آخِرِ صَلَاتِهِ أَوْ أَحْدَثَ هُوَ عَقِبَ اقْتِدَائِهِ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ لِخَبَرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: " سُئِلَ مَا بَالُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إذَا انْفَرَدَ وَأَرْبَعًا إذَا ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ؟ فَقَالَ: تِلْكَ السُّنَّةُ وَلَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ إنْ صَلَّاهَا أَوَّلًا مَقْصُورَةً وَصَلَّاهَا ثَانِيًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيهَا مَقْصُورَةً، أَوْ صَلَّاهَا إمَامًا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَلَوْ اقْتَدَى بِمَنْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا فَبَانَ مُقِيمًا فَقَطْ أَوْ مُقِيمًا ثُمَّ مُحْدِثًا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، أَمَّا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا ثُمَّ مُقِيمًا أَوْ بَانَا مَعًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ إذْ لَا قُدْوَةَ فِي الْحَقِيقَةِ وَفِي الظَّاهِرِ ظَنَّهُ مُسَافِرًا، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ قَاصِرٌ لِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ مُتِمًّا أَتَمَّ الْمُقْتَدُونَ بِهِ كَالْإِمَامِ إنْ عَادَ وَاقْتَدَى بِهِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
صَحَّتْ قُدْوَتُهُ وَلَغَتْ نِيَّةُ الْقَصْرِ. وَأَتَمَّ لِعَدَمِ تَلَاعُبِهِ مَعَ كَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ، فَتَأَمَّلْ أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف.
قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِأَحَدِهِمَا أَيْ الْمُقِيمِ أَوْ مَنْ جَهِلَ سَفَرَهُ قَوْلُهُ: (أَوْ أَحْدَثَ) أَيْ الْإِمَامُ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: أَوْ بَانَ حَدَثُ إمَامِهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْإِمَامِ إبْرَازُهُ خِلَافًا لِلْمَدَابِغِيِّ حَيْثُ رَجَّعَ الضَّمِيرَ لِلْمَأْمُومِ قَوْلُهُ: (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا قَوْلُ صَحَابِيٍّ. وَقَوْلُهُ وَفِعْلُهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا. وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ أَيْ الْمَنْسُوبِ إلَى النَّبِيِّ كَأَنَّ النَّبِيَّ قَالَهُ لِأَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ السُّنَّةُ كَذَا أَوْ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَكَذَا قَوْلُهُ أُمِرْنَا أَوْ نُهِينَا قَوْلُهُ: (تِلْكَ السُّنَّةُ) هُوَ جَوَابٌ بِالْحُكْمِ وَهُوَ لَا يَكْفِي عَنْ الْحِكْمَةِ، فَكَانَ حَقُّ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْإِتْمَامَ بِرَبْطِهَا بِالْمُتِمِّ م د. وَقَوْلُهُ: تِلْكَ السُّنَّةُ أَيْ الطَّرِيقَةُ.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) مُعْتَمَدُ قَوْلِهِ: (وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ) هَذَا لَا يَنْفِي أَنَّهُ مَنْقُولٌ وَأَنَّ غَيْرَهُ قَالَهُ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا نَفَى رُؤْيَتَهُ فَقَدْ وَافَقَ بَحْثُهُ الْمَنْقُولَ. وَفِي الَأُجْهُورِيُّ مَا نَصُّهُ عِبَارَةُ م ر قَدْ تَقْتَضِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي كَلَامِهِمْ وَأَنَّ فِيهَا خِلَافًا، وَعِبَارَتُهُ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ قَصْرِ مُعَادَةٍ صَلَّاهَا أَوْ مَقْصُورَةٍ وَفِعْلِهَا ثَانِيًا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا بِقَاصِرٍ اهـ. قُلْتُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِهَا فِي كَلَامِهِمْ ثُبُوتُ رُؤْيَةِ الْمُؤَلِّفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفِهَا، وَإِنَّمَا حَكَمَ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَمِ رُؤْيَتِهَا وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: بَحْثُ الْمُؤَلِّفِ وَافَقَ الْمَنْقُولَ اهـ قَوْلُهُ: (ثُمَّ مُحْدِثًا) فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَنَوَى الْمُفَارَقَةَ وَأَتَمَّهَا مُنْفَرِدًا فَذَاكَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ عِنْدَ عِلْمِهِ بِحَدَثِ الْإِمَامِ وَدَامَ عَلَى الْمُتَابَعَةِ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَيُعِيدُهَا تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ تَبَيَّنَ الْحَدَثَ بَعْدَ مَا صَلَّاهَا وَفَرَغَ مِنْهَا تَامَّةً فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا تَامَّةً عَلَى كُلِّ حَالٍ، أَيْ وَكَأَنْ دَخَلَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ مُتَطَهِّرًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ الْحَدَثُ، أَمَّا لَوْ دَخَلَ فِيهَا مُحْدِثًا وَأَتَمَّهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لِلْإِمَامِ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا تَفْصِيلُ الْمَأْمُومِ فَبِحَالِهِ قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) لِتَبَيُّنِ مُوجِبِ الْإِتْمَامِ قَبْلَ الْحَدَثِ فِي الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بَانَا مَعًا) بِأَنْ قَالَ لَهُ: شَخْصٌ إمَامُكَ مُحْدِثٌ وَقَالَ لَهُ آخَرُ: إمَامُكَ مُقِيمٌ وَالْقَوْلَانِ مُتَقَارِنَانِ أَيْ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الظَّاهِرِ ظَنَّهُ مُسَافِرًا) بِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: أَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا أَتَمَّ لِعَدَمِ ظَنِّهِ مُسَافِرًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) كَأَنْ رَعَفَ بِتَثْلِيثِ الْعَيْنِ وَهُوَ دَمٌ يَخْرُجُ مِنْ الْأَنْفِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ لِأَنَّهُ مِنْ دَمِ الْمَنَافِذِ وَهِيَ مُخْتَلِطَةٌ بِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يُعْفَى عَنْهَا مُطْلَقًا عَلَى مُعْتَمَدِ م ر. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُعْفَى عَنْ الْقَلِيلِ لِأَنَّ مَا اخْتَلَطَ بِهِ ضَرُورِيٌّ قَوْلُهُ: (مُتِمًّا) أَيْ مِنْ الْمُقْتَدِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَخَرَجَ مَا إذَا اسْتَخْلَفَ قَاصِرًا قَوْلُهُ: (أَتَمَّ الْمُقْتَدُونَ بِهِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوُوا الِاقْتِدَاءَ بِهِ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ بِهِ حُكْمًا بِدَلِيلِ لُحُوقِهِمْ سَهْوُهُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَقَوْلُ الْمَتْنِ: أَنْ لَا يَأْتَمَّ بِمُقِيمٍ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ إذَا كَانَ الْخَلِيفَةُ مِنْ الْمُقْتَدِينَ وَكَانَ مُوَافِقًا لِنَظْمِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَاسْتُخْلِفَ عَنْ قُرْبٍ بِأَنْ لَمْ يَمْضِ قَدْرُ رُكْنٍ. اهـ. ح ف. وَق ل وَعِبَارَةُ م ر مُتِمًّا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِيًا بِهِ أَتَمَّ الْمُقْتَدُونَ الْمُسَافِرُونَ وَلَوْ لَمْ يَنْوُوا الِاقْتِدَاءَ بِهِ لِصَيْرُورَتِهِمْ مُقْتَدِينَ بِهِ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِخْلَافِ، وَمِنْ ثَمَّ لَحِقَهُمْ سَهْوُهُ وَتَحَمَّلَ سَهْوَهُمْ. نَعَمْ لَوْ نَوَوْا فِرَاقَهُ عِنْدَ إحْسَاسِهِمْ بِأَوَّلِ رُعَافِهِ أَوْ حَدَثِهِ قَبْلَ تَمَامِ اسْتِخْلَافِهِ قَصَرُوا كَمَا لَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ هُوَ وَلَا الْمَأْمُومُونَ أَوْ اسْتَخْلَفَ قَاصِرًا اهـ. بِالْحَرْفِ فَالتَّقْيِيدُ لَيْسَ صَحِيحًا. وَقَالَ ق ل: أَتَمَّ الْمُقْتَدُونَ إنْ لَمْ يَحْتَاجُوا إلَى نِيَّةِ اقْتِدَائِهِ كَأَنْ كَانَ مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ وَمُوَافِقًا لِنَظْمِ صَلَاتِهِ وَاسْتَخْلَفَهُ فَوْرًا فِيهِمَا، وَإِلَّا فَإِنْ نَوَوْا الِاقْتِدَاءَ بِهِ أَتَمُّوا وَإِلَّا فَلَا اهـ.
قَوْلُهُ: (كَالْإِمَامِ إنْ عَادَ وَاقْتَدَى بِهِ) أَيْ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِاقْتِدَائِهِ بِمُتِمٍّ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ بَعْضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute