للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمِينِهِ، وَبِمَرَّةِ الْيَسَارِ عَلَى مَنْ عَنْ يَسَارِهِ، وَيَنْوِيهِ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَأَمَامَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَالْأُولَى أَوْلَى، وَيَنْوِي مَأْمُومٌ الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ، فَيَنْوِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِ الْمُسَلِّمِ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالْأُولَى، وَمَنْ خَلْفَهُ وَأَمَامَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ تَسْلِيمَتَيْهِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى الشَّمَائِلِ قَوْلُهُ: (فَيَنْوِيهِ بِمَرَّةِ الْيَمِينِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ غَيْرَ السَّلَامِ فَقَطْ، بِأَنْ يَقْصِدَ السَّلَامَ وَحْدَهُ أَوْ يَقْصِدَهُ مَعَ الرَّدِّ أَوْ يُطْلِقَ فَالضَّرَرُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ السَّلَامِ وَحْدَهُ ع ش قَوْلُهُ: (وَيَنْوِي مَأْمُومٌ) أَيْ نَدْبًا وَغَيْرُ الْمَأْمُومِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ أَوْ لَا؟ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ أَوْجَهُ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ قَوْلُهُ: (فَيَنْوِيهِ) أَيْ الرَّدَّ وَقَوْلُهُ: مَنْ عَلَى يَمِينِ الْمُسَلِّمِ أَيْ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ، وَقَوْلُهُ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ تَأَخَّرَ تَسْلِيمُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ الثَّانِيَةَ بَعْدَ سَلَامِ الْمُسَلِّمِ الْأُولَى إذْ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مَنْ هُوَ عَلَى يَمِينِهِ قَدْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ فَالتَّسْلِيمَةُ تَكُونُ لِلِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ ح ل قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالْأُولَى) بِأَنْ تَأَخَّرَ تَسْلِيمُ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ الْأُولَى عَنْ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، إذْ لَوْ تَقَدَّمَ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَا رَدَّ ح ل. وَعِبَارَةُ اج اسْتَشْكَلَ هَذَا فَإِنَّ الرَّدَّ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْإِمَامُ إنَّمَا يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالثَّانِيَةِ، فَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ إنَّمَا يُسَلِّمُ الْأُولَى بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ إلَخْ) وَلَوْ سَلَّمَ الثَّانِيَةَ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ أَتَى بِالْأُولَى وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ لَمْ تُحْسَبْ وَسَلَّمَ التَّسْلِيمَتَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ. فَإِنْ قُلْت: صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ بِنِيَّتِهَا وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنَّ تِلْكَ الْجِلْسَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْجُلُوسِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ نَابَتْ مَنَابَ الْفَرْضِ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ قُلْت: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ شَامِلَةٌ لِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَلَا كَذَلِكَ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِهَا لَا مِنْ نَفْسِهَا، وَلِهَذَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَهُمَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَمِثْلُ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مَا لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ أَوْ سَهْوٍ أَنَّهَا لَا تَقُومُ مَقَامَ تِلْكَ السَّجْدَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ قَوْلُهُ: (إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ تَسْلِيمَتَيْهِ) وَلَوْ قَارَنَهُ جَازَ كَبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ. وَقَالَ إنَّهُ الْأَقْرَبُ اهـ شَرْحُ م ر وَمُرَادُهُ الْمُقَارَنَةُ فِي السَّلَامِ وَالْأَفْعَالِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ إمَّا حَرَامٌ وَمُبْطِلَةٌ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِي التَّحَرُّمِ، وَإِمَّا مَكْرُوهَةٌ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِي الْأَفْعَالِ وَالسَّلَامِ، وَإِمَّا سُنَّةٌ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِي التَّأْمِينِ، وَإِمَّا وَاجِبَةٌ وَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قِرَاءَتِهَا بَعْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، وَإِمَّا مُبَاحَةٌ وَهِيَ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ

تَتِمَّةٌ: يُسَنُّ الدُّعَاءُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَقَبْلَ السَّلَامِ بِمَا شَاءَ مِنْ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ كَاللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي رِزْقًا حَسَنًا. بَلْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ كَرَاهَةُ تَرْكِهِ، وَلَوْ دَعَا بِمَحْظُورٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِيهِ عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ إمَامَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ أَوْ مَحْصُورِينَ لَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيلِ، بَلْ يُكْرَهُ حِينَئِذٍ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُ الدُّعَاءِ أَقَلَّ مِنْهُمَا، أَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَلَهُ أَنْ يُطِيلَ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَخَفْ وُقُوعَهُ فِي سَهْوٍ، وَالْمُرَادُ بِقَدْرِ مَا ذَكَرَ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْهُمَا أَيْ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ، فَإِنْ أَطَالَهُمَا أَطَالَ الدُّعَاءَ وَإِنْ خَفَّفَهُمَا خَفَّفَهُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا، وَأَمَّا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهُ الدُّعَاءُ بَلْ يُكْرَهُ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ. أَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَ الْإِمَامِ تَشَهُّدَهُ الْأَخِيرَ وَهُوَ أَوَّلٌ لِلْمَأْمُومِ فَيُتِمُّهُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ فَلَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ لَهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ، وَالْأَشْبَهُ فِي الْمُوَافِقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ إمَّا لِثِقَلِ لِسَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَتَمَّهُ الْمَأْمُومُ سَرِيعًا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ أَيْضًا بَلْ يُسْتَحَبُّ إلَى أَنْ يَقُومَ إمَامُهُ اهـ. وَمَأْثُورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>