فُرُوعٌ: الْوَشْمُ وَهُوَ غَرْزُ الْجِلْدِ بِالْإِبْرَةِ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ ثُمَّ يُذَرُّ عَلَيْهِ نَحْوُ نِيلَةٍ لِيَزْرَقَّ أَوْ يَخْضَرَّ بِسَبَبِ الدَّمِ الْحَاصِلِ بِغَرْزِ الْجِلْدِ بِالْإِبْرَةِ حَرَامٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، فَتَجِبُ إزَالَتُهُ مَا لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، فَإِنْ خَافَ لَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ، وَهَذَا إذَا فَعَلَهُ بِرِضَاهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ إزَالَتُهُ، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَلَا يُنَجِّسُ مَا وَضَعَ فِيهِ يَدَهُ مَثَلًا إذَا كَانَ عَلَيْهَا وَشْمٌ. وَلَوْ دَاوَى جُرْحَهُ بِدَوَاءٍ نَجِسٍ أَوْ خَاطَهُ بِخَيْطٍ نَجَسٍ أَوْ شَقَّ مَوْضِعًا فِي بَدَنِهِ وَجَعَلَ فِيهِ دَمًا فَكَالْجَبْرِ بِعَظْمٍ نَجِسٍ فِيمَا مَرَّ.
(وَ) الْخَامِسُ (انْكِشَافُ) شَيْءٍ مِنْ (الْعَوْرَةِ) وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ، كَمَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ سُتْرَتَهُ إلَى مَكَان بَعِيدٍ فَإِنْ أَمْكَنَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الْحَالِ بِأَنْ كَشَفَ الرِّيحُ ثَوْبَهُ فَرَدَّهُ فِي الْحَالِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، وَيُغْتَفَرُ هَذَا الْعَارِضُ الْيَسِيرُ.
(وَ) السَّادِسُ (تَغْيِيرُ النِّيَّةِ) إلَى غَيْرِ الْمَنْوِيِّ، فَلَوْ قَلَبَ صَلَاتَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا صَلَاةً أُخْرَى عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ عَقَّبَ النِّيَّةَ بِلَفْظِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ نَوَاهَا وَقَصَدَ بِذَلِكَ التَّبَرُّكَ أَوْ أَنَّ الْفِعْلَ وَاقِعٌ بِالْمَشِيئَةِ لَمْ يَضُرَّ أَوْ التَّعْلِيقُ أَوْ طَلَّقَ لَمْ تَصِحَّ لِلْمُنَافَاةِ، وَلَوْ قَلَبَ فَرْضًا نَفْلًا مُطْلَقًا لِيُدْرِكَ جَمَاعَةً مَشْرُوعَةً وَهُوَ مُنْفَرِدٌ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِيُدْرِكَهَا صَحَّ ذَلِكَ. أَمَّا لَوْ قَلَبَهَا نَفْلًا مُعَيَّنًا كَرَكْعَتَيْ الضُّحَى فَلَا تَصِحُّ لِافْتِقَارِهِ إلَى التَّعْيِينِ أَوْ لَمْ تَشْرَعْ الْجَمَاعَةُ كَمَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (الْوَشْمُ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ وَلَهُ حُكْمُ الْوَصْلِ اهـ ق ل.
قَوْلُهُ: (فَتَجِبُ إزَالَتُهُ) وَفِي مُدَّةِ الْوُجُوبِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا إمَامَتُهُ وَيَنْجُسُ بِهِ مَا مَسَّهُ مَا لَمْ يَكْسُ جِلْدًا فِي الْجَمِيعِ ق ل قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ إزَالَتُهُ
قَوْلُهُ: (انْكِشَافُ الْعَوْرَةِ) عَبَّرَ بِالِانْكِشَافِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِكَشْفِ الْعَوْرَةِ فِعْلٌ، فَمِثَالُ عَدَمِ الْفِعْلِ كَشْفُ الرِّيحِ وَمِثَالُ الْفِعْلِ مَا لَوْ كَشَفَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرِّيحَ لَيْسَ قَيْدًا. وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْكَشْفِ أَنَّهُ مَتَى كَشَفَ عَوْرَتَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ وَلَوْ سَتَرَهَا فِي الْحَالِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ نَاسِيًا أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ كَشَفَهَا غَيْرُهُ فَإِنْ سَتَرَهَا حَالًا لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الرِّيحَ لَيْسَ قَيْدًا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الرِّيحَ قَيْدٌ فَيَضُرُّ جَمِيعُ ذَلِكَ وَلَوْ سَتَرَهَا حَالًا فَيَضُرُّ الْآدَمِيَّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيَّزٍ وَكَذَا حَيَوَانٌ آخَرُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف، وَلَوْ تَكَرَّرَ كَشْفُ الرِّيحِ وَتَوَالَى بِحَيْثُ احْتَاجَ فِي السِّتْرِ إلَى حَرَكَاتٍ كَثِيرَةٍ مُتَوَالِيَةٍ فَالْمُتَّجِهُ الْبُطْلَانُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ أَقَلِّ طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (تَغْيِيرُ النِّيَّةِ) أَيْ الْمَنْوِيُّ كَأَنْ نَوَى فَرْضًا ثُمَّ نَوَى جَعْلَهُ فَرْضًا آخَرَ أَوْ نَفْلًا أَوْ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ يُغَيِّرُ أَوْ لَا قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَقَّبَ النِّيَّةَ) هَذَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَلَبَ إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ كَمَا عَلِمْت. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَلْبَ الْفَرْضِ نَفْلًا مُطْلَقًا مَنْدُوبٌ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مِمَّنْ لَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِنَحْوِ بِدْعَةٍ. الثَّانِي: أَنْ يَتَحَقَّقَ إتْمَامُهَا فِي الْوَقْتِ لَوْ اسْتَأْنَفَهَا وَإِلَّا حَرُمَ الْقَلْبُ فِي هَذَيْنِ. الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ ثُلَاثِيَّةً أَوْ رُبَاعِيَّةً. الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَقُومَ لِلرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ أَيْ لَا يَشْرَعَ فِيهَا وَإِلَّا لَمْ يُنْدَبْ الْقَلْبُ فِي هَذَيْنِ وَإِنْ جَازَ. الْخَامِسُ: أَنْ تَكُونَ الْجَمَاعَةُ مَطْلُوبَةً فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ، فَلَوْ كَانَ يُصَلِّي فَائِتَةً لَمْ يَجُزْ قَلْبُهَا نَفْلًا لِيُصَلِّيَهَا فِي جَمَاعَةٍ حَاضِرَةٍ أَوْ فَائِتَةٍ غَيْرِهَا، فَلَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي تِلْكَ الْفَائِتَةِ بِعَيْنِهَا جَازَ وَلَمْ يُنْدَبْ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ فَوْرًا وَإِلَّا حَرُمَ قَلْبُهَا وَلَوْ خَشِيَ فِي فَائِتَةٍ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ وَجَبَ قَلْبُهَا نَفْلًا كَمَا فِي شَرْحِ سم. فَعُلِمَ أَنَّ الْقَلْبَ تَارَةً يُسَنُّ وَتَارَةً يَجِبُ وَتَارَةً يَحْرُمُ وَتَارَةً يَجُوزُ مُلَخَّصًا مِنْ اج وَغَيْرُهُ. وَفِي سم عَلَى الْمَتْنِ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ قَلْبُ الصُّبْحِ نَفْلًا مُطْلَقًا لِيُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَةٍ اهـ قَوْلُهُ: (مِنْ رَكْعَتَيْنِ) أَوْ رَكْعَةٍ لِأَنَّ لِلْمُتَنَفِّلِ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا، فَفِي الصُّبْحِ يُقَلِّبُهَا أَيْ جَوَازًا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَةٍ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ كَمَا قَالَهُ سم قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ تُشْرَعْ الْجَمَاعَةُ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ لِيُدْرِكَ جَمَاعَةً مَشْرُوعَةً، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَشْرُوعَةِ الْمَطْلُوبَةُ وَإِلَّا فَالِاقْتِدَاءُ فِي الْفَائِتَةِ بِالْحَاضِرَةِ صَحِيحٌ جَائِزٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الْقَطْعُ لِتَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute