وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا تَجِبُ إعَادَةُ ذَلِكَ، وَبِخِلَافِ تَخَلُّفِهِ بِفِعْلِيٍّ مُطْلَقًا أَوْ بِفِعْلِيَّيْنِ بِعُذْرٍ كَأَنْ ابْتَدَأَ إمَامُهُ هُوِيَّ السُّجُودِ وَهُوَ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ، وَالسَّبْقُ بِهِمَا يُقَاسُ بِالتَّخَلُّفِ بِهِمَا وَبِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ لَكِنَّهَا فِي الْأَفْعَالِ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَهَلْ هِيَ مُفَوِّتَةٌ لِمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ أَوْ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا ثَوَابُ الصَّلَاةِ فَلَا يَفُوتُ بِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا صَلَّى بِأَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى حُصُولِ الثَّوَابِ فَالْمَكْرُوهُ أَوْلَى، وَالْعُذْرُ لِلتَّخَلُّفِ كَأَنْ أَسْرَعَ إمَامٌ قِرَاءَتَهُ وَرَكَعَ قَبْلَ إتْمَامِ مُوَافِقٍ لَهُ الْفَاتِحَةَ وَهُوَ بَطِيءُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المائدة: ٦٠] اهـ. ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ: لَكِنَّهُ فِي الْفِعْلِيِّ أَيْ لَكِنَّ السَّبَقَ فِي الْفِعْلِيِّ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ الْمَصْدَرِ قَوْلُهُ: (حَرَامٌ) أَيْ مِنْ الْكَبَائِرِ. اهـ. ع ش وَالسَّبْقُ بِبَعْضِ رُكْنٍ مِنْ الصَّغَائِرِ قَوْلُهُ: (هُوِيَّ السُّجُودِ) أَيْ وَزَالَ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ فِي الْأَوْجَهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ فِي الْقِيَامِ حِينَئِذٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ فَلَا يَضُرُّ، أَيْ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ عَدَمُ الضَّرَرِ وَقَدْ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ هُوِيَّ السُّجُودِ شَرْحُ م ر قَوْلُهُ: (يُقَاسُ بِالتَّخَلُّفِ بِهِمَا) أَيْ فِي التَّصْوِيرِ بِأَنْ فَرَغَ مِنْهُمَا وَالْإِمَامُ فِيمَا قَبْلَهُمَا ح ل بِأَنْ ابْتَدَأَ الْمَأْمُومُ هُوِيَّ السُّجُودِ وَإِمَامُهُ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ) أَيْ فَتَضُرُّ فِيهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا حَتَّى لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ أَوْ ظَنَّ التَّأَخُّرَ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ اهـ أج قَوْلُهُ: (لَكِنَّهَا فِي الْأَفْعَالِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: حَرَامٌ مُبْطِلَةٌ أَيْ مَانِعَةٌ مِنْ الِانْعِقَادِ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَمَنْدُوبَةٌ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِي التَّأْمِينِ، وَمَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مَعَ الْعَمْدِ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِي الْأَفْعَالِ وَالسَّلَامِ، وَمُبَاحَةٌ وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، وَوَاجِبَةٌ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يُدْرِكْهَا.
قَوْلُهُ: (الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) مُعْتَمَدٌ فَإِذَا قَارَنَهُ فِي الرُّكُوعِ فَاتَهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ رُكُوعًا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف. قَالَ ق ل: وَالْمُقَارَنَةُ فِي أَقْوَالٍ يُطْلَبُ التَّأْخِيرُ فِيهَا كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (كَأَنْ أَسْرَعَ) الْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ الِاعْتِدَالُ، فَإِطْلَاقُ الْإِسْرَاعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُطْءِ الْحَاصِلِ لِلْمَأْمُومِ، وَأَمَّا لَوْ أَسْرَعَ الْإِمَامُ حَقِيقَةً بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الْمَأْمُومُ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ لِلْمُعْتَدِلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَرْكَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَيَتْرُكَهَا لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا وَلَوْ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ ع ش عَلَى م ر وَق ل. قَوْلُهُ: (قَبْلَ إتْمَامِ مُوَافِقٍ لَهُ) وَالْمُوَافِقُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ قِيَامِ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ، وَكَذَا مَنْ شَكَّ هَلْ أَدْرَكَ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر. قَالَ حَجّ: لَكِنْ لَا يُدْرِكُ أَعْنِي الشَّاكَّ الرَّكْعَةَ إلَّا إذَا أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مَعَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ تَعَارَضَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: عَدَمُ إدْرَاكِهَا، وَعَدَمُ تَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا. فَرَجَّحْنَا الثَّانِيَ احْتِيَاطًا، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ م ر أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ وَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ وَيَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ فَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الْإِمَامِ رُخْصَةٌ وَالرُّخْصَةُ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ اهـ أج.
وَالْمَوَاضِعُ الَّتِي يُغْتَفَرُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ، أَنْ يَكُونَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ لِعَجْزٍ خَلْقِيٍّ لَا لِوَسْوَسَةٍ وَالْإِمَامُ مُعْتَدِلُهَا، أَوْ عَلِمَ أَوْ شَكَّ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَبَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ، أَوْ انْتَظَرَ سَكْتَةَ الْإِمَامِ لِقِرَاءَتِهِ السُّورَةِ فَرَكَعَ أَعْنِي الْإِمَامَ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ، أَوْ كَانَ مُوَافِقًا وَاشْتَغَلَ بِسُنَّةٍ كَدُعَاءِ افْتِتَاحٍ وَتَعَوُّذٍ، أَوْ طَوَّلَ السَّجْدَةَ الْأَخِيرَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، أَوْ كَمَّلَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ أَوْ نَامَ فِيهِ مُتَمَكِّنًا أَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ مَسْبُوقٌ أَوْ مُوَافِقٌ، أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ سَمِعَ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَظَنَّهَا تَكْبِيرَةَ التَّشَهُّدِ فَإِذَا هِيَ تَكْبِيرَةُ قِيَامٍ فَجَلَسَ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَامَ فَرَأَى الْإِمَامَ رَاكِعًا اهـ. وَذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْضَهَا كَمَا تَرَى. وَقَدْ نَظَمَهَا شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ بِقَوْلِهِ:
إنْ رُمْتَ ضَبْطًا لِلَّذِي شُرِعَا عُذْرٌ ... حَتَّى لَهُ ثَلَاثُ أَرْكَانٍ غُفِرَ
مَنْ فِي قِرَاءَةٍ لِعَجْزِهِ بَطِيٌّ ... أَوْ شَكَّ أَنْ قَرَا وَمَنْ لَهَا نَسِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute