وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ فَإِنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ " لِلِاتِّبَاعِ.
(وَ) هَكَذَا (فِي) اعْتِدَالِ رَكْعَةِ (الْوِتْرِ فِي) جَمِيعِ (النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ) سَوَاءٌ أَصَلَّى التَّرَاوِيحَ أَمْ لَا، وَهُوَ كَقُنُوتِ الصُّبْحِ فِي أَلْفَاظِهِ وَجَبْرِهِ بِالسُّجُودِ، وَيُسَنُّ لِلْمُنْفَرِدِ وَلِإِمَامِ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَهُ قُنُوتَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ مَشْهُورٌ وَقَدْ ذَكَرْته فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ. وَالْبَعْضُ الثَّالِثُ: الْقُعُودُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَدُعَاءً حَصَلَ بِهِ الْقُنُوتُ كَآخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ إنْ قَصَدَهُ بِهَا، لَكِنْ إنْ شَرَعَ فِي قُنُوتِ النَّبِيِّ الَّذِي فِي الشَّرْحِ أَوْ فِي قُنُوتِ عُمَرَ تَعَيَّنَ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ، فَلَوْ تَرَكَهُ كَغَيْرِهِ أَوْ تَرَكَ كَلِمَةً أَوْ أَبْدَلَ حَرْفًا بِحَرْفٍ سَجَدَ لِلسَّهْوِ كَأَنْ يَأْتِيَ بِمَعَ بَدَلَ فِي فِي قَوْلِهِ " اهْدِنَا مَعَ مَنْ هَدَيْت " أَوْ تَرَكَ الْفَاءَ فِي فَإِنَّك وَالْوَاوَ مِنْ وَإِنَّهُ، وَخَرَجَ بِالشُّرُوعِ مَا لَوْ أَبْدَلَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ بِقُنُوتٍ آخَرَ وَلَوْ قَصِيرًا بِأَنْ يَأْتِيَ بِحَقِيقَتِهِ، وَهِيَ مَا اشْتَمَلَ عَلَى ثَنَاءٍ وَدُعَاءٍ نَحْوِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَا غَفُورُ فَلَا سُجُودَ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ أَصْلًا سَجَدَ قَوْلُهُ: (فِيمَنْ هَدَيْت) أَيْ مَعَهُمْ، فَفِي بِمَعْنَى مَعَ أَوْ التَّقْدِيرُ وَاجْعَلْنِي مُنْدَرِجًا فِيمَنْ هَدَيْت وَكَذَا الِاثْنَانِ بَعْدَهُ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ز ي. قَوْلُهُ: (وَعَافِنِي) أَيْ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَقَوْلُهُ: وَتَوَلَّنِي أَيْ كُنْ نَاصِرًا وَحَافِظًا لِي مِنْ الذُّنُوبِ مَعَ مَنْ نَصَرْتَهُ وَحَفِظْتَهُ وَقَوْلُهُ: وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ أَيْ شَرَّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْقَضَاءِ مِنْ السَّخَطِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيُّ قَوْلُهُ: وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت أَيْ قِنِي شَرَّ عَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، أَيْ رَضِّنِي بِالْقَضَاءِ أَيْ الْمَقْضِيِّ مِنْ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَكْرَهُهُ النَّفْسُ قَوْلُهُ: (فَإِنَّك تَقْضِي) أَيْ تَحْكُمُ قَوْلُهُ: (لَا يَذِلُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَيَجُوزُ لِلْمَفْعُولِ وَكَذَا يَعِزُّ ق ل أَيْ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذ ل قَوْلُهُ: (تَبَارَكْتَ) أَيْ تَزَايَدَ خَيْرُك قَوْلُهُ (وَتَعَالَيْتَ) زَادَ م ر وَغَيْرُهُ " فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت، أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك " لَكِنْ إذَا تَرَكَهَا لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَا قَالَهُ اج. وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْقُنُوتِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَأَنْ يَقُولَ: اهْدِنَا إلَخْ. قَالَ الْمَدَابِغِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَالْمُنْفَرِدُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي إلَخْ.
وَقَوْلُهُ: فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت هُوَ شَامِلٌ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ كَيْفَ حَمِدَ عَلَى قَضَاءِ الشَّرِّ وَقَدْ طَلَبَ رَفْعَهُ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي طَلَبَ رَفْعَهُ فِيمَا مَضَى هُوَ شَرُّ الْمَقْضِيِّ مِنْ مَرَضٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَكْرَهُهُ النَّفْسُ، وَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ هُنَا هُوَ الْقَضَاءُ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ تَعَالَى وَكُلُّهَا جَمِيلَةٌ يُطْلَبُ الثَّنَاءُ عَلَيْهَا. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (وَالْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي التَّحْرِيرِ وَوِتْرِ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ وِتْرُ رَمَضَانَ لَا الْوِتْرُ الْوَاقِعُ فِيهِ، فَلَوْ قَضَى فِيهِ وِتْرَ غَيْرِهِ لَمْ يَقْنُتْ، وَلَوْ فَاتَهُ وِتْرُ رَمَضَانَ فَقَضَاهُ فِي غَيْرِهِ فَهَلْ يَقْنُتُ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: فِيهِ احْتِمَالٌ لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْعِجْلِيِّ وَأَقَرَّهُ مِنْ نَفْيِ اسْتِحْبَابِ التَّكْبِيرِ فِي الْمَقْضِيَّةِ مِنْ الْعِيدِ أَنَّهُ لَا يَقْنُتُ اهـ. وَأَقُولُ: إنْ أَرَادَ بِهِ التَّكْبِيرَ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فَهُوَ غَيْرُ شَبِيهٍ بِالْقُنُوتِ لِأَنَّ الْقُنُوتَ فِيهَا وَهَذَا خَارِجَهَا، وَإِنْ أَرَادَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ فَالرَّاجِحُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الْمَقْضِيَّةِ، وَقِيَاسُهُ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ بِالْقُنُوتِ فِي الْمَقْضِيَّةِ وَاسْتَوْجَهَهُ شَيْخُنَا. وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّكْبِيرِ طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ فَاتَهُ وِتْرُ النِّصْفِ الْأَوَّلِ فَقَضَاهُ فِي الثَّانِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْنُتُ مُحَاكَاةً لِلْأَدَاءِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. م د قَوْلُهُ: (أَنْ يَقُولَ بَعْدَهُ قُنُوتُ عُمَرَ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ: قُنُوتُ ابْنِ عُمَرَ وَنِسْبَتُهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي رَوَاهُ كَمَا عَلَيْهِ غَالِبُ الشُّرَّاحِ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ الَّذِي قَالَهُ اهـ وَهُوَ " اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك وَنَسْتَهْدِيك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ، نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ " اهـ. وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ السُّنَّةِ لِكَوْنِ الْأَوَّلِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالثَّانِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَمُلْحَقٌ يَجُوزُ فِيهِ كَسْرُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحُهَا رِوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ. وَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ يُطَوِّلُ الِاعْتِدَالَ وَهُوَ مُبْطِلٌ. لِأَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ فِي غَيْرِ اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ تَطْوِيلُهُ فِي الْجُمْلَةِ. وَقَوْلُهُ: وَنَتْرُكُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute