للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَاعِدًا فَالْأَفْضَلُ الِانْفِرَادُ، وَتَصِحُّ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ قَعَدَ فِي بَعْضِهَا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ. الثَّالِثَةُ: مَا لَوْ كَانَ لِلْغُزَاةِ رَقِيبٌ يَرْقُبُ الْعَدُوَّ وَلَوْ قَامَ لَرَآهُ الْعَدُوُّ، أَوْ جَلَسَ الْغُزَاةُ فِي مَكْمَنٍ وَلَوْ قَامُوا لَرَآهُمْ الْعَدُوُّ وَفَسَدَ تَدْبِيرُ الْحَرْبِ صَلَّوْا قُعُودًا، وَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ لَا إنْ خَافُوا قَصْدَ الْعَدُوِّ لَهُمْ فَلَا تَلْزَمُهُمْ الْإِعَادَةُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ أَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَعْظَمُ مِنْهُ ثَمَّ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا اسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ عَاجِزٌ إمَّا لِضَرُورَةِ التَّدَاوِي أَوْ خَوْفِ الْغَرَقِ أَوْ الْخَوْفِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

فَإِنْ قِيلَ: لِمَ أَخَّرَ الْقِيَامَ عَنْ النِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّهَا رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَهُوَ رُكْنٌ فِي الْفَرِيضَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ مَا يَدُومُ بِسُرْعَةٍ أَوْ دَامَ غَيْرُهُ اُعْتُبِرَ الْجِنْسُ إلْحَاقًا لِشَاذِّهِ بِهِ، فَالْعَامُّ لِعَامٍّ كَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ، وَالْعُذْرُ الدَّائِمُ كَالسَّلَسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ، وَالْمُتَرَدِّدُ بَيْنَهُمَا كَفَقْدِ السُّتْرَةِ فَهُوَ عُذْرٌ عَامٌّ أَيْ يَكْثُرُ وُقُوعُهُ أَوْ نَادِرٌ إذَا وَقَعَ دَامَ أَيْ لَا يَزُولُ بِسُرْعَةٍ، وَالنَّادِرُ الْغَيْرُ الدَّائِمِ كَفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ وَالْعَجْزِ عَمَّا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءُ، فَإِنَّ كُلًّا نَادِرٌ لَا يَدُومُ اهـ فَلْيُحْفَظْ.

قَوْلُهُ: (فَالْأَفْضَلُ الِانْفِرَادُ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَلَوْ أَمْكَنَ الْمَرِيضَ الْقِيَامُ بِلَا مَشَقَّةٍ يَقْتَضِي فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي النَّافِلَةِ حَتَّى يُقَالَ: الِانْفِرَادُ الْمُحَصِّلُ لِلْقِيَامِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمُحَصِّلَةِ لَهُ فِي بَعْضِهَا فَقَطْ وَإِلَّا لَكَانَ الِانْفِرَادُ وَاجِبًا لِتَحْصِيلِ الْقِيَامِ فِي جَمِيعِهَا، لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّمْلِيِّ تَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ أَيْضًا فِي الْفَرْضِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ الْآنَ فِي الْفَرْضِ، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ فَالْأَفْضَلُ الِانْفِرَادُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي نَفْلٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ فِي فَرْضٍ، وَلَكِنْ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ تَرَكَ الْقِيَامَ فِي الْفَرْضِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ حُصُولَ الثَّوَابِ بِالْجَمَاعَةِ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي جَوَازِ تَرْكِ الْقِيَامِ وَلَوْ كَانَ فَرْضًا قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ مَعَ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا أَشْغَلَ نَفْسَهُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ صَلَاتِهِ الْفَرْضَ مُنْفَرِدًا م ر. وَقَوْلُهُ: وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَيْ وَجْهَ صِحَّةِ صَلَاتِهِ الْفَرْضَ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَعَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ فَقَعَدَ فِي أَثْنَائِهَا، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى هَذَا الْفَرْضَ مُنْفَرِدًا لَمْ يَقْعُدْ فِيهِ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا مِنْ أَنَّهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ نَفْلًا قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَعَدَ فِي بَعْضِهَا) وَلَوْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ عَجَزَ فِي أَثْنَائِهَا قَعَدَ وَكَمَّلَهَا وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهَا لِيَرْكَعَ، وَإِنْ كَانَ قَطْعُ الْقِرَاءَةِ أَحَبَّ وَإِذَا قَعَدَ لِإِكْمَالِ السُّورَةِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّكُوعَ وَأَمْكَنَهُ مِنْ قِيَامٍ لَزِمَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ش م ر. وَلَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى قَائِمًا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ لِعَدَمِ حِفْظِهِ إيَّاهَا وَعَدَمِ مُلَقِّنٍ أَوْ نَحْوِ مُصْحَفٍ، وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا نَظَرَ فِي أَصْلِ جِدَارٍ كُتِبَتْ فِيهِ لَا يُمْكِنُ مُشَاهَدَتُهَا عَلَيْهِ إلَّا لِلْقَاعِدِ وَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا لِأَنَّ فَرْضَ الْفَاتِحَةِ آكَدُ إذْ لَا تَسْقُطُ فِي النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ الْقِيَامِ سم عَلَى الْمَتْنِ، إلَّا أَنَّهُ إذَا أَتَمَّ الْقِرَاءَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لِيَرْكَعَ مِنْهُ كَمَا سَبَقَ نَظِيرُهُ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (وَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ الرَّقِيبُ وَالْكَمِينُ قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا) أَيْ مِنْ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي حَقِّ قَصْدِ الْعَدُوِّ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي حَقِّ رُؤْيَةِ الْعَدُوِّ وَفَسَادِ التَّدْبِيرِ قَوْلُهُ: (أَنَّ الْعُذْرَ هُنَا) فِي نُسْخَةٍ أَنَّ الْعَدُوَّ إلَخْ. وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ضَرَرُ الْعَدُوِّ لِأَجْلِ الْإِخْبَارِ، إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ عَظَمَةَ الْعَدُوِّ بَلْ الْمُرَادُ عَظَمَةُ الضَّرَرِ النَّاشِئِ عَنْهُ، وَعِبَارَةُ م ر وَالْفَرْقُ عَنْ الْأَوَّلِ شِدَّةُ الضَّرَرِ فِي قَصْدِ الْعَدُوِّ اهـ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ خَوْفَ الْبَوْلِ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى قَائِمًا حَصَلَ لَهُ ثَلَاثُ حَرَكَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ الْقِيَامَ لِأَنَّهَا صَارَتْ طَبِيعَتَهُ كَمَا قَالَهُ سم.

قَوْلُهُ: (مَعَ أَنَّهُ) أَيْ الْقِيَامَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ رُكْنًا. وَقَوْلُهُ: وَهُوَ رُكْنٌ فِي الْفَرِيضَةِ أَيْ الْقِيَامُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ رُكْنًا فِي الصَّلَاةِ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامُ قَوْلِهِ: (أُجِيبَ بِأَنَّهَا رُكْنٌ إلَخْ) نَازَعَ فِيهِ ق ل بِأَنَّ الْقِيَامَ قَبْلَ النِّيَّةِ شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ بِهَا لَا رُكْنٌ حَتَّى لَوْ فُرِضَ مُقَارَنَتُهُ لَهَا كَفَى. قَالَ: وَكَانَ الظَّاهِرُ فِي الْإِشْكَالِ أَنْ يَقُولَ: لِمَ أَخَّرَ التَّكْبِيرَةَ عَنْ الْقِيَامِ مَعَ أَنَّهَا مُقَارِنَةٌ لِلنِّيَّةِ عَلَى أَنَّ الْجَوَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>