للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَتَحْرِيكِ لِسَانِهِ أَوْ أَجْفَانِهِ أَوْ شَفَتَيْهِ أَوْ ذِكْرِهِ مِرَارًا وَلَاءً، فَلَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ إذْ لَا يُخِلُّ ذَلِكَ بِهَيْئَةِ الْخُشُوعِ وَالتَّعْظِيمِ فَأَشْبَهَ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ وَسَهْوُ الْفِعْلِ الْمُبْطِلِ كَعَمْدِهِ.

(وَ) الثَّالِثُ (الْحَدَثُ) فَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالتَّعْلِيلُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣] فَإِنَّ الرَّبِيبَةَ تَحْرُمُ مُطْلَقًا، فَلَفْظُ الْحُجُورِ لَا مَفْهُومَ لَهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ صَلَّى نَاسِيًا لِلْحَدَثِ أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ لَا عَلَى فِعْلِهِ، إلَّا الْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُضُوءٍ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ أَيْضًا.

أَمَّا الْحَدَثُ بَيْنَ التَّسْلِيمَتَيْنِ فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّ عُرُوضَ الْمُفْسِدِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعِبَادَةِ لَا يُؤَثِّرُ، وَيُسَنُّ لِمَنْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَأْخُذَ بِأَنْفِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفَ لِيُوهِمَ أَنَّهُ رَعَفَ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ كَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لِلصَّلَاةِ خُصُوصًا إذَا قَرُبَتْ إقَامَتُهَا أَوْ أُقِيمَتْ.

(وَ) الرَّابِعُ (حُدُوثُ النَّجَاسَةِ) الَّتِي لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ حَتَّى دَاخِلِ أَنْفِهِ أَوْ فَمِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] وَإِنَّمَا جُعِلَ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ هُنَا كَظَاهِرِهِمَا بِخِلَافِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ لِغِلَظِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ، فَلَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ رَطْبَةٌ أَوْ يَابِسَةٌ فَأَزَالَهَا فِي الْحَالِ بِقَلْعِ ثَوْبٍ أَوْ نَقْضٍ لَمْ يَضُرَّ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنَحِّيَ النَّجَاسَةَ بِيَدِهِ أَوْ كُمِّهِ، فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، فَإِنْ نَحَّاهَا بِعُودٍ فَكَذَلِكَ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْسِلُهُ بِهِ وَجَبَ قَطْعُ مَوْضِعِهَا إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْقَطْعِ أَكْثَرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْفِعْلِ الْمُبْطِلِ كَعَمْدِهِ) فَتَبْطُلُ بِالْكَثِيرِ مُطْلَقًا وَلَا تَبْطُلُ بِالْقَلِيلِ مُطْلَقًا إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ اللَّعِبَ

قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَحْدَثَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ سَلَسًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ حَدَثِهِ الدَّائِمِ اهـ اج قَوْلُهُ: (بِالْإِجْمَاعِ) مُتَعَلِّقٌ بِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ لَا بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ بِصِحَّتِهَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَيَتَطَهَّرُ وَيَبْنِي، وَكَذَا الْقَوْلُ الْقَدِيمُ عِنْدَنَا كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) لِأَنَّهَا صَلَاةٌ شَرْعِيَّةٌ يُبْطِلُهَا مَا يُبْطِلُ غَيْرَهَا قَوْلُهُ: (وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ بِقَوْلِهِمْ لِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَضُرُّ) لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (لِيُوهِمَ إلَخْ) أَيْ لِسَلَامَةِ النَّاسِ مِنْ الْخَوْضِ فِيهِ فَيَأْثَمُوا قَوْلُهُ: (رَعَفَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْعَيْنِ هَذَا هُوَ الْأَفْصَحُ، فَيَكُونُ مُضَارِعُهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَبَابِ سَأَلَ، وَأَمَّا بِضَمِّ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي فَلُغَةٌ ضَعِيفَةٌ. اهـ. صِحَاحٌ.

قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) لَعَلَّ ضَابِطَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى أَقَلِّ طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ: (بِقَلْعِ ثَوْبٍ) وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ رَطْبَةً فَغَسَلَهَا كَأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ أَثَرُ بَوْلٍ فَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَوْرًا بِحَيْثُ طَهُرَ الْمَحَلُّ حَالًا أَوْ غَمَسَ فَوْرًا مَحَلَّهُ كَيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ عِنْدَهُ سم قَوْلُهُ: (فَكَذَلِكَ) أَيْ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِلْعُودِ الَّذِي نَحَّاهَا بِهِ فَصَارَ حَامِلًا لِمُتَّصِلٍ بِنَجِسٍ. اهـ. ق ل قَوْلُهُ: (لَوْ تَنَجَّسَ إلَخْ) هَذَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَجِدْ مَاءً) أَيْ مُبَاحًا يَغْسِلُهُ بِهِ، وَهَذَا يَمْنَعُ مُعَارَضَةَ الْإِسْنَوِيِّ الْآتِيَةِ وَيُمْنَعُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيهَا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا إذَا وَجَدَ مَاءً يَغْسِلُهُ بِهِ لَكِنَّهُ يُبَاعُ فَلَعَلَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِذَلِكَ وَإِلَّا كَانَا مَسْأَلَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا مَدَابِغِيٌّ قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ) بِأَنْ كَانَ النَّقْصُ مُسَاوِيًا لِمَا ذُكِرَ أَوْ أَقَلَّ قَوْلُهُ: (مِنْ ذَلِكَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>