للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخَامِسُ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ مُوَافَقَتُهُ فِي سُنَنٍ تَفْحُشُ مُخَالَفَتُهُ فِيهَا فِعْلًا وَتَرْكًا كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ، وَتَشَهُّدٍ أَوَّلَ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَا تَفْحُشُ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ.

وَالسَّادِسُ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ تَبَعِيَّةُ إمَامِهِ بِأَنْ يُؤَخِّرَ تَحَرُّمَهُ عَنْ تَحَرُّمِ إمَامِهِ، فَإِنْ خَالَفَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ. وَأَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ وَلَوْ غَيْرَ طَوِيلَيْنِ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَأَنْ لَا يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِهِمَا بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ خَالَفَ فِي السَّبْقِ أَوْ التَّخَلُّفِ بِهِمَا وَلَوْ غَيْرَ طَوِيلَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ بِلَا عُذْرٍ بِخِلَافِ سَبْقِهِ بِهِمَا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُكْرَهُ لَكِنْ عَدَمُ الْمُفَارَقَةِ أَفْضَلُ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (فِعْلًا) مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ مُوَافَقَتُهُ عَلَى أَنَّهُ تَمْيِيزٌ قَوْلُهُ: (كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَتَشَهُّدٍ أَوَّلَ) أَيْ كَأَنْ سَجَدَ الْمَأْمُومُ لِلتِّلَاوَةِ أَوْ قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بَعْدَ تَرْكِ الْإِمَامِ لَهُمَا، فَإِنْ فَعَلَ الْمَأْمُومُ ذَلِكَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا. وَقَوْلُهُ: تَرْكًا كَأَنْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ بَعْدَ قُعُودِ الْإِمَامِ لَهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا سُنَّ لَهُ الْعَوْدُ، وَإِنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ رَاجِعٌ لِلتَّشَهُّدِ فَقَطْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَأَمَّا إذَا تَرَكَ الْمَأْمُومُ سُجُودَ التِّلَاوَةِ مَعَ الْإِمَامِ فَحُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَاسِيًا فَلَا قَوْلُهُ: (وَتَشَهُّدٍ أَوَّلَ) أَيْ أَصْلُهُ، وَأَمَّا إتْمَامُهُ فَلَا يَضُرُّ التَّخَلُّفُ لَهُ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّبَعِيَّةِ. وَقَوْلُ جَمَاعَةٍ إنَّ تَخَلُّفَهُ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ مَطْلُوبٌ فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ هُوَ الْأَوْجَهُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ مَمْنُوعٌ اهـ. قَالَ أج: وَحِينَئِذٍ إذَا كَمَّلَ تَشَهُّدَهُ وَأَدْرَكَ زَمَنًا خَلْفَ الْإِمَامِ لَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَيُغْتَفَرُ لَهُ التَّخَلُّفُ بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ أهـ.

قَوْلُهُ: (تَبَعِيَّةُ) تَعْبِيره بِالتَّبَعِيَّةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمِنْهَاجِ بِالْمُتَابَعَةِ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِذَا عَبَّرَ بِذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمِنْهَاجِ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَتَأَخَّرَ تَحَرُّمُهُ) أَيْ يَقِينًا، وَالْمُرَادُ أَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ تَحَرُّمِهِ عَنْ انْتِهَاءِ تَحَرُّمِ الْإِمَامِ، أَيْ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ جَمِيعُ تَحَرُّمِهِ عَنْ جَمِيعِ تَحَرُّمِ الْإِمَامِ، فَلَوْ قَارَنَهُ فِي حَرْفٍ مِنْ التَّكْبِيرِ لَمْ تَنْعَقِدْ. وَمَحَلُّ هَذَا الشَّرْطِ فِيمَا إذَا نَوَى الْمَأْمُومُ الِاقْتِدَاءَ مَعَ تَحَرُّمِهِ، أَمَّا لَوْ نَوَاهُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ أَيْ الْمَأْمُومُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ تَحَرُّمِهِ بَلْ يَصِحُّ تَقَدُّمُهُ عَلَى تَحَرُّمِ الْإِمَامِ الَّذِي اقْتَدَى بِهِ فِي الْأَثْنَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَبَّرَ عَقِبَ تَكْبِيرِهِ ثُمَّ كَبَّرَ إمَامُهُ ثَانِيًا خِفْيَةً لِشَكِّهِ فِي تَكْبِيرِهِ مَثَلًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُومُ لَمْ يَضُرَّ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ فُرَادَى كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَالَفَهُ) أَيْ التَّبَعِيَّةُ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ تَأْوِيلِهَا بِالْحُكْمِ، أَوْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلتَّأَخُّرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: يَتَأَخَّرُ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ خَالَفَهُ بِأَنْ سَبَقَ أَوْ قَارَنَ أَوْ شَكَّ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَيْرَ طَوِيلَيْنِ) أَيْ طَوِيلٍ وَقَصِيرٍ لِأَنَّ الْقَصِيرَيْنِ لَا يَتَصَوَّرَانِ ح ل فَفِيهِ تَغْلِيبٌ، وَتَوَالِي فِعْلَيْنِ طَوِيلَيْنِ مُمْكِنٌ كَالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْقِيَامِ كَأَنْ سَجَدَ الْمَأْمُومُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ وَقَامَ، وَالْإِمَامُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَجُلُوسُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لِأَنَّ السَّبْقَ وَالتَّخَلُّفَ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا اهـ اط ف.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِهِمَا بِلَا عُذْرٍ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ بِمَا لَا يُبْطِلُهُ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ وَجَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ لَحِقَهُ لَا يَضُرُّ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ لِلتِّلَاوَةِ وَفَرَغَ مِنْهُ وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ، وَإِنْ لَحِقَهُ أَيْ أَتَى بِهِ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَمَّا لَمْ يَفُتْ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لِرُجُوعِهِمَا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الرُّكْنَ يَفُوتُ بِانْتِقَالِ الْمَأْمُومِ عَنْهُ فَكَانَ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) عَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ عَامِدًا عَالِمًا، وَهُنَا بِمَا ذُكِرَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَعَمُّ مِنْ النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ كَبُطْءِ الْقِرَاءَةِ وَالزَّحْمَةِ. وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَبْقِهِ بِهِمَا نَاسِيًا مُحْتَرَزُ عَامِدًا عَالِمًا وَتَأْخِيرُهُ إلَى هُنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ فَسَّرَ التَّبَعِيَّةَ بِعَدَمِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، فَجَعَلَ عَدَمَ التَّخَلُّفِ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِ التَّبَعِيَّةِ فَجَمْعُ مَفْهُومِ الْقَيْدَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَفْرِيقِهِ لِيَكُونَ بَيَانُ الْمَفْهُومِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>