للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) الْحَادِيَ عَشَرَ (الرِّدَّةُ) فِي أَثْنَائِهَا لَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَإِنَّهَا لَا تُبْطِلُ الْعَمَلَ إلَّا إذَا اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [البقرة: ٢١٧] وَلَكِنْ تُحْبِطُ ثَوَابَ عَمَلِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ عَمْدًا، وَهُوَ الِاعْتِدَالُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَتَخَلُّفُ الْمَأْمُومِ عَنْ إمَامِهِ بِرُكْنَيْنِ عَمْدًا وَكَذَا تَقَدُّمُهُ بِهِمَا عَلَيْهِ عَمْدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَابْتِلَاعُ نُخَامَةٍ نَزَلَتْ مِنْ رَأْسِهِ إنْ أَمْكَنَهُ مَجُّهَا وَلَمْ يَفْعَلْ.

تَتِمَّةٌ: يُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ بِوَجْهِهِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً إلَّا لِحَاجَةٍ فَلَا يُكْرَهُ، وَيُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ وَكَفُّ شَعْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يُصَلِّيَ وَشَعْرُهُ مَعْقُوصٌ أَوْ مَرْدُودٌ تَحْتَ عِمَامَتِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ كُمُّهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (الرِّدَّةُ) هَلْ وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيُّ. قُلْت: الْمَنْقُولُ عَنْ وَالِدِ الرُّويَانِيِّ الْبُطْلَانُ لِمُنَافَاتِهَا الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ رِدَّةٌ حَقِيقَةً اهـ أج قَوْلُهُ: (تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ) وَمِقْدَارُ الْمُبْطِلِ أَنْ يَأْتِيَ بِالِاعْتِدَالِ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ ذِكْرِهِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِ الْمُصَلِّي وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِالتَّشَهُّدِ أَيْ بِأَقَلِّهِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ ذِكْرِهِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ كَذَلِكَ. اهـ. ز ي قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ) فِيهِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُمَا مَقْصُودَانِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ إنَّهُمَا مَقْصُودَانِ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِمَا فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ وَوُجُودِ صُورَتِهِمَا، وَحَيْثُ قِيلَ إنَّهُمَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ أُرِيدَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ لِذَاتِهِمَا بَلْ لِلْفَصْلِ اهـ مِنْ الرَّوْضِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ كَوْنُهُمَا غَيْرَ مَقْصُودَيْنِ قَوْلُهُ: (وَتَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ عَنْ إمَامِهِ بِرُكْنَيْنِ) أَمَّا الْمَعْذُورُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ إذَا تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ قَوْلُهُ: (نُخَامَةٌ) هِيَ الْفَضْلَةُ الْغَلِيظَةُ يَلْفِظُهَا الشَّخْصُ مِنْ فِيهِ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا نُخَاعَةٌ بِالْعَيْنِ شَرْحُ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (نَزَلَتْ مِنْ رَأْسِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَلِذَا قَالَ ق ل: أَوْ طَلَعَتْ مِنْ جَوْفِهِ إذَا وَصَلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى حَدِّ الظَّاهِرِ وَهُوَ مَخْرَجُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ، أَوْ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ.

قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ) لِخَبَرِ «عَائِشَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَوْلُهُ اخْتِلَاسٌ أَيْ سَبَبُ اخْتِلَاسٍ أَيْ اخْتِطَافٍ يَخْتَطِفُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ ثَوَابِ صَلَاةِ الْعَبْدِ، وَوَرَدَ «لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فَإِذَا الْتَفَتَ أَعْرَضَ عَنْهُ» وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ اللَّعِبَ وَإِلَّا حَرُمَ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ حَوَّلَ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: (يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً) بِفَتْحِ الْيَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَوْلُهُ: (إلَّا لِحَاجَةٍ) أَمَّا إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ كَحِفْظِ مَتَاعٍ فَلَا يُكْرَهُ قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ) لِخَبَرِ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَيُسَنُّ فِي الدُّعَاءِ عَقِبَ الْوُضُوءِ وَيَجُوزُ فِي الدُّعَاءِ فِيهَا عَدَا ذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَيُكْرَهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ. فَأَحْوَالُ الرَّفْعِ ثَلَاثَةٌ: الْكَرَاهَةُ قَطْعًا فِي الصَّلَاةِ وَالسُّنَّةُ قَطْعًا فِي الدُّعَاءِ عَقِبَ الْوُضُوءِ وَالْإِبَاحَةُ فِي غَيْرِهِمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِالْكَرَاهَةِ فَتَكُونُ الْأَحْوَالُ أَرْبَعَةً: قَوْلُهُ: (وَكَفُّ شَعْرِهِ) أَيْ مَنْعُهُ مِنْ السُّجُودِ مَعَهُ إمَّا بِيَدِهِ أَوْ بِجَعْلِهِ تَحْتَ عِمَامَتِهِ كَمَا يَأْتِي وَذَلِكَ لِخَبَرِ «أُمِرْتُ أَنْ لَا أَكْفِتَ الشَّعْرَ أَوْ الثِّيَابَ» وَالْكَفْتُ بِمُثَنَّاةٍ الْجَمْعُ قَالَ تَعَالَى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا} [المرسلات: ٢٥] {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: ٢٦] أَيْ جَامِعَةً لَهُمْ، وَأَكْفِتُ بِكَسْرِ الْفَاءِ إذْ بَابُهُ ضَرَبَ اهـ اج. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَيْ وَالطَّوَافِ وَالِاعْتِكَافِ وَإِنْ اقْتَضَى تَعْلِيلُهُمْ خِلَافَهُ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ تَخْصِيصُهُ فِي الشَّعْرِ بِالرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَفِي الْأَمْرِ بِنَقْضِهَا الضَّفَائِرَ مَشَقَّةٌ وَتَغْيِيرٌ لِهَيْئَتِهَا الْمُنَافِيَةِ لِلتَّجَمُّلِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهَا. اهـ. م ر. إطْفِيحِيٌّ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>