للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَمُّدَ الْقِرَاءَةِ كَتَعَمُّدِ الْقِيَامِ وَسَبْقُ اللِّسَانِ إلَيْهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ.

وَلَوْ نَسِيَ قُنُوتًا فَذَكَرَهُ فِي سُجُودِهِ لَمْ يَعُدْ لَهُ لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنْ لَمْ يَضَعْ جَمِيعَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ حَتَّى لَوْ رَفَعَ الْجَبْهَةَ فَقَطْ أَوْ بَعْضَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ لِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِالْفَرْضِ، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ إنْ بَلَغَ أَقَلَّ الرُّكُوعِ فِي هُوِيِّهِ لِأَنَّهُ زَادَ رُكُوعًا سَهْوًا، وَالْعَمْدُ بِهِ مُبْطِلٌ لِأَنَّ ضَابِطَ ذَلِكَ أَنَّ مَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ كَرُكُوعٍ زَائِدٍ أَوْ سُجُودٍ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَمَا لَا كَالِالْتِفَاتِ وَالْخُطْوَتَيْنِ لَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ وَلَا لِعَمْدِهِ لِعَدَمِ وُرُودِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْقِرَاءَةِ كَالْقِيَامِ فِي الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ تَأَمَّلْ ق ل. قَالَ أج: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ مِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر، لَكِنْ نَقَلَ عَنْهُ فِي غَيْرِ الشَّرْحِ أَنَّهُ مَتَى شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لَا يَعُودُ لِلتَّشَهُّدِ اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ سَوَاءٌ شَرَعَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا لَكِنْ بِفَرْضِ ثُبُوتِهِ عَنْهُ يُحْمَلُ عَلَى نِسْيَانِهِ لِلتَّشَهُّدِ فَيُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَا وَمَا فِي شَرْحِهِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُ الْعَوْدُ) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ الْعَوْدُ مَرْحُومِيٌّ. مَسْأَلَةٌ: رَفَعَ الْمَأْمُومُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ رَفَعَ، وَأَتَى بِالثَّانِيَةِ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ فِيهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْإِمَامَ فِي الْأُولَى، لَمْ يُحْسَبْ لِلْمَأْمُومِ جُلُوسُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَا سَجْدَتُهُ الثَّانِيَةُ بَلْ يُتَابِعُ الْإِمَامَ وَيَحْمِلُ سَهْوَهُ اهـ. مِنْ الْقَوْلِ التَّامِّ فِي أَحْكَامِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَسِيَ قُنُوتًا إلَخْ) النِّسْيَانُ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ الْعَمْدُ وَالْجَهْلُ، وَهَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ تَرْكِهِ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا، فَإِنْ تَرَكَهُ سَهْوًا أَوْ فَعَلَهُ سَهْوًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلْإِمَامِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَأَمَّا إذَا تَرَكَهُ عَمْدًا فَلَا يَلْزَمُهُ أَوْ الْعَوْدُ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالِانْتِظَارِ وَنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ، وَكَذَا إذَا فَعَلَهُ الْمَأْمُومُ عَمْدًا لَا يَلْزَمُهُ تَرْكُهُ وَالْعَوْدُ لِلْإِمَامِ، بَلْ يُنْدَبُ لَهُ إتْمَامُ الْقُنُوتِ إنْ كَانَ يَلْحَقُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى وَجَوَازًا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَعِبَارَةُ أج: وَلَوْ نَسِيَ قُنُوتًا أَيْ قُنُوتَ الصُّبْحِ أَوْ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ لَا قُنُوتَ النَّازِلَةِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عَارِضَةٌ فِي الصَّلَاةِ يَزُولُ بِزَوَالِهَا فَلَمْ يَتَأَكَّدْ شَأْنُهُ بِالْجَبْرِ، وَتَرْكُ بَعْضِ الْقُنُوتِ كَتَرْكِ كُلِّهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ تَعَيُّنِ كَلِمَاتِهِ لِأَنَّهُ بِشُرُوعِهِ فِيهِ يَتَعَيَّنُ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَعْدِلْ إلَى بَدَلِهِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَارِدِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْخَلَلِ يَحْتَاجُ إلَى جَبْرٍ بِخِلَافِ الْبَدَلِ الَّذِي يَأْتِي بِهِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، فَإِنَّ قَلِيلَهُ كَكَثِيرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْقُنُوتِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي حُصُولِهِ بِخِلَافِ تَرْكِ أَحَدِ الْقَنُوتَيْنِ لِأَنَّهُ أَتَى بِقُنُوتٍ تَامٍّ. نَعَمْ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَنُوتَيْنِ فَتَرَكَ كَلِمَةً مِنْ قُنُوتِ عُمَرَ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِتَرْكِ تِلْكَ الْكَلِمَةِ. وَلَا يُقَالُ: لَوْ تَرَكَ الْقُنُوتَ بِجُمْلَتِهِ لَا يَسْجُدُ فَكَيْفَ يَسْجُدُ لِتَرْكِ كَلِمَةٍ. لِأَنَّا نَقُولُ بِشُرُوعِهِ فِيهِ تَعَيُّنُ إتْمَامِهِ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ فَإِسْقَاطُ كَلِمَةٍ يُعَدُّ خَلَلًا فَطُلِبَ جَبْرُهُ اهـ قَوْلُهُ: (فَذَكَرَهُ) أَيْ الْقُنُوتَ أَيْ إنْ كَانَ يُحْسِنُهُ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهُ طُلِبَ مِنْهُ قِيَامٌ بِقَدْرِهِ زِيَادَةً عَلَى ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ فَإِذَا تَرَكَهُ وَتَذَكَّرَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقُنُوتِ أج قَوْلُهُ: (لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ) وَلَوْ كَانَ الْقُنُوتُ وَنَحْوُهُ مَنْذُورًا لِأَنَّهُ تَلَبَّسَ بِفَرْضٍ شَرْعِيٍّ، وَالنَّذْرُ فَرْضٌ جَعْلِيٌّ وَمُرَاعَاةُ الشَّرْعِيِّ أَقْوَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْجَعْلِيِّ قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَضَعْ جَمِيعَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ) فَيُمْتَنَعُ الْعَوْدُ بِوَضْعِهَا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ ق ل قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُ الْعَوْدُ) أَيْ لِلْقُنُوتِ إنْ كَانَ يُحْسِنُهُ أَوْ الْقِيَامُ إنْ لَمْ يُحْسِنْهُ. قَالَ م ر: فَلَوْ كَانَ وَقَفَ وَقْفَةً لَا تَسَعُ الْقُنُوتَ إذَا كَانَ لَا يُحْسِنُهُ كَفَى لِإِتْيَانِهِ بِأَصْلِ الْقِيَامِ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْوَالِدِ. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْوَقْفَةُ لَا تَسَعُ الْقُنُوتَ الْمَعْهُودَ وَتَسَعُ قُنُوتًا مُجْزِئًا، أَمَّا لَوْ كَانَتْ لَا تَسَعُ قُنُوتًا مُجْزِئًا أَصْلًا فَالْأَوْجَهُ السُّجُودُ. فَرْعٌ: لَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ قَنَتَ فِي اعْتِدَالِهِ لَا سُجُودَ عَلَى الْمَأْمُومِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُوَافِقُ اعْتِقَادَ الْمَأْمُومِ، فَلَوْ اعْتَدَلَ وَسَكَتَ سَكْتَةً تَسَعُ الْقُنُوتَ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ سَكَتَ سَكْتَةً قَبْلَ الْقِرَاءَةِ تَسَعُ الْبَسْمَلَةَ حَيْثُ اكْتَفَوْا بِهَا أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ قَالَ شَيْخُنَا: الْأَقْرَبُ الْفَرْقُ إذْ الْبَسْمَلَةُ لَمَّا كَانَتْ مَطْلُوبَةً عِنْدَهُمْ لَكِنْ لَا يُجْهَرُ بِهَا عِنْدَهُمْ حَمَلْنَا سُكُوتَهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهَا، وَالْقُنُوتُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَطْلُوبًا عِنْدَهُمْ حَمَلْنَاهُ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهِ فَالْأَوْلَى السُّجُودُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ شَافِعِيًّا فَإِنَّا نَحْمِلُ سُكُوتَهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ اهـ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ ق ل: يَسْجُدُ وَإِنْ سَمِعَهُ يَتْلُو الْقُنُوتَ لِأَنَّهُ أَتَى بِخَلَلٍ فِي صَلَاتِهِ وَتَطَرَّقَ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ اهـ. قُلْت: الْعِبْرَةُ عِنْدَنَا بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ وَقَدْ فَعَلَهُ الْإِمَامُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى خِلَافِهِ، فَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا مِنْ عَدَمِ السُّجُودِ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>