانَ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ كَالسَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْمَلَّاحِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ إتْمَامُ كُلِّ الْأَرْكَانِ وَالتَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ فَعَلَهُ، وَإِلَّا بِأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَرَكَ التَّنَفُّلَ رَأْسًا، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ نَحْوِ هَوْدَجٍ كَالسَّرْجِ أَوْ كَانَ مَلَّاحًا وَهُوَ مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي تَسْيِيرِ السَّفِينَةِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كُلُّ مَا يَسْهُلُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَكْفِيه الْإِيمَاءُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَإِنْ كَانَ مَاشِيًا، فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي أَرْبَعَةٍ يَسْتَقْبِلُ فِيهَا جِهَةَ مَقْصِدِهِ، وَلَا يَمْشِي فِي أَرْبَعَةٍ بَلْ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيُتِمُّ الْأَرْكَانَ، فَالْأَرْبَعَةُ الَّتِي يَمْشِي فِيهَا الْقِيَامُ وَالِاعْتِدَالُ وَالتَّشَهُّدُ وَالسَّلَامُ، وَاَلَّتِي يَسْتَقْبِلُ فِيهَا وَلَا يَمْشِي تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَتَأَمَّلْ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَسَفِينَةٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ غَيْرَ الْمَلَّاحِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ، وَلَا يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ يَسْهُلَ أَوْ لَا. فَقَوْلُهُ وَسَفِينَةٍ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ إلَخْ. كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، فَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ قَوْلِهِ وَسَفِينَةٍ، لِأَنَّ ذِكْرَهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْهُلْ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ، وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ لَا يَجِبُ إلَّا فِي التَّحَرُّمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا فِي س ل عَلَى الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ سَهُلَ الِاسْتِقْبَالُ فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ سِوَى إتْمَامِ الرُّكُوعِ أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ فِي الْجَمِيعِ، وَإِتْمَامُ ذَلِكَ الرُّكُوعِ وَهُوَ كَلَامٌ لَا وَجْهَ لَهُ عَمِيرَةٌ ع ش. لِأَنَّ حُكْمَهُ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ إلَخْ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْضِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ مَعًا لَا أَحَدُهُمَا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ ذَلِكَ لِتَيَسُّرِهِ عَلَيْهِ) وَشَمَلَ مَا لَوْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً أَيْ: فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ عَلَيْهَا لِعِصْيَانِهِ خ ض. قَوْلُهُ (فِي تَحَرُّمِهِ) فَلَا يَجِبُ فِيمَا سِوَاهُ لِوُقُوعِ أَوَّلِ الصَّلَاةِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ التَّوَجُّهُ، ثُمَّ يُجْعَلُ مَا بَعْدَهُ تَابِعًا لَهُ، «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سَافَرَ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ، فَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ» أَيْ مَرْكُوبُهُ إلَى صَوْبِ مَقْصِدِهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَلِيَدْخُلَ فِيهَا عَلَى أَتَمِّ كُلِّ الْأَحْوَالِ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَمَا ذَكَرْته مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ، وَإِنْ سَهُلَ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الِانْعِقَادَ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ. وَعِبَارَةُ شَرْح م ر. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمَا فِيمَا إذَا كَانَتْ سَهْلَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً أَيْضًا. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ مَهْمَا دَامَ وَاقِفًا لَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ اهـ فَفَرْضُ كَلَامِهِ فِي الْوُقُوفِ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَاقِفًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا التَّوَجُّهُ فِي التَّحَرُّمِ فَقَطْ. اهـ. فَإِنْ أَحْرَمَ فِي نَفْلٍ مُطْلَقٍ مُقَيَّدٍ بِعَدَدٍ، ثُمَّ نَوَى الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ فَهَلْ يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ النِّيَّةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا إنْشَاءٌ، وَلِهَذَا لَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ النَّافِلَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي النِّيَّةِ أَوْ لَا يَجِبُ نَظَرًا لِلدَّوَامِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُعْطُوهَا حُكْمَ الِابْتِدَاءِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهَا دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ قَالَ م ر: هَذَا مِمَّا تَرَدَّدَ فِيهِ النَّظَرُ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً) وَمَا دَامَتْ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>