مِنْ دَارٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِبِنَاءٍ وَالْآخَرُ بِفَضَاءٍ شُرِطَ مَعَ مَا مَرَّ آنِفًا إمَّا عَدَمُ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا يَمْنَعُ مُرُورًا أَوْ رُؤْيَةً، أَوْ وُقُوفُ وَاحِدٍ حِذَاءَ مَنْفَذٍ فِي الْحَائِلِ إنْ كَانَ فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ مُرُورًا كَشِبَّاكٍ أَوْ رُؤْيَةً كَبَابٍ مَرْدُودٍ أَوْ لَمْ يَقِفْ أَحَدٌ فِيمَا مَرَّ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ إذْ الْحَيْلُولَةُ بِذَلِكَ تَمْنَعُ الِاجْتِمَاعَ.
وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاءُ الْوَاقِفِ فِيمَا مَرَّ فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ وَإِنْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْإِمَامِ لِمَنْ خَلْفَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْإِمَامِ، وَلَا يَضُرُّ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ شَارِعٌ وَلَوْ كَثُرَ طُرُوقُهُ، وَلَا نَهْرٌ وَإِنْ أَحْوَجَ إلَى سِبَاحَةٍ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعُدَّا لِلْحَيْلُولَةِ، وَكُرِهَ ارْتِفَاعُهُ عَلَى إمَامه وَعَكْسُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ وُقُوفُهُمَا عَلَى مُسْتَوٍ إلَّا لِحَاجَةٍ كَتَعْلِيمِ الْإِمَامِ الْمَأْمُومِينَ صِفَةَ الصَّلَاةِ، وَكَتَبْلِيغِ الْمَأْمُومِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَنَحْوُهَا وَمَا قَارَبَهَا. وَعِبَارَةُ أج قَوْلُهُ: فَلَا تَضُرُّ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَمَا دُونَهَا. وَقَوْلُ م ر فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ: وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَنَحْوُهَا وَمَا قَارَبَهَا لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَلْ الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَتِهِمَا مَا قُلْنَاهُ وَنَقَلْنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ الشِّهَابِ م ر وسم. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُ م ر وَمَا قَارَبَهَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَنَحْوُهَا، وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ مَا قَارَبَهَا بِأَنْ كَانَ أَزْيَدَ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ تَضُرُّ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَا فِي بِنَاءَيْنِ إلَخْ) هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ شَرَطَ فِي فَضَاءٍ إلَخْ قَوْلُهُ: (شُرِطَ مَعَ مَا مَرَّ) هُوَ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَأَنْ يَعْلَمَ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ. قَالَ ق ل: وَمِنْهُ يَعْنِي مِمَّا مَرَّ فِي الْحَاشِيَةِ أَنْ لَا يَكُونَ ازْوِرَارٌ وَانْعِطَافٌ فِي وُصُولِ الْمَأْمُومِ لِلْإِمَامِ وَوُجُودُ الِاسْتِطْرَاقِ عَادَةً قَوْلُهُ: (أَوْ وُقُوفٌ وَاحِدٍ) أَيْ مِنْ الْمَأْمُومِينَ وَهُوَ الرَّابِطَةُ الْمُتَقَدِّمُ فَفِيهِ مَا ذُكِرَ فِيهِ ق ل قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ مُرُورًا) قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ بِسَطْحِ دَارِهِ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مَكَانُ الِاسْتِطْرَاقِ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ ازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ، وَلَا تَكْفِي الْمُشَاهَدَةُ ز ي وَأ ج. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَقِفْ إلَخْ) قِيلَ: إنَّ التَّعْبِيرَ بِالْوَاوِ أَوْلَى لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ لَا يَسْتَقِيمُ إذْ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ لَكِنْ لَمْ يَقِفْ أَحَدٌ إلَخْ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ وُجُودُ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَوْ مُغْلَقٍ مَعَ وُجُودِ الْحَائِلِ اهـ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا يَأْتِي إذَا جُعِلَ الْعَطْفُ عَلَى قَوْلِهِ حَالَ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْعَطْفُ عَلَى الْقَيْدِ وَهُوَ مَا يَمْنَعُ إلَخْ دُونَ مُقَيَّدِهِ، وَالْمَعْنَى فِي الْعَطْفِ أَوْ حَالَ مَا لَا يَمْنَعُ مُرُورًا وَلَا رُؤْيَةً بِأَنْ كَانَ فِيهِ بَابٌ مَفْتُوحٌ لَكِنْ لَمْ يَقِفْ أَحَدٌ بِحِذَائِهِ اهـ ع ش. وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ مَرْدُودٌ أَيْ أَوْ غَيْرَ مَرْدُودٍ وَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ فِيمَا مَرَّ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِذَا كَانَا بِمَسْجِدٍ إلَى هُنَا فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِدُكَّانٍ وَالْآخَرُ بِأُخْرَى مُقَابِلَتَهَا. فِي الصَّفِّ الثَّانِي صَحَّ، وَلَوْ وَقَفَ بِسَطْحِ بَيْتِهِ وَالْإِمَامُ بِسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَبَيْنَهُمَا هَوَاءٌ فَعَنْ الزَّجَّاجِيِّ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَيْ مَعَ إمْكَانِ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ عَادَةً بِأَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ السَّطْحَيْنِ نَحْوَ السِّقَالَةِ قَوْلُهُ: إلَى (سِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ عَوْمٍ وَهُوَ عِلْمٌ لَا يُنْسَى قَوْلُهُ: (ارْتِفَاعُهُ) أَيْ ارْتِفَاعًا يَظْهَرُ فِي الْحِسِّ وَهُوَ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يُوضَعْ نَحْوَ الْمَسْجِدِ مُشْتَمِلًا عَلَى ارْتِفَاعٍ وَانْخِفَاضٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ اهـ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ، كَالْأَشْرَفِيَّةِ وَالْغُورِيَّةِ. وَلَوْ تَعَارَضَ إكْمَالُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَكِنْ مَعَ ارْتِفَاعٍ وَالْوُقُوفُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي لَا مَعَ ارْتِفَاعٍ وَقَفَ فِي الثَّانِي، وَتَرَكَ تَكْمِيلَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ كَرَاهَةَ الِارْتِفَاعِ أَشَدُّ فَإِنَّهَا تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ تَقْطِيعِ الصُّفُوفِ فَإِنَّهُ لَا يُفَوِّتُهَا عَلَى مَا فِي فَتَاوَى م ر اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَعَكْسُهُ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الِارْتِفَاعِ أَيْ انْخِفَاضُ الْمَأْمُومِ عَنْ إمَامِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ. وَالْكَرَاهَةُ فِي الشِّقَّيْنِ رَاجِعَةٌ إلَى الْمَأْمُومِ وَبِهَا تَفُوتُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. نَعَمْ لَوْ ارْتَفَعَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ أَوْ انْخَفَضَ وَحْدَهُ فَالْوَجْهُ نِسْبَةُ الْكَرَاهَةِ إلَيْهِ ق ل قَوْلُهُ: (كَتَعْلِيمِ الْإِمَامِ) هَذَا مِثَالٌ لِارْتِفَاعِ الْإِمَامِ لِحَاجَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الْعِلْمَ بِالْكَيْفِيَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، فَكَيْفَ يَدْخُلُونَ غَيْرَ عَالِمِينَ بِهَا؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ تَمْيِيزُ الْفَرَائِضِ مِنْ السُّنَنِ وَهَذَا مَعْلُومٌ لَهُمْ، وَأَمَّا مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ صُورَةِ الْفُرُوضِ وَالسُّنَنِ فَأَرَادَ الْإِمَامُ تَعْلِيمَهَا لَهُمْ بِالْفِعْلِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَكَتَبْلِيغِ الْمَأْمُومِ) هُوَ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ إلَى فَاعِلِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الذِّكْرِ فِيهِ وَلَوْ مَعَ الْإِعْلَامِ. نَعَمْ يُعْذَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute