للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ التَّطْرِيفَ مَحِلُّ الْحَاجَةِ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ لِلزِّيَادَةِ عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُرُورِ أَيَّامَ الزِّينَةِ كَانَ وَرَعًا كَمَا قَالَهُ م ر وَلَوْ أُكْرِهَ النَّاسُ عَلَى الزِّينَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِمْ، وَهَلْ يَجُوزُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ؟ الَّذِي يَتَّجِهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْجُدَرَانِ بِالْحَرِيرِ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ، وَعَدَمُ حُرْمَةِ وَضْعِهِ لِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْحُرْمَةِ فِي نَفْسِهِ، وَمَا هُوَ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رِضًا بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ ع ش: وَيَحْرُمُ الْقَاوُوقُ إذَا كَانَتْ بِطَانَتُهُ وَظِهَارَتُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَرِيرٌ وَلَا بُدَّ مِنْ خِيَاطَةِ غِطَاءٍ يَعُمُّ بِطَانَتَهُ وَظِهَارَتَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَرِيرًا فَقَطْ فَالْعِبْرَةُ بِهِ فِي الْخِيَاطَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ مِثْلُ اللِّحَافِ؛ وَيَحْرُمُ الْكِتَابَةُ عَلَى الْحَرِيرِ وَلَوْ نَحْوِ صَدَاقٍ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْكِتَابَةُ مِنْ الرَّجُلِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ لِلصَّدَاقِ فِي الْحَرِيرِ فَلَا حُرْمَةَ وَلَوْ لِلرَّجُلِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَدَابِغِيُّ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْبَابِلِيِّ وَأَقَرَّهُ وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَبَحَثَ م ر أَنَّ كِتَابَةَ اسْمِهَا عَلَى ثَوْبِهَا الْحَرِيرِ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا فِي حِفْظِهِ جَازَ فِعْلُهَا لِلرَّجُلِ وَإِلَّا فَلَا، وَيَحِلُّ لَهُمَا تَحْلِيَةُ الْمُصْحَفِ بِالْفِضَّةِ وَلَهَا بِالذَّهَبِ أَيْضًا وَكِتَابَتُهُ كَذَلِكَ وَقَدْ سُئِلَ م ر عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ جَوَازِ كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ حَتَّى لِلرِّجَالِ وَحُرْمَةِ تَحْلِيَتِهِ بِالذَّهَبِ لِلرَّجُلِ؛ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ كِتَابَتَهُ رَاجِعَةٌ لِنَفْسِ حُرُوفِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ تَحْلِيَتِهِ فَالْكِتَابَةُ أَدْخَلُ فِي التَّعَلُّقِ بِهِ اهـ وَخَرَجَ بِالْمُصْحَفِ كُتُبُ الْحَدِيثِ وَغَيْرُهَا وَالْكَعْبَةُ وَقُبُورُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ فَلَا يَحِلُّ فِيهَا ذَلِكَ؛ وَكَالتَّحْلِيَةِ التَّمْوِيهُ فَلَا يَحِلُّ، وَالتَّحْلِيَةُ وَضْعُ قِطَعِ النَّقْدِ الرِّقَاقِ مُسَمَّرَةً عَلَى الشَّيْءِ، وَالتَّمْوِيهُ إذَابَتُهُ وَالطِّلَاءُ بِهِ، وَمِنْ التَّمْوِيهِ الْقَصَبُ الَّذِي فِي أَطْرَافِ الشَّاشَاتِ فَإِنَّهُ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا يُحَرَّمُ ز ي {تَنْبِيهٌ} : يُعْلَمُ مِنْ هُنَا وَمَا يَأْتِي فِي زَكَاةِ النَّقْدِ أَنَّ الْمَحْمَلَ الْمَشْهُورَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ وَلَا تَحِلُّ الْفُرْجَةُ عَلَيْهِ وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ كِسْوَةُ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَا الذَّهَبُ الَّذِي عَلَى الْكُسْوَةِ وَالْبُرْقُعِ؛ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَأَوَّلُ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ عَدْنَانُ بْنُ دَاوُد، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَشْتَرِكُ فِي كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ حَتَّى نَشَأَ أَبُو رَبِيعَةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ لَقُرَيْشٍ: أَنَا أَكْسُو الْكَعْبَةَ سَنَةً وَحْدِي وَجَمِيعُ قُرَيْشٍ سَنَةً؛ أَيْ وَقِيلَ: كَانَ يُخْرِجُ نِصْفَ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ إلَى أَنْ مَاتَ فَسَمَّتْهُ قُرَيْشٌ الْعِدْلَ لِأَنَّهُ عَدَلَ قُرَيْشًا وَحْدَهُ فِي كُسْوَةِ الْكَعْبَةِ، وَيُقَالُ لِبَنِيهِ بَنُو الْعِدْلِ وَكَانَتْ كِسْوَتُهَا لَا تُنْزَعُ، فَكَانَ كُلَّمَا تُجَدَّدُ كِسْوَةٌ تُجْعَلُ فَوْقَ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ كَسَاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثِّيَابَ الْيَمَانِيَّةَ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: أَوَّلُ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ الْقَبَاطِيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَسَاهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ الْقَبَاطِيَّ، وَكَسَاهَا مُعَاوِيَةُ الدِّيبَاجَ وَالْقَبَاطِيَّ وَالْحَبَرَاتِ، فَكَانَتْ تُكْسَى الدِّيبَاجَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَالْقَبَاطِيَّ فِي آخِرِ رَمَضَانَ وَكَسَاهَا الْمَأْمُونُ الدِّيبَاجَ الْأَحْمَرَ وَالدِّيبَاجَ الْأَبْيَضَ وَالْقَبَاطِيَّ وَالْقَبَاطِيُّ نَوْعٌ مِنْ الْحَرِيرِ فَكَانَتْ تُكْسَى الْأَحْمَرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْقَبَاطِيَّ يَوْمَ هِلَالِ رَجَبٍ وَالدِّيبَاجَ الْأَبْيَضَ يَوْمَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَكَذَا كَانَتْ تُكْسَى فِي زَمَنِ الْمُتَوَكِّلِ الْعَبَّاسِيِّ، ثُمَّ فِي زَمَنِ النَّاصِرِ الْعَبَّاسِيِّ كُسِيَتْ السَّوَادَ مِنْ الْحَرِيرِ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى الْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ؛ وَكُسْوَتُهَا مِنْ غَلَّةِ قَرْيَتَيْنِ يُقَالُ لَهُمَا بِيسُوسُ وَسَنْدَبِيسُ مِنْ قُرَى الْقَاهِرَةِ، وَقَفَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ إسْمَاعِيلُ بْنُ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بْنِ قَلَاوُونَ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَالْآنَ زَادَتْ الْقُرَى عَلَى هَاتَيْنِ الْقَرْيَتَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ كَسَاهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ تُبَّعٌ الْحِمْيَرِيُّ عَلَى الرَّاجِحِ، وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِتِسْعِمِائَةِ سَنَةٍ وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ كَسَاهَا الدِّيبَاجَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَنْ كَسَاهَا الدِّيبَاجَ الْحَجَّاجُ، لِأَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ: هَلْ يَجُوزُ كِسْوَةُ الْكَعْبَةِ بِالْحَرِيرِ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ وَيَجُوزُ إظْهَارُهَا فِي دَوْرَانِ الْمَحْمَلِ الشَّرِيفِ؟ فَأَجَابَ بِجَوَازِ ذَلِكَ، قَالَ: لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْظِيمِ لِكُسْوَتِهَا الْفَاخِرَةِ الَّتِي تُرْجَى بِكُسْوَتِهَا الْخُلَعُ السَّنِيَّةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَجُوزُ إظْهَارُهَا فِي دَوَرَانِ الْمَحْمَلِ الشَّرِيفِ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ التَّفْخِيمَ الْمُنَاسِبَ لِلْحَالِ الْمُنِيفِ اهـ مِنْ السِّيرَةِ الْحَلَبِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (مَحِلُّ الْحَاجَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَصُونَ الثَّوْبَ عَنْ الْقَطْعِ وَنَحْوِهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ) قَدْ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحَاجَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>