للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَائِلِينَ بِهِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ طَوَافِ نُسُكِهِ هَلْ طَافَ مُتَطَهِّرًا أَمْ لَا، لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ جَوَازُ دُخُولِ الصَّلَاةِ بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ قَبْلَ الشَّكِّ وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ. تَنْبِيهٌ: لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالسَّلَامِ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ بَعْدَهُ الشَّكُّ سَلَامٌ لَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ عَوْدٌ إلَى الصَّلَاةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَلَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا لِسُجُودِ السَّهْوِ ثُمَّ عَادَ وَشَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ لَزِمَهُ تَدَارُكُهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ.

وَسَهْوُ الْمَأْمُومِ حَالَ قُدْوَتِهِ الْحِسِّيَّةِ كَأَنْ سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ كَأَنْ سَهَتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فِي ثَانِيَتِهَا مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ يَحْمِلُهُ إمَامُهُ كَمَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْجَهْرَ وَالسُّورَةَ وَغَيْرَهُمَا كَالْقُنُوتِ، وَخَرَجَ بِحَالِ الْقُدْوَةِ سَهْوُهُ قَبْلَهَا كَمَا لَوْ سَهَا وَهُوَ مُنْفَرِدٌ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ فَلَا يَتَحَمَّلُهُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ تَرْجِيحَ تَحَمُّلِهِ لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَالَ سَهْوِهِ وَسَهْوُهُ بَعْدَهَا، كَمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِنَقَلَ لَا بِالطُّهْرِ كَمَا فَهِمَهُ الْمَدَابِغِيُّ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ هَلْ مَسَحَ الْخُفَّ أَمْ لَا لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي الشَّكِّ فِي أَصْلِ الطَّهَارَةِ وَعَلَى تَصْوِيرِهِ: الشَّكُّ فِي طَهَارَةِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الرِّجْلَانِ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إلَخْ) غَرَضُهُ بِذَلِكَ تَقْوِيَةُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ فِي الطُّهْرِ بَعْدَ السَّلَامِ لَا يَضُرُّ، وَوَجْهُ التَّقْوِيَةِ أَنَّ الْإِمَامَ الْمَذْكُورَ جَوَّزَ الدُّخُولَ فِيهَا بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ مَعَ أَنَّ الِابْتِدَاءَ وَالِانْعِقَادَ يُحْتَاطُ لَهُ فَبَعْدَ فَرَاغِهَا وَتَمَامِهَا لَا يَضُرُّ الشَّكُّ بِالْأَوْلَى قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ) فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا مَرَّ فِيمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ ق ل.

وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ: وَظَاهِرُ جَوَابٍ عَنْ سُؤَالٍ حَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّهَارَةِ وَبَقَاءُ الْحَدَثِ. فَأَجَابَ بِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّهُ بَعْدَ الشَّكِّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا قَبْلَ الشَّكِّ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ شَكَّ هَلْ هُوَ مُتَطَهِّرٌ أَمْ لَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا قَبْلَ الشَّكِّ قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ تَدَارُكُهُ) . وَيُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ: لَنَا سُنَّةٌ عَادَ لَهَا فَلَزِمَهُ فَرْضٌ أَوْ يُقَالُ لَنَا سُنَّةٌ أَوْجَبَتْ فَرْضًا أَيْ لِأَنَّهُ بَانَ بِعَوْدِهِ أَنَّ الشَّكَّ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ الْعَائِدُ إمَامًا لَزِمَ الْمَأْمُومَ مُوَافَقَتُهُ إنْ كَانَ لَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا، وَقَدْ قَامَ لِمَا عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ وَيَلْغُو مَا فَعَلَهُ. اهـ. ق ل

قَوْلُهُ: (وَسَهْوُ الْمَأْمُومِ) أَيْ مُقْتَضَاهُ وَهُوَ السَّجْدَتَانِ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا تَحَقَّقَ فِعْلُهُ حَالَ اقْتِدَائِهِ، أَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ حَالَ قُدْوَتِهِ فَيَحْمِلُهُ أَوْ بَعْدَ انْفِرَادِهِ كَأَنْ كَانَ مَسْبُوقًا فَلَا. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: فِيهِ نَظَرٌ قَالَ ع ش: الْأَقْرَبُ عَدَمُ السُّجُودِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ اهـ. وَأَقُولُ الْأَقْرَبُ السُّجُودُ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا مُقْتَضِيَهُ وَشَكَكْنَا فِي مُسْقِطِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ اهـ أج قَوْلُهُ: (فِي ثَانِيَتِهَا) بِأَنْ فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ وَصَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً مِنْ الثُّنَائِيَّةِ، ثُمَّ تُتِمُّ لِنَفْسِهَا ثُمَّ تَجِيءُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهَا الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ وَيَنْتَظِرُهَا فِي التَّشَهُّدِ لِتُسَلِّمَ مَعَهُ فَهِيَ مُقْتَدِيَةٌ بِهِ حُكْمًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: (يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) أَيْ إذَا تَحَقَّقَ فِعْلُهُ حَالَ اقْتِدَائِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ كَمَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ فَخَرَجَ الْمُحْدِثُ قَوْلُهُ: (كَالْقُنُوتِ) فَإِنَّهُ يَتَحَمَّلُهُ عَنْهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ كَأَنْ اسْتَمَعَ قُنُوتَ إمَامِهِ، وَمِثْلُ الْقُنُوتِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَدُعَاءُ الْقُنُوتِ وَالْقِرَاءَةُ عَنْ الْمَسْبُوقِ وَالْقِيَامُ عَنْهُ. وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا م د فَقَالَ:

تَحَمُّلُ الْإِمَامِ عَنْ مَأْمُومٍ ... فِي تِسْعَةٍ تَأْتِيك فِي الْمَنْظُومِ

قِيَامُهُ فَاتِحَةً مَعَ جَهْرِ ... كَذَاك سُورَةٌ لِذَاتِ الْجَهْرِ

تَشَهُّدٌ أَوَّلُ مَعَ قُعُودٍ ... فَاتَهُمَا الْإِمَامُ مَعَ سُجُودٍ

إذَا سَهَا الْمَأْمُومُ حَالَ الِاقْتِدَا ... أَوْ كَانَ فِي ثَانِيَةٍ قَدْ اقْتَدَى

تَحَمَّلَ الْإِمَامُ عَنْهُ أَوَّلَا ... تَشَهُّدًا كَذَا قُنُوتًا حَمَلَا

وَقَوْلُهُ: مَعَ سُجُودٍ شَامِلٍ لِسُجُودِ السَّهْوِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ بِأَنْ حَصَلَ لِلْمَأْمُومِ خَلَلٌ فِي صَلَاتِهِ يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ فَيَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ عَنْهُ، وَكَأَنْ قَرَأَ الْمَأْمُومُ آيَةَ سَجْدَةٍ فَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ سُجُودَهَا قَوْلُهُ: (فَلَا يَتَحَمَّلُهُ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَالَ سَهْوِهِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَمَّلْهُ عَنْهُ كَمَا أَنَّهُ يَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ الْوَاقِعُ قَبْلَ الْقُدْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ تَعَدِّي الْخَلَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>