للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي وَقْتِ أَيِّهِمَا شَاءَ) تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا.

وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ، وَالْأَفْضَلُ لِسَائِرِ وَقْتِ أُولَى تَأْخِيرٌ وَلِغَيْرِهِ تَقْدِيمٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ ذَهَبَ إلَى مَنْعِ الْجَمْعِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَتَمَسَّكَ بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ حَنَشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ» وَعَلَيْهِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ، وَرَدَّهُ الشَّافِعِيَّةُ بِضَعْفِ هَذَا الْخَبَرِ لِأَنَّ حَنَشًا الْمَذْكُورَ وَاهٍ جِدًّا كَذَّبَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ وَبِفَرْضِ ثُبُوتِهِ فَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ السَّفَرُ وَالْمَطَرُ كَذَا مَثَّلَ بِهِ الشَّافِعِيُّ لِلْعُذْرِ، وَعَلَيْهِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ أَيْضًا وَأَنَّهُ بِالْعِشَاءَيْنِ اهـ.

قَوْلُهُ: (صَلَاتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إلَخْ) وَلَا جَمْعَ عَلَى الْأَوْجَهِ مَنْ تَرَدَّدَ فِي الْخَادِمِ فِيمَا لَوْ نَذَرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَقْتَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا وَقْتَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِمَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بِأَنْ يُصَلِّيَ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ، فَالنَّذْرُ إنَّمَا يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ الشَّرْعِ فِي الْعَزَائِمِ دُونَ الرُّخَصِ وَإِلَّا لَجَازَ الْقَصْرُ فِيهِ اهـ إيعَابٌ اهـ أج قَوْلُهُ: (تَقْدِيمًا) أَيْ فِي وَقْتِ الْأُولَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِمَا بِتَمَامِهِمَا فِي الْوَقْتِ، فَلَا يَكْفِي إدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ فِيهِ شَيْخُنَا ح ف. لَكِنْ نَقَلَ سم عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي إدْرَاكُ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ وَعِبَارَتُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ إنْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُ الْمَغْرِبَ وَدُونَ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِشَاءِ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَ الْعُذْرِ. وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي جَوَازُ الْجَمْعِ، قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ مَا يَأْتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بِوُقُوعِ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهُ، فَلَمَّا اكْتَفَى بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِذَلِكَ فِي الْوَقْتِ قَوْلُهُ: (وَتَأْخِيرًا) أَيْ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ شَمِلَ الْمُتَحَيِّرَةَ وَفَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوَهُمَا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَمْعَيْنِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بِحَالٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ وُقُوعُ الْأُولَى مَعَ التَّأْخِيرِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَقَعَ فِي الظُّهْرِ لَوْ فَعَلَتْهَا فِي وَقْتِهَا. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ) أَيْ كَأَنْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ قَرْيَةً بِطَرِيقِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ الظُّهْرُ، لَكِنْ لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ مَعَهُمْ فَيَجُوزُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَجْمَعَ الْعَصْرَ مَعَهَا تَقْدِيمًا اط ف. وَقَوْلُهُ: فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَيْ وَيَمْتَنِعُ جَمْعُهَا تَأْخِيرًا لِأَنَّهَا لَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَعِبَارَةُ ع ش: وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ، أَيْ إذَا لَمْ نَشُكَّ فِي صِحَّتِهَا، أَمَّا إذَا شَكَكْنَا فِي صِحَّتِهَا فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَهُوَ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى اهـ قَوْلُهُ: (وَالْأَفْضَلُ لِسَائِرِ وَقْتٍ أُولَى) هَذَا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَمَا الْأَفْضَلُ مِنْهُمَا؟ فَقَالَ: وَالْأَفْضَلُ لِسَائِرِ وَقْتٍ أُولَى إلَخْ. أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سَائِرًا وَقْتَ الثَّانِيَةِ أَوْ نَازِلًا. وَقَوْلُهُ: (وَلِغَيْرِهِ تَقْدِيمٌ) وَهُوَ مَنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَ نَازِلًا وَقْتَ الثَّانِيَةِ أَوْ سَائِرًا، فَيَكُونُ التَّقْدِيمُ فِي صُورَتَيْنِ أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ فِيمَا إذَا كَانَ نَازِلًا فِيهِمَا، بَلْ أَفْضَلُ فِيهَا التَّأْخِيرُ فَتُضَمُّ إلَى الِاثْنَيْنِ فَيَكُونُ التَّقْدِيمُ فِي صُورَةٍ وَالتَّأْخِيرُ فِي ثَلَاثَةٍ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَالْأَفْضَلُ أَيْ لِمَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ، فَلَا يُقَالُ تَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ فَهَذَا تَفْصِيلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَفْضُولِ كَأَنْ يُقَالَ: زَيْدٌ أَفْضَلُ الْعُلَمَاءِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَمَتَى صَحِبَ أَحَدَ الْجَمْعَيْنِ كَمَالٌ خَلَا عَنْهُ الْآخَرُ كَانَ الْمُقْتَرِنُ بِهِ أَفْضَلَ كَمَا فِي ز ي كَأَنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْجَمْعَيْنِ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ وَالْآخَرِ بِالتَّيَمُّمِ، أَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا يَجِدُ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ وَفِي الْآخَرِ يُصَلِّي مَكْشُوفَهَا، أَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا مَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً وَفِي الْآخَرِ يُصَلِّي فُرَادَى قَوْلُهُ: (وَلِغَيْرِهِ) بِأَنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَ الْأُولَى سَائِرًا وَقْتَ الثَّانِيَةِ، أَوْ نَازِلًا فِيهِمَا أَوْ سَائِرًا فِيهِمَا هَكَذَا يَقْتَضِيه كَلَامُهُ، فَيَكُونُ التَّقْدِيمُ أَفْضَلَ تَقْدِيمًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ النَّازِلَ فِيهِمَا جَمْعُهُ تَأْخِيرًا أَفْضَلُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ سَائِرًا فِيهِمَا لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى فِي حَالَةِ الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ، وَوَقْتُ الْأُولَى لَا يَكُونُ وَقْتًا لِلثَّانِيَةِ إلَّا فِي حَالَةِ الْعُذْرِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَطَرٍ. وَلَوْ قَالَ: وَالْأَفْضَلُ لِنَازِلٍ فِي وَقْتِ أُولَى سَائِرٍ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ تَقْدِيمٌ وَلِغَيْرِهِ أَيْ مِنْ سَائِرٍ وَقْتَ الْأُولَى أَوْ فِيهِمَا أَوْ نَازِلٍ فِيهِمَا تَأْخِيرٌ لَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>