الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ عَدَمُ تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَكَانِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ، أَوْ عِنْدَ التَّحَرُّمِ لَمْ تَنْعَقِدْ كَالتَّقَدُّمِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قِيَاسًا لِلْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ مُتَقَدِّمٌ أَمْ لَا كَأَنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ النَّصِّ، وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاةُ الْمَأْمُومِ بِإِمَامِهِ، وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّقَدُّمِ وَغَيْرِهِ لِلْقَائِمِ بِالْعَقِبِ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ لَا الْكَعْبُ، فَلَوْ تَسَاوَيَا فِي الْعَقِبِ وَتَقَدَّمَ أَصَابِعُ الْمَأْمُومِ لَمْ يَضُرَّ. نَعَمْ إنْ كَانَ اعْتِمَادُهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ ضَرَّ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَوْ تَقَدَّمَتْ عَقِبُهُ وَتَأَخَّرَتْ أَصَابِعُهُ ضَرَّ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ اعْتَمَدَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ وَقَدَّمَ الْأُخْرَى عَلَى رِجْلِ الْإِمَامِ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ قَدَّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ. وَالِاعْتِبَارُ لِلْقَاعِدِ بِالْأَلْيَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ أَيْ وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ، أَمَّا فِي حَالِ السُّجُودِ فَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ رُءُوسَ الْأَصَابِعِ، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الرَّاكِبَ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِيهَا لِنِيَّةِ الْجَمَاعَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ التَّعَرُّضُ لِلتَّابِعِ وَهُمْ الْمَأْمُومُونَ إجْمَالًا، وَمَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً كَنِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ فَإِذَا عَيَّنَ فِي نِيَّتِهِ جَمَاعَةً فَبَانَ خِلَافُهُمْ لَمْ يَضُرَّ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ مِنْ أَصْلِهَا لَمْ يَضُرَّ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (قِيَاسًا لِلْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ) بِجَامِعِ الْفُحْشِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ) غَايَةُ قَوْلِهِ: (صَحَّتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ جَاءَ مِنْ قُدَّامِ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ خَلْفِهِ خِلَافًا لِمَنْ فَصَّلَ فَقَالَ إنْ كَانَ قَدْ جَاءَ مِنْ خَلْفِهِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَبَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَقَدُّمُهُ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ التَّحَرُّمِ فَإِذَا شَكَّ عِنْدَ التَّحَرُّمِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاةٌ إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهَا مُعْتَدًّا بِهَا فِي الْجُمُعَةِ وَفِي غَيْرِهَا، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ شَرْحُ م ر يَعْنِي أَنَّ فَائِدَةَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي لَمْ تَحْصُلْ فَضِيلَتُهَا صِحَّةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَتَحَمُّلُ الْإِمَامِ الْفَاتِحَةَ وَالسَّهْوَ وَغَيْرَ ذَلِكَ اهـ. قَوْلُهُ: (وَالِاعْتِبَارُ إلَخْ) وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ بِجَمِيعِ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ عَلَى جُزْءٍ مِمَّا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ ق ل. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَأْمُومَ وَالْإِمَامَ إمَّا أَنْ يَكُونَا قَائِمَيْنِ أَوْ قَاعِدَيْنِ أَوْ مُضْطَجِعَيْنِ أَوْ مُسْتَلْقِيَيْنِ أَوْ مَصْلُوبَيْنِ أَوْ مُعْتَمِدَيْنِ عَلَى خَشَبَتَيْنِ. وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ سِتَّةِ الْمَأْمُومِ فِي سِتَّةِ الْإِمَامِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَهَذِهِ قِسْمَةٌ عَقْلِيَّةٌ، لِأَنَّ الْمَصْلُوبَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِلُّزُومِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَحْوَالَ الْإِمَامِ خَمْسَةٌ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْإِعَادَةُ وَالْمَصْلُوبُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَأَحْوَالُ الْمَأْمُومِ سِتَّةٌ فَتُضْرَبُ خَمْسَةٌ فِي سِتَّةٍ بِثَلَاثِينَ، قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) أَيْ التَّأَخُّرُ وَالْمُسَاوَاةُ قَوْلُهُ: (لِلْقَائِمِ) وَمِثْلُهُ الرَّاكِعُ فِيمَا يَظْهَرُ م ر. هَذَا إنْ لَمْ يَعْتَمِدْ فِي قِيَامِهِ عَلَى أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ اهـ أج. قَوْلُهُ: (لَا الْكَعْبُ) أَيْ وَلَا أَصَابِعُ الرِّجْلِ وَالْأَوْلَى زِيَادَةُ هَذَا لِأَجْلِ التَّفْرِيعِ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَتَأَخَّرَتْ أَصَابِعُهُ) بِأَنْ كَانَتْ رِجْلُهُ صَغِيرَةً قَوْلُهُ: (وَقَدَّمَ الْأُخْرَى) أَيْ الَّتِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ) قِيَاسًا عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيمَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ اعْتِكَافُهُ، وَالْأَيْمَانُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَكَانًا وَدَخَلَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (بِالْأَلْيَةِ) أَيْ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَالْعِبْرَةُ بِهِمَا م ر اهـ أج.
قَوْلُهُ: (أَمَّا فِي حَالِ السُّجُودِ) أَيْ هَذَا أَيْ مَا تَقَدَّمَ فِي حَالِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ أَمَّا فِي الْحَالِ السُّجُودِ إلَخْ قَوْلُهُ: (رُءُوسَ الْأَصَابِعِ) مُعْتَمَدٌ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ حَيْثُ ضَعَّفَهُ قَوْلُهُ: (وَيَشْمَلُ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ وَالِاعْتِبَارُ لِلْقَاعِدِ بِالْأَلْيَةِ قَوْلُهُ: (بِمَا اعْتَبَرُوا بِهِ فِي الْمُسَابَقَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى سَبْقِ أَحَدِ الْمَرْكُوبَيْنِ بِالْكَتَدِ وَهُوَ كَتِفُ الدَّابَّةِ، وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَقَدُّمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute