للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامُ جَمَاعَةً يَنْتَظِرُونَهَا وَاشْتَغَلَ مَعَ الْبَاقِينَ بِغَيْرِهَا وَالْعِيدُ مَعَ الْكُسُوفِ كَالْفَرْضِ مَعَهُ لِأَنَّ الْعِيدَ أَفْضَلُ مِنْهُ، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُمَا مَعًا بِالْخُطْبَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ وَالْقَصْدُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ مَعَ أَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلْمَقْصُودِ فَلَا تَضُرُّ نِيَّتُهُمَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اتِّسَاعِ وَقْتِ الْفَرْضِ، قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ. اهـ. عَمِيرَةُ ز ي. قَالَ ح ل: وَهَذَا مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ يَسِيرًا لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَنْبَغِي مَنْعُهُ، فَلَوْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ عَلَى الْفَرْضِ وَإِنْ خِيفَ فَوْتُ وَقْتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْعِيدُ مَعَ الْكُسُوفِ كَالْفَرْضِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ مِنْهُمَا مَا خِيفَ فَوْتُهُ، فَإِنْ خِيفَ فَوْتُهُمَا مَعًا قُدِّمَ الْعِيدُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْكُسُوفِ.

قَوْلُهُ: (وَالْقَصْدُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ) وَهُوَ الْوَعْظُ. قَوْلُهُ: (مَعَ أَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلْمَقْصُودِ) وَهُوَ الصَّلَاةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرَاعِي الْعِيدَ فَيُكَبِّرُ فِي الْخُطْبَةِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ حِينَئِذٍ لَا يُنَافِي الْكُسُوفَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فِي خُطْبَتِهِ لَا أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ فِيهَا شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ الزَّلَازِلِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالزَّلَازِلُ الشَّدَائِدُ، وَقَوْلُهُ: " كَالصَّوَاعِقِ " قَالَ فِيهِ الصَّاعِقَةُ نَارٌ تَسْقُطُ مِنْ السَّمَاءِ فِي رَعْدٍ شَدِيدٍ، يُقَالُ صَعَقَتْهُمْ السَّمَاءُ مِنْ بَابِ قَطْعَ إذَا أَلْقَتْ عَلَيْهِمْ الصَّاعِقَةُ، وَالصَّاعِقَةُ أَيْضًا صَيْحَةُ الْعَذَابِ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الصَّاعِقَةَ ثَلَاثَةٌ الْمَوْتُ، كَقَوْلِهِ: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} [الزمر: ٦٨] وَالْعَذَابُ كَقَوْلِهِ: {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: ١٣] وَالنَّارُ كَقَوْلِهِ: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ} [الرعد: ١٣] وَتُطْلَقُ الصَّاعِقَةُ مَجَازًا عَلَى قَصْفَةٍ رَعْدُهَا هَائِلٌ مَعَهَا نَارٌ لَا تَمُرُّ بِشَيْءٍ إلَّا أَتَتْ عَلَيْهِ، وَالْقَصْفَةُ صَوْتُ الرَّعْدِ أَوْ شِدَّةُ صَوْتِهِ؛ وَأَصْلُ الْقَصْفِ الْكَسْرُ، وَمَعْنَى أَتَتْ عَلَيْهِ أَهْلَكَتْهُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَيْضَاوِيُّ مَسْأَلَةٌ: هَلْ لِلزَّلْزَلَةِ سَبَبٌ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ `: نَعَمْ قَالَ الشَّبْرَخِيتِيُّ عَنْ الْقَزْوِينِيِّ: وَسَبَبُ الزَّلْزَلَةِ أَنَّ بَعُوضَةً خَلَقَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسَلَّطَهَا عَلَى الثَّوْرِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَرْضُ فَهِيَ تَطِيرُ أَبَدًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا دَخَلَتْ أَنْفَهُ حَرَّكَ الثَّوْرُ رَأْسَهُ فَيَتَحَرَّكُ جَانِبٌ مِنْ جَوَانِبِ الْأَرْضِ؛ وَيُقَالُ إنَّ عُرُوقَ جَبَلِ ق ذَاهِبَةٌ فِي أُصُولِ بِلَادِ الْأَرْضِ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعَذِّبَ أَهْلَ بَلْدَةٍ أَمَرَ مَلَكًا بِتَحْرِيكِ ذَلِكَ الْعِرْقِ الَّذِي هُوَ رَاسِخٌ تَحْتَهَا فَتُزَلْزَلُ تِلْكَ الْبَلْدَةُ. وَجَبَلُ ق هُوَ الْمُحِيطُ بِالدُّنْيَا. وَحَدِيثُ الثَّوْرِ ضَعِيفٌ، بَلْ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ. وَقِيلَ: سَبَبُ الزَّلْزَلَةِ تَحْرِيكُ الْحُوتِ. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ الزَّلْزَلَةَ وَكُسُوفَ الشَّمْسِ مِنْ تَجَلِّي الرَّبِّ تَعَالَى. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: رَجَفَتْ الْمَدِينَةُ فِي حَيَاةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذَا لَا يَكُونُ فِي بَلْدَةٍ حَتَّى يَكْثُرَ فِيهَا الزِّنَا وَالرِّبَا، فَإِذَا رَجَفَتْ ثَانِيَةً لَمْ أَقُمْ بَيْنَ ظَهْرَانِيكُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا زُلْزِلَتْ ثَانِيَةً حَتَّى قُبِضَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ. وَقَدْ وَقَعَتْ الزَّلْزَلَةُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ ثُمَّ فِي عَهْدِ عَلِيٍّ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمِيرًا عَلَى الْبَصْرَةِ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ. وَفِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ الْمُتَوَكِّلِ كَانَتْ زَلْزَلَةٌ مَهُولَةٌ بِدِمَشْقَ سَقَطَتْ مِنْهَا دُورٌ وَهَلَكَ تَحْتَهَا خَلْقٌ وَامْتَدَّتْ إلَى أَنْطَاكِيَّةَ فَهَدَمَتْهَا وَإِلَى الْجَزِيرَةِ فَأَخْرَبَتْهَا، وَإِلَى الْمُوصِلِ فَيُقَالُ هَلَكَ مِنْ أَهْلِهَا خَمْسُونَ أَلْفًا. وَفِي سَنَةِ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فِي خِلَافَتِهِ أَيْضًا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ زَلْزَلَةً عَظِيمَةً بِتُونِسَ وَأَعْمَالِهَا وَنَيْسَابُورَ وَطَبَرِسْتَانَ وَأَصْبَهَانَ وَتَقَطَّعَتْ جِبَالٌ وَتَشَقَّقَتْ الْأَرْضُ بِقَدْرِ مَا يُدْخِلُ الرِّجْلَ فِي الشَّقِّ. وَفِي سَنَةِ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ فِي خِلَافَتِهِ أَيْضًا عَمَّتْ الزَّلَازِلُ الدُّنْيَا فَأَخْرَبَتْ الْمُدُنَ وَالْقِلَاعَ وَالْقَنَاطِرَ وَسَقَطَ مِنْ أَنْطَاكِيَّةَ جَبَلٌ فِي الْبَحْرِ، وَسُمِعَ مِنْ السَّمَاءِ أَصْوَاتٌ هَائِلَةٌ وَزُلْزِلَتْ مِصْرُ، وَسَمِعَ أَهْلُ بُلْبَيْسٍ مِنْ نَاحِيَةِ مِصْرَ صَيْحَةً هَائِلَةً فَمَاتَتْ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِ بُلْبَيْسٍ وَغَارَتْ عُيُونُ مَكَّةَ. وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ زُلْزِلَتْ مِصْرُ زَلْزَلَةً صَعْبَةً هَدَمَتْ الْبُيُوتُ وَدَامَتْ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ. وَكَانَتْ زَلْزَلَةٌ لَطِيفَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَةَ عَشْرَ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ خِتَامَ سَنَةِ ثَمَانٍ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>