أَحْوَالٍ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَا بِمَسْجِدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ فَضَاءٍ أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ وَالْآخَرُ خَارِجَهُ (وَ) إذَا كَانَا بِمَسْجِدٍ فَ (أَيُّ مَوْضِعٍ صَلَّى) الْمَأْمُومُ (فِي الْمَسْجِدِ) وَمِنْهُ رَحْبَتُهُ (بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (وَهُوَ عَالِمٌ بِصَلَاتِهِ) أَيْ الْإِمَامُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ بَعْضِ صَفٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَسَمَاعِ صَوْتِهِ أَوْ (صَوْتِ مُبَلِّغٍ أَجْزَأَهُ) أَيْ كَفَاهُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَإِنْ بَعُدَتْ مَسَافَتُهُ وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ نَافِذَةٌ إلَيْهِ كَبِئْرٍ وَسَطْحٍ سَوَاءٌ أُغْلِقَتْ أَبْوَابُهَا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ أَمْ لَا كَأَنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا عَلَى سَطْحِهِ أَوْ مَنَارَتِهِ وَالْآخَرُ فِي سِرْدَابٍ أَوْ بِئْرٍ فِيهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ، فَالْمُجْتَمِعُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ مُؤَدَّوْنَ لِشِعَارِهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَافِذَةً إلَيْهِ لَمْ يَعُدْ الْجَامِعُ لَهُمَا مَسْجِدًا وَاحِدًا فَيَضُرُّ الشُّبَّاكُ وَالْمَسَاجِدُ الْمُتَلَاصِقَةُ الَّتِي تُفْتَحُ أَبْوَابُ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهَا بِإِمَامٍ وَجَمَاعَةٍ.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ (مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ) الْمَأْمُومُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ صَلَّى) الْإِمَامُ فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
صُوَرٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ) فِيهِ صُورَتَانِ قَوْلُهُ: (وَأَيُّ مَوْضِعٍ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ صَلَّى إلَخْ، فَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ أَيْ صَلَّى فِيهِ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ رَحْبَتُهُ) قَالَ م ر: وَهِيَ مَا كَانَ خَارِجُهُ مَحُوطًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ شَارِعًا قَبْلَ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ وَقْفِيَّتَهَا مَسْجِدًا أَمْ جَهِلَ أَمْرَهَا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ التَّحْوِيطُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُنْتَهَكَةً غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ. وَخَرَجَ بِالرَّحْبَةِ الْحَرِيمُ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُتَّصِلُ بِالْمَسْجِدِ الْمُهَيَّأُ لِمَصْلَحَتِهِ كَانْصِبَابِ الْمَاءِ وَطَرْحِ الْقُمَامَاتِ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِيمَا مَرَّ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزُ الرَّحْبَةِ عَنْ الْحَرِيمِ بِعَلَامَةٍ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ لِتُعْطَى حُكْمَ الْمَسْجِدِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزٌ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا إنَّمَا يَتَمَيَّزَانِ بِالْقَصْدِ لَا بِالْكَيْفِيَّةِ، وَانْظُرْ لَوْ احْتَمَلَ كَوْنَهَا رَحْبَةً وَكَوْنَهَا حَرِيمًا فَأَدْخَلَهَا النَّاظِرُ فِي تَرْبِيعِهِ وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا هَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا يُرَاجَعُ اهـ م د. وَلَوْ خَرَجَ مَا كَانَ شَارِعًا وَحَجَرَ عَلَيْهِ صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ كَرَحْبَةِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ الَّتِي بَيْنَ الطَّبَرَسِيَّةِ والابتغاوية فَلَيْسَتْ بِمَسْجِدٍ قَطْعًا ابْنُ حَجَرٍ اهـ م د قَوْلُهُ: (بِرُؤْيَتِهِ) بَيَانٌ لِطُرُقِ الْعِلْمِ الْأَرْبَعَةِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ قَوْلُهُ: (أَوْ صَوْتِ مُبَلِّغٍ) أَيْ عَدْلٍ رِوَايَةً بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا، وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمَأْمُونُ وَالْفَاسِقُ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ، وَلَوْ ذَهَبَ الْمُبَلِّغُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لَزِمَتْ الْمَأْمُومَ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ إنْ لَمْ يَرْجُ عَوْدَهُ أَوْ انْتِصَابَ مُبَلِّغٍ آخَرَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُ رُكْنَيْنِ فِي ظَنِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. ح ل قَوْلُهُ: (نَافِذَةٌ) أَيْ تَنَافُذًا عَادِيًّا فَخَرَجَتْ الطَّاقَاتُ الْعَالِيَةُ أَيْ يُمْكِنُ الِاسْتِطْرَاقُ. مِنْ ذَلِكَ الْمَنْفَذِ عَادَةً وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْإِمَامِ إلَّا بِازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ ظُهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ ح ل.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أُغْلِقَتْ أَبْوَابُهَا أَمْ لَا) خَرَجَ مَا لَوْ سُمِّرَتْ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ ق ل. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ح ف عَدَمَ الْبُطْلَانِ إذَا سُمِّرَتْ فِي الْأَثْنَاءِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ اهـ وَمِثْلُ تَسْمِيرِ الْأَبْوَابِ مَا إذَا كَانَ بِنَحْوِ سَطْحٍ لَا مَرْقَى لَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ شَرْحُ م ر قَوْلُهُ: (أَوْ مَنَارَتِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ أَيْ الدَّاخِلَةِ فِيهِ أَوْ فِي رَحْبَتِهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَافِذَةً) كَأَنْ كَانَتْ مُسَمَّرَةَ الْأَبْوَابِ قَوْلُهُ: (فَيَضُرُّ الشُّبَّاكُ) لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِاسْتِطْرَاقَ. قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ كَانَ الِاسْتِطْرَاقُ مُمْكِنًا مِنْ فُرْجَةٍ مِنْ أَعْلَاهُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاسْتِطْرَاقِ الْعَادِي ح ل. وَكَذَا يَضُرُّ زَوَالُ سُلَّمِ الدَّكَّةِ ابْتِدَاءً لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ. اهـ. ح ف. وَيَضُرُّ مَا لَوْ حَالَ بَيْنَ جَانِبَيْ الْمَسْجِدِ نَهْرٌ أَوْ طَرِيقٌ قَدِيمٌ بِأَنْ سَبَقَ وُجُودَهُ أَوْ قَارَنَاهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا يَكُونُ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ بَلْ كَمَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ النَّهْرُ طَارِئًا بَعْدَ الْمَسْجِدِيَّةِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا وَاقِفَيْنِ بِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَالْمَسَاجِدُ الْمُتَلَاصِقَةُ) كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَالطَّبَرَسِيَّةِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ. اهـ إطْفِيحِيٌّ قَوْلُهُ: (كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ) فَلَا يَضُرُّ غَلْقُ أَبْوَابِهَا. وَقَالَ ع ش: فَلَا يَضُرُّ التَّبَاعُدُ وَإِنْ كَثُرَ، أَيْ مَا لَمْ يَحُلْ نَهْرٌ أَوْ طَرِيقٌ قَدِيمٌ أَوْ مُقَارِنٌ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ اهـ أج قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ) هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ كُلُّ صُوَرِ الِاقْتِدَاءِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ. وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ ق ل. أَيْ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَا لَوْ اسْتَدَارُوا حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَكَانُوا أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute