وَالرَّابِعُ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ تَوَافُقُ نَظْمِ صَلَاتَيْهِمَا فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ، فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مَعَ اخْتِلَافِهِ كَمَكْتُوبَةٍ وَكُسُوفٍ أَوْ جِنَازَةٍ لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ، وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِمُؤَدٍّ بِقَاضٍ وَمُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ، وَفِي طَوِيلَةٍ بِقَصِيرَةٍ كَظُهْرٍ بِصُبْحٍ وَبِالْعَكْسِ وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُقْتَدِي فِي نَحْوِ الظُّهْرِ بِصُبْحٍ أَوْ مَغْرِبٍ كَمَسْبُوقٍ فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ بَعْدَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (نَظْمِ صَلَاتَيْهِمَا) الْمُرَادُ بِالنَّظْمِ الصُّورَةُ وَالْهَيْئَةُ الْخَارِجِيَّةُ، أَيْ تَوَافُقُ هَيْئَةِ صَلَاتَيْهِمَا. وَمِنْ التَّوَافُقِ صَلَاةُ التَّسَابِيحِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِمُصَلِّيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَنْتَظِرُهُ الْمَأْمُومُ فِي السُّجُودِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي إذَا طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ وَالْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي الْقِيَامِ إذَا طَوَّلَ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَوْلُهُ: (فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ) خَرَجَ بِالْأَفْعَالِ الْأَقْوَالُ، فَلَا يُشْتَرَطُ التَّوَافُقُ فِيهَا كَالْعَاجِزِ عَنْ الْفَاتِحَةِ الْآتِي بِبَدَلِهَا إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يُحْسِنُهَا، وَخَرَجَ بِالظَّاهِرَةِ الْبَاطِنَةُ كَنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَوْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ كَالصُّبْحِ بِالظُّهْرِ مَثَلًا فَلَا يُشْتَرَطُ التَّوَافُقُ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِمُؤَدٍّ إلَى آخِرِهِ قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ إلَخْ) أَيْ عَدَمُ الصِّحَّةِ مِنْ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ أَيْ تَنْعَقِدُ النِّيَّةُ لَا أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ نِيَّةَ الْإِمَامِ لَهَا أَوْ يَجْهَلَهَا، وَإِنْ بَانَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ قَوْلُهُ: (مَعَ اخْتِلَافِهِ) وَمِنْهُ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بِمَنْ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّ فِيهِ اقْتِدَاءَ مَنْ فِي صَلَاةٍ بِمَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ بِمَنْ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ وَعَكْسُهُ اهـ خ ل قَوْلُهُ: (أَوْ جِنَازَةٍ) لَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ لَأَفَادَتْ مَسَائِلَ فِي الْمَذْكُورَاتِ وَهِيَ مَكْتُوبَةٌ خَلْفَ كُسُوفٍ أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ مَكْتُوبَةٍ خَلْفَ جِنَازَةٍ أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ جِنَازَةٍ خَلْفَ كُسُوفٍ أَوْ عَكْسِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا الِاقْتِدَاءُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ، وَهِيَ مَكْتُوبَةٌ وَنَافِلَةٌ خَلْفَ جِنَازَةٍ وَكُسُوفٍ وَتِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَبِالْعَكْسِ أَيْ الْأَرْبَعَةُ خَلْفَهُمَا فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَالْجِنَازَةُ خَلْفَ الْكُسُوفِ وَسَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَبِالْعَكْسِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ، وَالْكُسُوفُ خَلْفَ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَبِالْعَكْسِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ فَتَمَّتْ الصُّوَرُ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ) نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي فَمَا بَعْدَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ فِي الْمَكْتُوبَةِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خِلَافًا لحج حَيْثُ جَوَّزَهُ فِي آخِرِ تَكْبِيرِ الْجِنَازَةِ، وَلَا يَصِحُّ فِي سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ.
قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِمُؤَدٍّ) أَيْ مَعَ حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ شَرْحُ م ر. وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي هَذِهِ غَيْرُ سُنَّةٍ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا تُسَنُّ فِي مَقْضِيَّةٍ خَلْفَ مُؤَدَّاةٍ وَبِالْعَكْسِ بَلْ مَكْرُوهَةٌ وَمَا لَا يُطْلَبُ لَا ثَوَابَ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحْصُلُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَعِبَارَةُ ز ي: وَالِانْفِرَادُ هُنَا أَفْضَلُ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَضْلَ وَرُدَّ بِقَوْلِهِمْ الِانْتِظَارُ أَفْضَلُ إذْ لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مَكْرُوهَةً لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَفِي طَوِيلَةٍ بِقَصِيرَةٍ) عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لِمُؤَدٍّ بِقَاضٍ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَالْمُقْتَدِي فِي نَحْوِ ظُهْرٍ إلَخْ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ لِمُؤَدٍّ بِقَاضٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَّفِقِينَ فِي الْعَدَدِ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ: وَفِي طَوِيلَةٍ بِقَصِيرَةٍ ز ي. وَيُمْكِنُ اقْتِدَاءُ مُصَلِّي الطَّوِيلَةِ بِمُصَلِّي الْقَصِيرَةِ مَعَ كَوْنِهِمَا مُؤَدَّاتَيْنِ كَمَا إذَا جَمَعَ الْمَغْرِبَ مَعَ الْعِشَاءِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ وَصَلَّى وَاحِدٌ خَلْفَهُ الْعِشَاءَ مَعَ صَلَاتِهِ الْمَغْرِبَ، أَوْ جَمَعَ الْعِشَاءَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فَصَلَّاهَا خَلْفَ مُصَلِّي الْمَغْرِبِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لِمُؤَدٍّ بِقَاضٍ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ وَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ صَلَاتِهِ قَوْلُهُ: (وَبِالْعَكْسِ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ. اهـ. ق ل. وَعَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: وَبِالْعُكُوسِ، وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْعَكْسِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَفِي طَوِيلَةٍ بِقَصِيرَةٍ وَسَبَبُ ذَلِكَ التَّوَهُّمِ اخْتِلَافُ الْعَامِلِ وَمَجِيءُ الْمَصْدَرِ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْإِفْرَادُ فَارْتَكَبَ خِلَافَ الْأَصْلِ دَفْعًا لِذَلِكَ التَّوَهُّمِ، فَلَوْ وَافَقَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ) أَيْ لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِيهِمَا وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَا فِي النِّيَّةِ وَهِيَ فِعْلٌ قَلْبِيٌّ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعَ.
قَوْلُهُ: وَالْمُقْتَدِي فِي نَحْوِ الظُّهْرِ إلَخْ بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute