وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . فَائِدَةٌ: فِي تَهْذِيبِ النَّوَوِيِّ حِكَايَةُ أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ فِي آمِينَ، مِنْ أَحْسَنِهَا قَوْلُ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: آمِينَ أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ، يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ حَرْفٍ مَلَكًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِمَنْ يَقُولُ آمِينَ. وَخَرَجَ بِفِي جَهْرِيَّةٍ السِّرِّيَّةُ فَلَا جَهْرَ بِالتَّأْمِينِ فِيهَا وَلَا مَعِيَّةَ بَلْ يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ سِرًّا مُطْلَقًا.
(وَ) السَّابِعَةُ (قِرَاءَةُ السُّورَةِ) وَلَوْ قَصِيرَةً (بَعْدَ) قِرَاءَةِ (الْفَاتِحَةِ) فِي رَكْعَتَيْنِ أُولَيَيْنِ لِغَيْرِ الْمَأْمُومِ مِنْ إمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ، جَهْرِيَّةً كَانَتْ الصَّلَاةُ أَوْ سِرِّيَّةً لِلِاتِّبَاعِ. أَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا تُسَنُّ لَهُ السُّورَةُ إنْ سَمِعَ لِلنَّهْيِ عَنْ قِرَاءَتِهِ لَهَا بَلْ يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْإِرْشَادِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا، أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (جَهْرٌ بِهَا) لَوْ قَالَ: جَهْرٌ بِهِ أَيْ بِالتَّأْمِينِ لَكَانَ أَحْسَنَ.
قَوْلُهُ: (مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) وَلَيْسَ فِي الصَّلَاةِ مَا تُسَنُّ مُقَارَنَةُ الْإِمَامِ فِيهِ غَيْرُ التَّأْمِينِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَلَوْ قَرَأَ مَعَهُ وَفَرَغَا مَعًا كَفَى تَأْمِينٌ وَاحِدٌ أَوْ فَرَغَ قَبْلَهُ. قَالَ الْبَغَوِيّ: يَنْتَظِرُ وَالْمُخْتَارُ أَوْ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِلْمُتَابَعَةِ اهـ خ ض.
قَوْلُهُ: (إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ) أَيْ أَرَادَ التَّأْمِينَ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ إلَخْ) أَيْ وَمَعْلُومٌ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ مَعَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ فَيَكُونُ التَّعْلِيلُ مُنْتِجًا لِلْمُدَّعَى كَمَا تَقَدَّمَ ح ف.
قَوْلُهُ: (تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ) قِيلَ هُمْ الْحَفَظَةُ، وَقِيلَ مَلَائِكَةٌ مُوَكَّلُونَ بِالصَّلَوَاتِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ.
قَوْلُهُ: «غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» أَيْ مِنْ الصَّغَائِرِ. وَاعْتَمَدَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ يَشْمَلُ الْكَبَائِرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيمِ قَوْلُهُ: غُفِرَ لَهُ أَيْ الصَّغَائِرُ فَقَطْ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَاسْتَقْرَبَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَلَائِكَةِ جَمِيعُهُمْ لَا خُصُوصُ الْحَفَظَةِ.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِفِي جَهْرِيَّةٍ السِّرِّيَّةُ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ يَجْهَرُ بِهِ إنْ طَلَبَ مِنْهُ الْجَهْرَ، وَيُسِرُّ بِهِ إنْ طَلَبَ مِنْهُ الْإِسْرَارَ. وَالْأَمَاكِنُ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا الْمَأْمُومُ خَلْفَ إمَامِهِ خَمْسَةٌ: تَأْمِينُهُ مَعَ إمَامِهِ، وَفِي قُنُوتِ الصُّبْحِ، وَفِي قُنُوتِ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَفِي قُنُوتِ النَّازِلَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَإِذَا فُتِحَ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر اهـ قَوْلُهُ (وَلَا مَعِيَّةَ) هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَجْهَرْ الْإِمَامُ فِي السِّرِّيَّةِ وَإِلَّا نُدِبَ لَهُ التَّأْمِينُ قِيَاسًا عَلَى نَدْبِ اسْتِمَاعِ قِرَاءَتِهِ، وَيَجْهَرُ بِهَا الْمَأْمُومُ أَوْ أَنَّ الشَّارِحَ أَرَادَ بِالسِّرِّيَّةِ الْمَفْعُولَةَ سِرًّا قَوْلُهُ: (بَلْ يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ سِرًّا مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ، وَانْظُرْ مَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَقْرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ الْفَاتِحَةَ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْهَا وَلَوْ فِي السِّرِّيَّةِ بِظَنِّهِ ق ل
قَوْلُهُ: (قِرَاءَةُ السُّورَةِ) أَيْ فِي غَيْرِ جِنَازَةٍ وَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ كَمَا قَالَهُ الرَّحْمَانِيُّ. وَالسُّورَةُ اسْمٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَقَلُّهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ السُّورَةَ الْكَامِلَةَ أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا مِنْ غَيْرِهَا، وَأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا أَفْضَلُ مِنْ سُورَةٍ أَقْصَرَ وَلَوْ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] لِأَنَّ نَظَرَهُمْ هُنَا لِكَثْرَةِ الْأَلْفَاظِ لَا لِكَثْرَةِ الثَّوَابِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ فَضَّلَ السُّورَةَ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ مَا لَوْ قَرَأَهَا قَبْلَهَا أَوْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ، وَلِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ لَا يُؤَدَّى فَرْضًا وَنَفْلًا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ الْفَاتِحَةَ رُكْنٌ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالرُّكْنُ لَا يُشْرَعُ تَكْرَارُهُ عَلَى الِاتِّصَالِ. نَعَمْ لِمَنْ لَمْ يُحْسِنْ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَأَعَادَهَا يُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْإِجْزَاءُ، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ وَيُسَنُّ كَوْنُ السُّورَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ إلَّا مَا وَرَدَ فِيهِ خِلَافُهُ كَقِرَاءَةِ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالسَّجْدَةِ وَهَلْ أَتَى فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَعَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ وَعَكْسُهُ مَفْضُولٌ كَمَا لَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى سُورَةَ النَّاسِ وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ أَوَّلَ الْبَقَرَةِ اهـ خ ض قَوْلُهُ: (فِي رَكْعَتَيْنِ أُولَيَيْنِ) وَلَوْ مُتَنَفِّلًا أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ سُنَّتْ لَهُ السُّورَةُ فِي الْكُلِّ، أَوْ أَكْثَرَ سُنَّتْ فِيمَا قَبْلَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ اهـ شَرْحُ م ر اهـ. أج قَوْلُهُ (لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقِيسَ بِهِمَا غَيْرُهُمَا، وَقَوْلُهُ: بَلْ يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ إمَامِهِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سِرِّيَّةً لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمَفْعُولِ لَا بِالْمَشْرُوعِ قَوْلُهُ: (فَلَا تُسَنُّ) يَصْدُقُ بِالْكَرَاهَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى. وَقَوْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ قِرَاءَتِهِ يُنْتِجُ الْأَوَّلَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: (بَلْ يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ إمَامِهِ) أَيْ وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي سَكْتَةِ