اجْتَمَعُوا وَكَتَبَ إذَا خَطَّ بِالْقَلَمِ لِمَا فِيهِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ قَالَ أَبُو حَيَّانَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنْ الْكَتْبِ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُشْتَقُّ مِنْ الْمَصْدَرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَزِيدَ يُشْتَقُّ مِنْ الْمُجَرَّدِ وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْبَابِ وَبِالْفَصْلِ أَيْضًا فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ قِيلَ الْكِتَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَبْوَابٍ وَفُصُولٍ وَمَسَائِلَ غَالِبًا وَالْبَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْكِتَابِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُصُولٍ وَمَسَائِلَ غَالِبًا وَالْفَصْلُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْبَابِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَسَائِلَ غَالِبًا وَالْبَابُ لُغَةً مَا يُتَوَصَّلُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَالْفَصْلُ لُغَةً الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَالْكِتَابُ هُنَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ مُضَافٌ إلَى مَحْذُوفَيْنِ كَمَا قَدَّرْته وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي كُلِّ كِتَابٍ أَوْ بَابٍ أَوْ فَصْلٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَوَضَعَهَا بِإِزَاءِ الْمَعَانِي، وَخَلَقَ عِلْمًا ضَرُورِيًّا فِي أُنَاسٍ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ مَوْضُوعَةٌ لِتِلْكَ الْمَعَانِي، وَقِيلَ الْوَاضِعُ لَهَا الْبَشَرُ بِاصْطِلَاحٍ وَتَوَافُقٍ بَيْنَهُمْ، وَقِيلَ بِالْوَقْفِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ الْقَاطِعِ.
قَوْلُهُ: (وَالْجَمْعُ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ لِأَنَّ كُلَّ ضَمٍّ فِيهِ جَمْعٌ وَلَا عَكْسَ لِأَخْذِ التَّلَاصُقِ فِي مَفْهُومِ الضَّمِّ دُونَ الْجَمْعِ.
قَوْلُهُ: (يُقَالُ كَتَبْت كَتْبًا) أَيْ يُقَالُ قَوْلًا جَارِيًا عَلَى طَرِيقَةِ اللُّغَةِ، وَقَوْلُهُ: كَتْبًا مَصْدَرٌ لِكَتَبَ وَهُوَ مَقِيسٌ لِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ: فِعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى.
وَأَمَّا اللَّذَانِ بَعْدَهُ فَسَمَاعِيَّانِ: قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ) أَيْ الْخَطِّ. وَقَوْلُهُ: كَتْبًا مَعْنَاهُ الْجَمْعُ. وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ مُجَرَّدٌ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَذْكُرَ بَعْدَهُ كِتَابًا لِأَنَّ فِيهِ حَرْفًا زَائِدًا فَقَطْ، وَكِتَابَةٌ فِيهِ حَرْفَانِ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَشْهَرَ مِنْ كِتَابًا قُدِّمَ عَلَيْهِ اهـ اج.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: كَتْبًا مَصْدَرٌ مُجَرَّدٌ، وَكِتَابَةً وَكِتَابًا مَصْدَرَانِ مَزِيدَانِ، وَالْأَوَّلُ مَزِيدٌ بِحَرْفَيْنِ، وَالثَّانِي بِحَرْفٍ وَقَدَّمَ الْمَزِيدَ بِحَرْفَيْنِ لِشُهْرَتِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (الْمَزِيدَ) وَهُوَ الْكِتَابُ وَالْكِتَابَةُ.
قَوْلُهُ: (يُشْتَقُّ مِنْ الْمُجَرَّدِ) وَهُوَ الْكَتْبُ أَيْ يُؤْخَذُ مِنْهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمَصْدَرَ جَامِدٌ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ.
قَوْلُهُ: (وَاصْطِلَاحًا) أَيْ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ أَيْ فِي عُرْفِهِمْ. وَالِاصْطِلَاحُ اتِّفَاقُ طَائِفَةٍ عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ بَيْنَهُمْ مَتَى أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَيْهِمْ، وَعَبَّرَ فِي الْكِتَابَةِ عَنْ مُقَابِلِ اللُّغَوِيِّ بِقَوْلِهِ وَاصْطِلَاحًا، وَفِي الطَّهَارَةِ بِقَوْلِهِ: وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ هِيَ مَا تَلْقَى مَعْنَاهَا مِنْ الشَّارِعِ، وَأَنَّ مَا لَمْ يَتَلَقَّ مِنْ الشَّارِعِ يُسَمَّى اصْطِلَاحًا وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ بِأَنْ اصْطَلَحُوا عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنًى فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَمْ يَتَلَقَّوْا التَّسْمِيَةَ بِهِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ، نَعَمْ قَدْ يَسْتَعْمِلُونَ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ فِيمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَلَقًّى مِنْ الشَّارِعِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْعِلْمِ) أَيْ مِنْ دَالِّ الْعِلْمِ فَلَا يُخَالِفُ مَا اخْتَارَهُ السَّيِّدُ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي أَسْمَاءِ الْكُتُبِ وَالْأَبْوَابِ وَالْفُصُولِ أَنَّهَا أَسْمَاءٌ لِلْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَخْ) أَيْ هَذَا إنْ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهَا أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ تِلْكَ الْجُمْلَةَ تُسَمَّى بِأَسْمَاءٍ إذَا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهَا إلَخْ. فَهُوَ تَفْصِيلٌ لِلْمُجْمَلِ السَّابِقِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (مُخْتَصَّةٍ) مَعْنَى اخْتِصَاصِهَا كَوْنُهَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ. وَقَوْلُهُ: (مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَبْوَابٍ إلَخْ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ لَيْسَتْ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ بَلْ الْكِتَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَا ذُكِرَ، فَلَوْ حَذَفَهَا لَكَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِ تَوَقُّفِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهَا، لَكِنْ هَذَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ غَالِبًا كَمَا فِي الْإِطْفِيحِيِّ. بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ التَّرْجَمَةَ هِيَ لَفْظُ الْكِتَابِ فَقَطْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّرَاجِمَ مِنْ قَبِيلِ عَلَمِ الْجِنْسِ أَوْ الشَّخْصِ عَلَى الْخِلَافِ فَيَلْزَمُ إضَافَةُ الْعَلَمِ، وَلَوْ جُعِلَتْ التَّرْجَمَةُ مَجْمُوعَ التَّرْكِيبِ الْإِضَافِيِّ كَانَ أَحْسَنَ، غَيْرَ أَنَّ الشَّارِحَ عَرَّفَ كُلًّا مِنْ الْجُزْأَيْنِ عَلَى حِدَتِهِ لِبَيَانِ حَالِهِمَا قَبْلَ الْعَلَمِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْآنَ لَا مَعْنَى لِكُلِّ جُزْءٍ عَلَى حِدَتِهِ لِأَنَّهُ جُزْءُ عَلَمٍ.
قَوْلُهُ: (وَالْبَابُ لُغَةً مَا يُتَوَصَّلُ) أَيْ فُرْجَةٌ يُتَوَصَّلُ إلَخْ. وَأَمَّا الْخَشَبُ فَتَسْمِيَتُهُ بَابًا مَجَازٌ لِلْمُجَاوَرَةِ أَوْ الْحَالِيَّةِ وَالْمَحَلِّيَّةِ. وَأَلْغَزَ بَعْضُهُمْ فِي بَابِ الْخَشَبِ الَّذِي لَهُ مِصْرَاعَانِ فَقَالَ:
خَلِيلَانِ مَمْنُوعَانِ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ ... يَبِيتَانِ طُولَ اللَّيْلِ يَعْتَنِقَانِ
هُمَا يَحْفَظَانِ الْأَهْلَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ ... وَعِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَفْتَرِقَانِ
قَوْلُهُ: (وَالْكِتَابُ هُنَا) احْتَرَزَ عَمَّا إذَا صَرَّحَ بِالْمُبْتَدَأِ. قَوْلُهُ: (مُضَافٌ) بِالرَّفْعِ صِفَةُ خَبَرٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ