فِيهِ، فَإِنْ فَرَغَ إمَامُهُ أَوَّلًا فَهُوَ كَمَسْبُوقٍ، أَوْ فَرَغَ هُوَ أَوَّلًا فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ مِنْ مُفَارَقَتِهِ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وَمَا أَدْرَكَهُ مَسْبُوقٌ فَأَوَّلُ صَلَاتِهِ فَيُعِيدُ فِي ثَانِيَةِ صُبْحٍ الْقُنُوتَ وَفِي ثَانِيَةِ مَغْرِبٍ التَّشَهُّدَ لِأَنَّهَا مَحَلُّهُمَا، فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي رُكُوعٍ مَحْسُوبٍ لِلْإِمَامِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَكَانَ صَلَاتِهِ فَيُكْمِلُهَا الْمَأْمُومُ مَعَهُ، أَوْ يَرْبِطُ الْمَأْمُومُ صَلَاتَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْإِمَامِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ نَقْصٌ فِي صَلَاةِ إمَامِهِ بَلْ نَقَلَ نَفْسَهُ لِجَمَاعَةٍ أُخْرَى بِلَا سَبَبٍ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا مُفَوِّتًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، بَلْ لَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ بِعُذْرٍ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا وَكُرِهَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ قَالَهُ سم اط ف. وَعُلِمَ مِنْ جَوَازِ الْقُدْوَةِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي أَيِّ رَكْعَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، فَلَوْ نَوَى الْقُدْوَةَ بِمَنْ فِي الرُّكُوعِ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا اقْتَدَى بِمَنْ فِي الرُّكُوعِ عَقِبَ إحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا، أَمَّا لَوْ مَضَى بَعْدَ إحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا فِي الْأَوَّلِ وَبَعْضُهَا فِي الثَّانِي وَهَلْ هُوَ فِي الْأَوَّلِ كَالْمُوَافِقِ وَفِي الثَّانِي كَالْمَسْبُوقِ؟ قَالَ سم: فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ فَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْإِمَامُ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا فِي الصُّورَتَيْنِ لِصِدْقِ ضَابِطِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ إحْرَامِهِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِسُكُوتِهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا لِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لَهُ بِالْإِمَامِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ اهـ اط ف. قَالَ م ر: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْإِمَامِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِآخَرَ وَيُعْرِضَ عَنْ الْإِمَامَةِ وَهُوَ جَائِزٌ، وَيَصِيرُ الْمُقْتَدُونَ بِهِ مُنْفَرِدِينَ وَلَهُمْ الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ اقْتَدَى هُوَ بِهِ اهـ.
قَالَ ع ش: قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ الْمُقْتَدُونَ بِهِ مُنْفَرِدِينَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْتَدُونَ بِاقْتِدَاءِ الْإِمَامِ بِغَيْرِهِ وَتَابَعُوهُ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِمْ لِاقْتِدَائِهِمْ بِمُقْتَدٍ أَوْ لَا لِعُذْرِهِمْ كَمَا لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ لِلْإِحْرَامِ فَاقْتَدُوا بِهِ ثُمَّ كَبَّرَ ثَانِيًا وَلَمْ يَعْلَمُوا تَكْبِيرَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِعُذْرِهِمْ وَلَا تَفُوتُهُمْ الْفَضِيلَةُ لِوُجُودِ الْجَمَاعَةِ صُورَةً اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ ثَانِيًا مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْمُقْتَدِينَ بِخِلَافِ اقْتِدَائِهِ بِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُمْ بِقَرِينَةِ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمَوْقِفِ وَالْأَفْعَالِ اهـ. وَقَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِمْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْمُقْتَدِي لَا يَصِحُّ وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ، حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ الْإِمَامُ مُقْتَدِيًا فَإِنَّهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى الْمَأْمُومِ اهـ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ فِي الْأَثْنَاءِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَا فَوَاتَ فَضِيلَةٍ فِيهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْغَيْرِ مَظِنَّةُ مُخَالَفَةِ نَظْمِ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ يَتْبَعُ الْإِمَامَ فِي نَظْمِ صَلَاتِهِ وَإِنْ خَالَفَ نَظْمَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، وَلَا كَذَلِكَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ لَا يَكُونُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ سم.
قَوْلُهُ: (وَتَبِعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ) أَيْ تَبِعَ الْمَأْمُومَ وُجُوبًا وَلَوْ فِي رُكْنٍ قَصِيرٍ كَاعْتِدَالِ الْإِمَامِ وَلَوْ فِي رُكْنٍ طَوِيلٍ كَالْقِيَامِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَائِمًا وَالْآخَرُ قَاعِدًا. نَعَمْ لَوْ اقْتَدَى مَنْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِمَنْ فِي الْقِيَامِ مَثَلًا لَمْ يَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ بَلْ يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَهُ فِرَاقُهُ وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ أَحْدَثَ جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ إحْدَاثُهُ بَعْدَ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ لَا دَوَامِهِ كَمَا هُنَا اهـ. أَوْ اقْتَدَى مَنْ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ بِمَنْ فِي الْقِيَامِ أَيْضًا لَمْ يَجُزْ لَهُ رَفْعُ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ بَلْ يَنْتَظِرُهُ فِيهِ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ قَامَ إلَيْهِ وَكُلُّ مَا فَعَلَهُ الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ مِمَّا فَعَلَهُ قَبْلَهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لَهُ. اهـ. ق ل مَعَ زِيَادَةٍ قَوْلُهُ: (فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) أَيْ نَظَرًا لِبَقَاءِ صُورَةِ الْجَمَاعَةِ. وَقَدْ نُهِيَ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْعِبَادَةِ وَإِنْ انْتَفَى ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ بِالِاقْتِدَاءِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةٌ فِي الْجُمْلَةِ بِرَبْطِ صَلَاتِهِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ. اهـ. ع ش قَوْلُهُ: (وَمَا أَدْرَكَهُ مَسْبُوقٌ فَأَوَّلُ صَلَاتِهِ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ. اهـ. ق ل. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَمَا أَدْرَكَهُ مَسْبُوقٌ أَيْ مَعَ إمَامِهِ مِمَّا يُعْتَدُّ بِهِ لَهُ لَا كَاعْتِدَالِهِ وَمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (فَأَوَّلُ صَلَاتِهِ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» وَإِتْمَامُ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَوَّلِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «فَاقْضِ مَا سَبَقَك» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْقَضَاءِ اللُّغَوِيِّ، بَلْ هُوَ مُتَعَيِّنٌ لِاسْتِحَالَةِ الْقَضَاءِ شَرْعًا هُنَا اهـ شَرْحُ م ر. قَالَ سم: قَدْ يُمْنَعُ دَلَالَةُ هَذِهِ الِاسْتِحَالَةِ عَلَى التَّعَيُّنِ لِجَوَازِ أَنَّ لِلْقَضَاءِ شَرْعًا مَعْنًى آخَرَ كَوُقُوعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِهِ قَوْلُهُ: (وَفِي ثَانِيَةِ مَغْرِبٍ) وَذَلِكَ بِأَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ مَعَ الْإِمَامِ اهـ أج قَوْلُهُ: (لَأَنَّهَا) أَيْ الثَّانِيَةَ مَحَلُّهُمَا أَيْ الْقُنُوتُ وَالتَّشَهُّدُ، وَمَا فَعَلَهُ مَعَ الْإِمَامِ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنَّا وَمِنْ الْمُخَالِفِ، وَحُجَّةٌ لَنَا عَلَى أَنَّ مَا يُدْرِكُهُ مَعَهُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ اهـ أج وَا ط ف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute