للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحِيَّةٍ وَسُنَّةِ وُضُوءٍ لِتَشْرِيكِهِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ لَا تَنْدَرِجُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى.

وَلَوْ قَالَ: أُصَلِّي لِثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْهَرَبِ مِنْ عِقَابِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِلْفَخْرِ الرَّازِيِّ.

(وَ) الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (الْقِيَامُ) فِي الْفَرْضِ (مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِ وَلَوْ بِمُعِينٍ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ عَنْ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِخِلَافِ الصَّلَاةِ اهـ م د قَوْلُهُ: (وَنَفْلًا) أَيْ مَقْصُودًا مِمَّا لَا يَحْصُلُ مَعَ غَيْرِهِ، فَاسْتِثْنَاءُ التَّحِيَّةِ وَسُنَّةِ الْوُضُوءِ لَيْسَ قَيْدًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ، بَلْ مِثْلُهُمَا سُنَّةُ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافُ وَالِاسْتِخَارَةُ ق ل بِزِيَادَةٍ وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ تَنْبِيهٌ: يَمْتَنِعُ جَمْعُ صَلَاتَيْنِ بِنِيَّةٍ وَلَوْ نَفْلًا مَقْصُودًا أَمَّا غَيْرُ الْمَقْصُودِ كَتَحِيَّةٍ وَاسْتِخَارَةٍ وَإِحْرَامٍ وَطَوَافٍ وَسُنَّةِ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ أَوْ غَفْلَةٍ وَسُنَّةِ الْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ وَالْخُرُوجِ لَهُ وَرَكْعَتَيْ الْحَاجَةِ وَالزِّفَافِ فَهَذِهِ الْعَشَرَةُ نَصَّ عَلَيْهَا الرَّمْلِيُّ فَيَجُوزُ جَمْعُهَا مَعَ فَرْضٍ أَوْ نَفْلِ غَيْرِهَا

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ أُصَلِّي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ لِأَجْلِ الْخَوْفِ مِنْ عَذَابِهِ أَوْ لِأَجْلِ رَجَاءِ ثَوَابِهِ لَمْ يَضُرَّ فِي صِحَّةِ عِبَادَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَوْلَا الْخَوْفُ أَوْ الرَّجَاءُ لَمَا عَبَدَهُ حَيْثُ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ مُسْتَحِقٌّ لَهَا بِذَاتِهِ وَأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الرَّاجِحِ الْمَفْهُومِ مِنْ تَرْغِيبَاتِ الشَّرْعِ وَتَرْهِيبَاتِهِ، فَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى لَهَا فَلَا خِلَافَ فِي كُفْرِهِ ق ل، فَلَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ اسْتِحْقَاقَهُ تَعَالَى بِأَنْ كَانَ غَافِلًا كَبَعْضِ الْعَوَامّ فَلَيْسَ بِكَافِرٍ بَلْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، وَلِلْإِمَامِ الْجُنَيْدِ:

كُلُّهُمْ يَعْبُدُونَك مِنْ خَوْفِ نَارٍ ... وَيَرَوْنَ النَّجَاةَ حَظًّا جَزِيلًا

أَوْ بِأَنْ يَسْكُنُوا الْجِنَانَ ... فَيَحْظَوْا بِقُصُورٍ وَيَشْرَبُوا سَلْسَبِيلَا

لَيْسَ لِي بِالْجِنَانِ وَالنَّارِ حَظٌّ ... أَنَا لَا أَبْتَغِي بِحِبِّي بَدِيلًا

بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ مَحْبُوبِي. وَهَذِهِ حَالَةُ الْكَمَالِ، وَالْوُسْطَى أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ خَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ وَطَمَعًا فِي ثَوَابِهِ، وَالدُّنْيَا أَنْ يَعْبُدَهُ حَيَاءً مِنْ النَّاسِ قَوْلُهُ: (الرَّازِيِّ) نِسْبَةٌ إلَى الرَّيِّ بِالْفَتْحِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَهِيَ مِنْ عِرَاقِ الْعَجَمِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِلْفَخْرِ الرَّازِيِّ أَيْ حَيْثُ نَقَلَ إجْمَاعَ الْمُتَكَلِّمِينَ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْ أَئِمَّتِنَا، عَلَى أَنَّ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ أَوْ صَلَّى لِأَجْلِ خَوْفِ الْعِقَابِ وَطَلَبِ الثَّوَابِ لَمْ تَصِحَّ عِبَادَتُهُ. قَالَ م ر وَمِثْلُهُ ابْنُ حَجَرٍ وسم: يُمْكِنُ لِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَنْ مَحَضَ عِبَادَتَهُ لِذَلِكَ وَحْدَهُ، وَلَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي بَقَاءِ إسْلَامِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ مَحَطُّ نَظَرِهِمْ لِمُنَافَاتِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى الْعِبَادَةَ مِنْ الْخَلْقِ لِذَاتِهِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يُمْحِضْهَا فَلَا شُبْهَةَ فِي صِحَّةِ عِبَادَتِهِ. زَادَ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ: بِأَنَّ عَمَلَ الْعِبَادَةِ لَهُ تَعَالَى مَعَ الطَّمَعِ فِي ذَلِكَ وَطَلَبِهِ فَتَصِحُّ جَزْمًا وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ تَجْرِيدَ الْعِبَادَةِ عَنْ ذَلِكَ، وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْله تَعَالَى: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: ١٦] بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِ يَدْعُونَ بِيَعْبُدُونَ، وَإِلَّا لَمْ يَرِدْ إذْ شَرْطُ قَبُولِ الدُّعَاءِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ اهـ.

فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الأعراف: ٥٦] يَقْتَضِي الْأَمْرَ بِالدُّعَاءِ لِهَذَا الْغَرَضِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ فَسَادُهُ فَكَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يُقَرَّرُ مِنْ طَلَبِ الْعِبَادَةِ مُطْلَقًا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ وَادْعُوهُ مَعَ الْخَوْفِ مِنْ وُقُوعِ التَّقْصِيرِ فِي بَعْضِ الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي قَبُولِ ذَلِكَ الدُّعَاءِ، وَمَعَ الطَّمَعِ فِي حُصُولِ تِلْكَ الشَّرَائِطِ بِأَسْرِهَا. وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَالسُّؤَالُ زَائِلٌ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (الْقِيَامُ) وَهُوَ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ ثُمَّ السُّجُودُ ثُمَّ الرُّكُوعُ. اهـ. ق ل. ثُمَّ الِاعْتِدَالُ وَعِبَارَةُ تِلْمِيذِهِ الرَّحْمَانِيِّ: وَالْقِيَامُ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ فِيمَا إذَا اسْتَوَى الزَّمَانُ. قُلْت: وَلِي نَظَرٌ فِي تَفْضِيلِهِ عَلَى النِّيَّةِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ فِعْلَ الْقَلْبِ أَفْضَلُ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَفْعَالِ غَيْرِ الْقَلْبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>