قَوْمُهُ وَهُمْ عُبَّادُ الشَّمْسِ يَسْجُدُونَ لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَقِيلَ إنَّ الشَّيْطَانَ يُدْنِي رَأْسَهُ مِنْ الشَّمْسِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِيَكُونَ السَّاجِدُ لَهَا سَاجِدًا لَهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالزَّوَالِ، وَوَقْتُ الِاسْتِوَاءِ لَطِيفٌ لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَلَا يَكَادُ يَشْعُرُ بِهِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا أَنَّ التَّحَرُّمَ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ فِيهِ، فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ لِاسْتِثْنَائِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ، وَالْأَصَحُّ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَحَضَرَ إلَى الْجُمُعَةِ أَمْ لَا، وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِمَنْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ. (وَ) رَابِعُهَا (بَعْدَ) صَلَاةِ (الْعَصْرِ) أَدَاءً وَلَوْ مَجْمُوعَةً فِي وَقْتِ الظُّهْرِ (حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) بِكَمَالِهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. (وَ) خَامِسُهَا (عِنْدَ) مُقَارَنَةِ (الْغُرُوبِ حَتَّى يَتَكَامَلَ غُرُوبُهَا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ انْقِسَامُ النَّهْيِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّمَانِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ: عِنْدَ الطُّلُوعِ، وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ، وَعِنْدَ الْغُرُوبِ. وَإِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ وَقْتَانِ: بَعْدَ الصُّبْحِ أَدَاءً، وَبَعْدَ الْعَصْرِ كَذَلِكَ. وَتَقْسِيمُ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ إلَى خَمْسَةٍ هِيَ عِبَارَةُ الْجُمْهُورِ وَتَبِعَهُمْ فِي الْمُحَرَّرِ عَلَيْهَا، وَهِيَ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ الْمِنْهَاجِ عَلَى الِاسْتِوَاءِ وَعَلَى بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُرَادُ بِحَصْرِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوْقَاتِ الْأَصْلِيَّةِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي كَرَاهَةُ التَّنَفُّلِ فِي وَقْتِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَوَقْتِ صُعُودِ الْإِمَامِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ انْتَهَى. وَإِنَّمَا تُرَدُّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْفِعْلِ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ حِكْمَةَ النَّهْيِ عَنْ الدَّفْنِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (يَسْجُدُونَ لَهَا) أَيْ فَالْمُصَلِّي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُشَارِكٌ لَهُمْ فِي ذَلِكَ. اهـ. ق ل قَوْلُهُ: (يُدْنِي رَأْسَهُ) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الشَّمْسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، وَالشَّيْطَانَ فِي الْأَرْضِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُمِيلُ رَأْسَهُ لِجِهَةِ الشَّمْسِ، وَهَذَا الْمَعْنَى وَالتَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ بَلْ عِنْدَ الطُّلُوعِ أَوْ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ لِمَنْ قِبْلَتُهُمْ جِهَةَ الشَّمْسِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْغُرُوبِ فَالسَّاجِدُ لَا يَسْجُدُ لِجِهَةِ الشَّمْسِ لِأَنَّهَا خَلْفُهُ. وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: يُدْنِي فِيهِ أَنَّ الشَّمْسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ دُنُوُّهُ مِنْ شُعَاعِهَا قَوْلُهُ: (لِيَكُونَ السَّاجِدُ لَهَا) أَيْ السَّاجِدُ لِجِهَتِهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ سُجُودَهُ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ الْكَلَامُ فِي الْمُؤْمِنِ الْمُصَلِّي، وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا فِي وَقْتِ الِاسْتِوَاءِ وَفِيمَنْ يَسْتَدْبِرُونَ الشَّمْسَ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ لِكَوْنِ قِبْلَتِهِمْ فِي خِلَافِهَا فَتَأَمَّلْ ق ل بِزِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الِاسْتِوَاءِ، أَمَّا غَيْرُ وَقْتِ الِاسْتِوَاءِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ غَيْرِ الْجُمُعَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ، وَأَمَّا فِي حَرَمِ مَكَّةَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْتِ الِاسْتِوَاءِ وَغَيْرِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ مُطْلَقًا خ ض.
قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ الصَّلَاةِ) أَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَجْمُوعَةً فِي وَقْتِ الظُّهْرِ) أَيْ جَمْعُ الْعَصْرِ مَعَ الظُّهْرِ تَقْدِيمًا. قَالَ ح ل: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ حِينَئِذٍ، وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا شَخْصٌ يُكْرَهُ لَهُ التَّنَفُّلُ بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ اهـ. فَالْغَايَةُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ مَجْمُوعَةً إلَخْ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ قَوْلُهُ: (بِكَمَالِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي اسْتِدْرَاكَ الْوَقْتِ الْخَامِسِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ، فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يُؤَوَّلَ الْغُرُوبُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ الَّذِي هُوَ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ ق ل. وَعِبَارَةُ سم فِي شَرْحِهِ: يَعْنِي يَقْرُبُ غُرُوبُهَا بِأَنْ تَصْفَرَّ اهـ. قَالَ م د بَعْدَ نَقْلِ عِبَارَةِ ق ل: وَهُوَ أَيْ مَا ذَكَرَهُ ق ل مَمْنُوعٌ لِأَنَّ مُقَارَبَةَ الْغُرُوبِ مَكْرُوهَةٌ لِأَمْرَيْنِ لِلْفِعْلِ وَلِلزَّمَانِ، فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْأَوَّلِ مَعَ ذِكْرِهِ فِي الثَّانِي كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ مُقَارَنَةِ الْغُرُوبِ) الصَّوَابُ عِنْدَ مُقَارَبَةِ الْغُرُوبِ بِالْبَاءِ لَا بِالنُّونِ لِأَنَّ الْوَقْتَ الْخَامِسَ وَقْتُهُ مِنْ الِاصْفِرَارِ إلَى تَكَامُلِ الْغُرُوبِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمُقَارَنَةِ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (انْقِسَامُ النَّهْيِ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ وَهُوَ الصَّلَاةُ قَوْلُهُ: (بَعْدَ الصُّبْحِ) أَدَاءً أَيْ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ.
وَقَوْلُهُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أَيْ إلَى تَمَامِ الْغُرُوبِ وَإِنْ دَخَلَتْ الْكَرَاهَةُ لِلزَّمَانِ أَيْضًا لِأَنَّ الصَّلَاةَ حِينَئِذٍ مَكْرُوهَةٌ مِنْ جِهَتَيْنِ خِلَافًا لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ق ل م د. وَمَتْنُ الْمَنْهَجِ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ م د لِأَنَّهُ قَالَ: وَبَعْدَ صُبْحٍ حَتَّى تَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ وَعَصْرٌ وَعِنْدَ اصْفِرَارٍ حَتَّى تَغْرُبَ اهـ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (الْأَصْلِيَّةِ) لَوْ قَالَ الْمَحْدُودَةَ لَكَانَ أَوْلَى. وَعِبَارَةُ ق ل: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِأَصَالَتِهَا عَدَمُ زَوَالِهَا عَنْ مَحَلِّهَا أَبَدًا بِخِلَافِ غَيْرِهَا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى فِعْلِ الْخُطْبَةِ مَثَلًا قَوْلُهُ: (وَوَقْتِ صُعُودِ الْإِمَامِ) أَيْ فِي حَالِ صُعُودِهِ وَقَبْلَ جُلُوسِهِ، وَتَحْرُمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute