يُحْسِنْ اللَّاحِنُ الْفَاتِحَةَ فَكَأُمِّيٍّ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ اللَّحْنُ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ كَجَرِّ اللَّامِ فِي قَوْله تَعَالَى {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٣] صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَالْقُدْوَةُ بِهِ حَيْثُ كَانَ عَاجِزًا عَنْ التَّعَلُّمِ، أَوْ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ نَاسِيًا كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ إنَّ ذَلِكَ لَحْنٌ لَكِنَّ الْقُدْوَةَ بِهِ مَكْرُوهَةٌ. أَمَّا الْقَادِرُ الْعَالِمُ الْعَامِدُ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا الْقُدْوَةُ بِهِ لِلْعَالِمِ بِحَالِهِ وَكَالْفَاتِحَةِ فِيمَا ذُكِرَ بَدَلَهَا، وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ كَافِرًا وَلَوْ مَخْفِيًّا كُفْرُهُ كَزِنْدِيقٍ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ. نَعَمْ لَوْ لَمْ يَبِنْ كُفْرُهُ إلَّا بِقَوْلِهِ وَقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فَقَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ: لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ وَكَسْرِ بَائِهَا وَنُونِهَا لِبَقَاءِ الْمَعْنَى، وَضَمِّ صَادِ الصِّرَاطِ وَهَمْزَةِ اهْدِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَمِّدُ لِذَلِكَ آثِمًا اهـ اج. وَقَوْلُهُ: وَضَمُّ صَادِ الصِّرَاطِ أَيْ فَكَاللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ تُسَمِّهِ النُّحَاةُ لَحْنًا فَإِنَّ اللَّحْنَ عِنْدَهُمْ كَاللُّغَوِيِّينَ تَغْيِيرُ الْإِعْرَابِ وَالْخَطَأُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَعَمُّ فَيَشْمَلُ إبْدَالَ حَرْفٍ بِآخَرَ، وَنَصْبُ دَالِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ جَرُّهَا وَالْمُرَادُ بِتَغْيِيرِ الْمَعْنَى أَنَّ بِنَقْلِ مَعْنَى الْكَلِمَةِ إلَى مَعْنًى آخَرَ كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت وَكَسْرِهَا أَوْلَمَ يَكُنْ لَهَا مَعْنًى أَصْلًا كَالزِّيَنِ بِالزَّايِ. اهـ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ غَيَّرَ) أَيْ اللَّحْنُ قَوْلَهُ: (وَلَمْ يُحْسِنْ اللَّاحِنُ الْفَاتِحَةَ) أَيْ لَمْ يُحْسِنْ مَا لَحَنَ بِهِ فِيهَا بِأَنْ عَجْزَ لِسَانُهُ عَنْهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّعَلُّمُ كَمَا فِي م ر وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُحْسِنْ مَا لَحَنَ بِهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُهَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ. اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِهِ) أَيْ مُطْلَقًا وَلَا صَلَاتُهُ إنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ وَإِلَّا صَحَّتْ كَاقْتِدَاءِ مِثْلِهِ بِهِ، وَمِثْلُ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ اقْتِدَاءُ مَنْ يُحْسِنُ سَبْعَ آيَاتٍ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ إلَّا الذِّكْرَ وَحَافِظُ نِصْفِ الْفَاتِحَةِ الْأَوَّلِ بِنِصْفِهَا الثَّانِي اهـ شَرْحُ م ر. وَمَنْ يُحْسِنُ الذِّكْرَ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا كَذَلِكَ اهـ أج قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ اللَّحْنُ) أَيْ الْمُغَيِّرُ لِلْمَعْنَى بِدَلِيلِ مِثَالِهِ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ أَيْ وَغَيْرِ بَدَلِهَا كَمَا ذَكَرَهُ ق ل قَوْلُهُ: (صَحَّتْ صَلَاتُهُ) قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ قِيلَ لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ مِمَّا يَلْحَنُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَقَوَّاهُ السُّبْكِيُّ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَمُقْتَضَاهُ الْبُطْلَانُ. وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ السُّورَةَ مَطْلُوبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ إلَخْ) بَانَ مِنْ أَخَوَاتِ كَانَ فَإِمَامُهُ اسْمُهَا وَكَافِرًا خَبَرُهَا شَيْخُنَا عَنْ السُّيُوطِيّ، وَالْأَوْلَى نَصْبُهُ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ وَلَوْ بَانَ كُفْرُ إمَامِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَهُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ حَالًا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى بِأَنَّ فِي حَالِ كَوْنِهِ كَافِرًا لِأَنَّ الْحَالَ عَلَى تَقْدِيرٍ فِي بَلْ الْمَعْنَى بِأَنَّ كُفْرَهُ، فَالْأَوْلَى كَوْنُهُ تَمْيِيزًا وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ حَالُهُ فِي أَثْنَاءِ الْقُدْوَةِ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ ق ل قَوْلُهُ: (كَافِرًا) أَيْ أَوْ خُنْثَى أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أُمِّيًّا أَوْ تَارِكًا الْفَاتِحَةَ فِي الْجَهْرِيَّةِ، أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَوْ سَاجِدًا عَلَى كُمِّهِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ، أَوْ تَارِكًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ أَوْ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ أَوْ عَلَى السُّتْرَةِ وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ أَوْ عَارِيًّا، وَفَارَقَ تَبَيُّنَ كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ فِي الْخُطْبَةِ وَكَانَ قَدْ خَطَبَ مِنْ قُعُودٍ حَيْثُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِي الْخُطْبَةِ شَرْطٌ وَفِي الصَّلَاةِ رُكْنٌ وَالشَّرْطُ يُغْتَفَرُ فِيهِ. فَإِنْ قُلْت: يَرِدُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ السُّتْرَةُ فَإِنَّهَا شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِيَامِ الْخُطْبَةِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ السُّتْرَةَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ، وَالْقِيَامَ الْمَذْكُورَ شَرْطٌ لِمَا هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْخُطْبَةُ فَاغْتُفِرَ فِيهِ. اهـ. ح ف. وَقَوْلُهُ: وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ لَا تُخْفَى اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَخْفِيًّا) هِيَ لِلرَّدِّ عَلَى الرَّافِعِيِّ. وَقَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَلَا يَنْقَلِبُ نَفْلًا مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) أَيْ إنْ بَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، فَإِنْ بَانَ فِي أَثْنَائِهَا وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ) صَرِيحُهُ أَنْ يَجِبَ الْبَحْثُ عَلَى الْمَأْمُومِ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، فَلَوْ قَالَ لِكَوْنِ الْإِمَامِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِمَامَةِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute